خطة إحياء الاتفاق النووي.. الخلافات تضرب معسكر المتشددين في إيران
مع حديث عن اقتراب إيران والغرب من إبرام صفقة لإحياء الاتفاق النووي، تصاعدت حدة خلافات معسكر التيار المتشدد بشأنها وضمانات استمرارها.
وتزايدت هذه الخلافات بعد الجلسة المغلقة التي عقدها البرلمان الإيراني، الأربعاء، واستمرت 3 ساعات وحضرها كبار المسؤولين في حكومة إبراهيم رئيسي، بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، وكبير المفاوضين علي باقري كني، ومستشار المرشد الإيراني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني.
- الاتفاق النووي.. 3 شروط إيرانية على الصيغة الأوروبية
- لمناقشة الاتفاق النووي.. جلسة طارئة لبرلمان إيران
وحمل "عباس رنجبر" مدير المكتب الإعلامي لعضو مجلس الأمن القومي السياسي المتشدد سعيد جليلي، الرئيس إبراهيم رئيسي، وباقري كني المسؤولية المباشرة عن عواقب إحياء الاتفاق النووي.
وقال رنجبر في تغريدة له عبر "تويتر"، إن "إحياء روح خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) والأطروحة المخزية لحل سبل العيش من خلال التسوية في أذهان الناس؛ وتكييف الاقتصاد وتطبيق العقوبات الذاتية على المؤسسات المحلية".
وأضاف رنجبر وهو يهاجم رئيسي وباقري كني: "أنتما مسؤولان بشكل مباشر عن عواقب هذا القرار".
ما الذي لم يتم الاتفاق عليه؟
ما يمكن استخلاصه من تصريحات حسين أمير اللهيان وزير خارجية إيران، مؤخراً أنه "تم الاتفاق على القضايا الخلافية، بغض النظر عن موضوع الضمانات ما زالت إيران وأمريكا تقدمان وجهات نظر مختلفة".
وفي هذا الصدد، قال إبراهيم باقري، الخبير الإيراني في الشؤون الدولية في حديث مع وكالة "تابناك"، إن "ما يتضح من تصريحات مسؤولي بلادنا، خاصة كلام وزير الخارجية، الإثنين، هو أنه تم الاتفاق على قضايا مهمة، مثل القضايا الأمنية المتعلقة بنشاط الأسلحة النووية الإيرانية، وكذلك الخلاف حول عقوبات الحرس الثوري الإيراني".
وأضاف باقري: "القضية الوحيدة الخلافية التي لم يتم التوصل إليها بعد هي قضية الضمانات التي تركز عليها إيران، وهي قضية مهمة ومبدئية، والظاهر أن الأمريكيين أبدوا مرونة في هذا الصدد أكثر مما كانت عليه في الماضي، وربما تتوصل طهران وواشنطن على الأرجح إلى اتفاق في هذا الشأن أيضا".
وأضاف الخبير في القضايا الدولية: "يبدو أن الخلافات الطفيفة المتبقية لا يمكن أن تمنع الاتفاق؛ ومع ذلك فإن الاتفاقية تخضع لحل جميع النزاعات المتبقية".
وكان عبداللهيان قال أمام مجموعة من الصحفيين الإيرانيين إن "طهران أبدت المرونة اللازمة لتحقيق ذلك (إحياء الاتفاق النووي)، وعلى أمريكا أن تبدي المرونة اللازمة".
هل يحدث اتفاق؟
وعند سؤاله عن وجود حالة من التشاؤم لدى بعض المسؤولين الإيرانيين من إمكانية إحياء الاتفاق النووي، قال باقري: "من موقف السلطات في إيران، نحن أقرب إلى اتفاق من أي وقت مضى، وإذا لم يحدث شيء خاص، يجب أن نشهد الإعلان عن اتفاق في فيينا الأسبوع المقبل".
البرلمان لا يعلم شيئا
وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان أبوالفضل عمويي، الخميس، أنه بالنظر إلى التقدم الذي تم إحرازه في عملية المفاوضات النووية في الأسابيع الأخيرة، من الضروري إبلاغ أعضاء البرلمان بالتطورات والقضايا.
وقال عمويي لوكالة أنباء "موج نيوز"، إن "الجلسة التي جرى عقدها، الأربعاء، لم تتطرق إلى مسودة وبنود الاتفاق النووي المقترحة من الاتحاد الأوروبي والتي ردت عليها إيران، بل تناولت التطورات الأخيرة للمفاوضات".
وأضاف: "إنني أؤكد أننا في طريقنا للتوصل إلى اتفاق، لكننا لم نتوصل إلى اتفاق بعد، رغم أن الطريق ليس طويلاً، وإذا كانت الإرادة جادة فسيتم بسرعة كبيرة".
مطالب تعقد الأجواء
من جانبها، رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن الأجواء أصبحت معقدة في إحياء الاتفاق النووي بسبب مطالب إيران.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها، إن "مطالب إيران للحصول على تأكيدات من الولايات المتحدة مرة أخرى ستؤدي إلى تعطيل الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، مما جعل واشنطن والعواصم الأوروبية غير متأكدة من جدوى الصفقة".
سخرية من ضمانات إيران
وفي سياق متصل، سخرت صحيفة "كيهان" الممولة من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، من الضمانات التي تقدمت بها طهران للولايات المتحدة في حال قامت الأخيرة بالانسحاب مجدداً من الاتفاق النووي كما حدث عام 2018.
وقالت الصحيفة في مقال افتتاحي لها كتبه رئيس تحرير الصحيفة المتشدد "حسين شريعتمداري"، الخميس، "إن تقديم إيران طلبا للولايات المتحدة بدفع تعويضات في حال تكرر انسحابها من الاتفاق النووي بعد إحيائه، مطلب لا قيمة له".
وتابع: "لنفترض قبول أمريكا لهذا العرض، ما هو الضمان بأنها ستدفع تعويضات إذا خالفت التزاماتها في الاتفاق النووي".
وطالب شريعتمداري من المسؤولين الإيرانيين اشتراط انسحاب طهران من معاهدة حظر الانتشار النووي المعروفة بـ"NPT" في حال أقدمت الولايات المتحدة على الانسحاب من الاتفاق النووي أو انتهاكه.
وأكد وجود خلافات بين طهران وواشنطن في مسودة الاتفاقية التي قدمها جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، مبيناً أن "هذه الخلافات لا تزال تشمل الضمانات الأمريكية وإلغاء العقوبات والملف المتعلق بالنشاطات النووية الإيرانية السابقة والحالية المسمى PMD (مزاعم الأبعاد العسكرية المحتملة)، بالإضافة إلى عمليات تفتيش مكثفة وشاملة للتأكد من أن إيران لم ولن تتابع إنتاج أسلحة نووية".
خلاف بين مؤيدي رئيسي
من جانبه، اعتبر البرلمان الإيراني السابق والمحلل السياسي المحسوب على معسكر الإصلاحيين، حشمت الله فلاحت بشه، إن هناك خلافا بين مؤيدي إبراهيم رئيسي وأعضاء في حكومته بشأن خطة إحياء الاتفاق النووي.
ويرى فلاحت بشه أنه "كلما تحركت السياسة العامة للبلاد نحو التهدئة فينبغي الترحيب بها، لكن هناك أعضاء في حكومة رئيسي لا يريدون ذلك".
وأضاف: "أعتقد أن رد إيران يعني قبول نص بوريل، لكن سلسلة من المخاوف بشأن العقوبات لم يتم رفعها، ويجب أن يدرج التعهدات الأمريكية في النص".
وقال هذا المحلل السياسي: "هذا يعني أنه لا يوجد مانع لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة وتم توفير الأرضية لإحيائها، هذا يعتمد على عاملين هما أن الأمريكيين إما سيأخذون مبادرة خاصة بهم أو يقبلون مبادرة وسيطة من الاتحاد الأوروبي لمعالجة مخاوف إيران".
الحرب الباردة بين إيران وأمريكا
وحول توجه إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاقات في الساحة الدولية بعد إحياء الاتفاق النووي، قال فلاحت بشه: "الحرب الباردة بين البلدين سوف تستمر"، مضيفا: "الاتفاق ليست في صالح أي طرف، ويجب على الطرفين النظر في بعض مخاوف الطرف الآخر من أجل التوصل إلى اتفاق يربح فيه الجميع".
وبين فلاحت بشه أن "ما تعنيه إيران برفع العقوبات هو استخدام القدرات الاقتصادية التي ستواصل التحدي السياسي بين إيران والولايات المتحدة وتحدي الحرب الباردة بين الجانبين، لكن ربما في المستقبل ستقرر الأطراف وقف تصعيد الحرب الباردة، لكن تنشيط خطة العمل الشاملة المشتركة لا يعني وقف التصعيد في المجالين السياسي والعسكري، المهم بالنسبة لإيران هو أن العقوبات لا تفرض حظرًا على الأنشطة الاقتصادية".
وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن واشنطن ما زالت تراجع رد إيران والطلبات التي تلقتها عبر الاتحاد الأوروبي.
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4xNjQg جزيرة ام اند امز