إيران وإحياء الاتفاق النووي.. "الخطوط الحمراء" لا تزال باقية
فيما تقول إيران إنها حصلت على تنازلات بشأن إحياء اتفاقها النووي، ينفي مسؤولون أمريكيون حصول ذلك، معتبرين أن طهران تظهر عكس ما تخفي.
مسؤول أمريكي قال في مقابلة صحفية، إن "التقارير المنشورة عن قبولنا أو استعدادنا لتقديم تنازلات لإيران للعودة إلى الاتفاق النووي خاطئة تمامًا".
وأضاف المسؤول الذي نقل عنه إعلام إيراني، اليوم السبت، تأكيده: "كنا نراجع رد طهران على اقتراح أوروبا وحافظنا على اتصالاتنا المنتظمة مع الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أنه "لا صحة لتقديم تنازلات لإيران".
وفي سياق متصل، قالت المتحدثة السابقة باسم الخارجية الأمريكية مورغان أورتاغوس، اليوم، إن "لدى إدارة بايدن وجهة نظر مختلفة عن الشرق الأوسط، وبينما النظام الإيراني في وضع سيئ، فإنه يريد توفير الأموال وزيادة الإرهاب في المنطقة والعالم".
وأضافت أورتاغوس أن "مستقبل أي اتفاق مرهون بطهران. إذا لم يوقفوا سلوكهم في الشرق الأوسط ودعم الإرهاب، فلن يكون هناك اتفاق نووي مستدام، ويمكن لإيران أن تتصرف كدولة ناضجة".
خط أحمر يتوارى
وفي هذا الإطار، رضخت طهران لصرامة واشنطن في التعاطي مع إحياء الاتفاق النووي، حيث نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مسؤول رفيع المستوى في إدارة بايدن قوله إن إيران تخلت رسميًا عن مطلب وشرط رئيسي من أحد "الخطوط الحمراء"، والذي كان عقبة رئيسية في الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي".
وأشار إلى أن إيران لم تطلب في هذا النص شطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لوزارة الخارجية الأمريكية، مع أن ذلك كان من شروطها المحورية.
وأوضح أنه "في النسخة الحالية من النص التي قدمها الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي ورد طهران عليها، وجدنا أن الأخيرة تخلت عن رفع الحرس الثوري عن قائمة المنظمات الإرهابية"، لافتا إلى أن "الولايات المتحدة رفضت الطلب مرارًا وتكرارًا، ونحن أقرب إلى اتفاق لهذا السبب".
وبحسب المسؤول الأمريكي، فإن إيران تنازلت أيضًا عن طلبات شطب عدة شركات مرتبطة بالحرس الثوري من قائمة العقوبات.
وتابع أن بايدن أكد بحزم وثبات أنه لن يزيل الحرس الثوري الإيراني من لائحة المنظمات الإرهابية، مشيراً إلى أنه في حين أن الصفقة الآن "أقرب مما كانت عليه قبل أسبوعين، فإن النتيجة لا تزال غير مؤكدة لأن بعض الاختلافات لا تزال قائمة".
وتوقع المسؤول أن "يوافق بايدن فقط على اتفاقية تخدم مصالح أمننا القومي، وإن التقدم قد يتباطأ من هذه النقطة فصاعداً".
معارضة الجمهوريين
ووفقاً لتقرير شبكة "سي إن إن" الأمريكية، لا يزال الجمهوريون يعارضون بشدة عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، حتى لو لم يعد شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الجماعات الإرهابية جزءًا من الاتفاقية.
وازدادت هذه المعارضة في الأسابيع الأخيرة مع اتهام وزارة العدل لرجل إيراني بالتآمر لقتل جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، ومهاجمة العالم البريطاني من أصول هندية سلمان رشدي في نيويورك، مؤلف كتاب "آيات شيطانية" الذي أفتى مؤسس النظام الإيراني الراحل روح الله الخميني بقتله.
ويقول الجمهوريون أيضًا إنهم سيحاولون منع أي تخفيف للعقوبات قد تحصل عليه إيران للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
وقال تيد كروز، السناتور الجمهوري عن ولاية تكساس، للشبكة، إن "الصفقة ترفع العقوبات عن الاقتصاد الإيراني وتضع مئات المليارات من الدولارات في أيدي الحكومة، حتى في الوقت الذي تحاول فيه طهران مطاردة وقتل المسؤولين الأمريكيين السابقين وخصومها على الأراضي الأمريكية".
وأكد السناتور الجمهوري أنه ملتزم بمنع هذا الاتفاق "الكارثي".
وفي غضون ذلك، قال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية للشبكة، إن واشنطن نقلت وجهات نظرها بشكل خاص حول رد إيران على الأوروبيين، فيما أشار مسؤول آخر إلى أن الولايات المتحدة لم ترد رسميًا بعد على مسودات الاتحاد الأوروبي وإيران.
وفي الجولة الأخيرة من المفاوضات لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا، عقدت محادثات بين الدول المشاركة في الاتفاق على النص الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي لإحياء هذه الاتفاقية، وعادت الوفود المفاوضة إلى بلدانها للتشاور.
فيما قدمت إيران يوم الاثنين الماضي ردها على "النص النهائي" الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي.
وأفادت مصادر إعلامية بأن إلغاء العقوبات الإيرانية سيكون على مرحلتين وأربع مراحل في إطار تنشيط خطة العمل الشاملة المشتركة، وسيتم تنفيذ عملية إلغاء العقوبات على مرحلتين لمدة 60 يومًا وأربع مراحل.
وقالت مصادر مطلعة، في تصريحات إعلامية، إن الولايات المتحدة ستضمن لإيران أنها ستتمكن من بيع 50 مليون برميل من نفطها في غضون 120 يومًا، كما سيتم الإفراج عن 7 مليارات دولار من أصول إيران المجمدة في كوريا الجنوبية، ورفع العقوبات المفروضة على 17 مصرفا و150 مؤسسة اقتصادية إيرانية.
لكن الحساب الرسمي لمجلس الأمن القومي الأمريكي على تويتر قال ردًا على هذه المزاعم، إنه "لا شيء صحيح هنا. لن نقبل أبدا مثل هذه الشروط. كما أننا لن نترك الاتفاق الذي كان يعمل من أجل أن تسرع إيران برنامجها النووي".
خسائر ومزاعم
وفي سياق آخر، كشفت وسائل إعلام إيرانية شبه رسمية، أن طهران خسرت 350 مليار دولار من الصادرات النفطية بسبب انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي.
وأضافت أنه "في العقد الماضي، أضرت العقوبات باقتصاد البلاد بـ350 مليار دولار، ولو لم تكن هناك عقوبات، لكان دخل النفط الإيراني 750 مليار دولار، لكن منذ عام 2012، لم تصدر إيران سوى 380 مليار دولار من النفط".
وأمس الجمعة، زعم ممثل المرشد الإيراني في محافظة أصفهان وخطيب صلاة الجمعة، أبو الحسن مهدوي، أن بلاده ليست بحاجة ماسة لإحياء الاتفاق النووي.
وقال مهدوي للمصلين: "على الرغم من إجراء العديد من التحسينات في مختلف المجالات، إلا أن الضغط الاقتصادي على الناس في بعض الأحيان لا يسمح برؤية التقدم ويتوقع الناس اتخاذ تدابير حاسة في هذا الصدد".
واعترف مهدوي بتسارع ارتفاع معدلات التضخم، لكنه زعم أن "تجاوز الصادرات على الواردات، وتضاعف الصادرات النفطية خمس مرات، والتغيرات في العلاقات مع الجيران، وإزالة الدولار في بعض التبادلات، وتخليص الصادرات والواردات من إنجازات حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي، ولهذا لا نحتاج كثيراً للوصول إلى خطة لإحياء الاتفاق النووي".
aXA6IDMuMTI5LjI0OS4xNzAg جزيرة ام اند امز