أيهما أقصر طريقاً وأوفرها تكلفة وأكثرها سلماً.. أن تتوقف إيران عن تهديداتها وتعتذر عنها وتتأدب مع جيرانها؟
أيهما أقصر طريقاً وأوفرها تكلفة وأكثرها سلماً.. أن تتوقف إيران عن تهديداتها وتعتذر عنها وتتأدب مع جيرانها؟ أم أن تستمر في تهديداتها وإزعاج جيرانها والتدخل في شؤونهم؟ هذا النوع من الأسئلة لا يحتاج إلى إجابة، فالمنطق والعقل السليم يعرف إجاباتها.. لكننا نتساءل بهذه الطريقة المباشرة والبسيطة لأن الأمر بهذه البساطة فعلاً.. إلا أن المرشد أخذته العزة بالإثم ففضل الاستمرار في طغيانه على الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه لتنعم بلاده وينعم شعبه بخيرات السلام.. لكن مَن قال أصلاً إنه يريد السلام؟ هو لا يريد سوى تفعيل ما يؤمن به من أكاذيب كذبها أسلافه عليه وعلى أتباعه لتصدير "قيم الثورة" ولو كان ذلك على حساب قوت شعبه.
إن كان الخامنئيون يظنون أن الأوروبيين أو الصينيين أو الروس سيختارونهم على الولايات المتحدة فذلك ضرب من الخيال.. ربما يبدو الأمر للوهلة الأولى أن أياً من الدول الخمس التي أبرمت الاتفاق يأبه لأمر نظام الملالي الإرهابي أو أنه حريص على علاقاته بهذا النظام فإن الأمر ليس كذلك أبداً
إن كان الخامنئيون يظنون أن الأوروبيين أو الصينيين أو الروس سيختارونهم على الولايات المتحدة فذلك ضرب من الخيال.. ربما يبدو الأمر للوهلة الأولى أن أياً من الدول الخمس التي أبرمت الاتفاق يأبه لأمر نظام الملالي الإرهابي أو أنه حريص على علاقاته بهذا النظام؛ فإن الأمر ليس كذلك أبداً.. فما قاد أوروبا والولايات المتحدة من قبلها للقبول باتفاق حول برنامجها النووي ورفع تدريجي للعقوبات المفروضة عليها هو مبدأ إبداء حسن النوايا الذي أظهرته السعودية ودول الخليج قبل أي طرف وهذا مبدأ إنساني نبيل، حسن النوايا.. المبدأ الذي لا تؤمن به إيران، أو ربما تؤمن بأنه مجرد جسر مؤقت يجوز نسفه بعد العبور إلى الضفة الأخرى من أي عملية سياسية ترى في ضفتها الأخرى مصلحة خالصة لها سياسية كانت أو اقتصادية أو طائفية، ثم لا يختلف اثنان على أن جميع الدول التي أبرمت الاتفاق -مع إظهار حسن النوايا- كانت عينها وقت التوقيع عليه على مصالحها الاقتصادية ولا شيء غير ذلك، ويمكن قراءة هذا الأمر في التحركات الأوروبية الأخيرة نحو ما وصف إعلامياً بمحاولة حماية الشركات الأوروبية التي دخلت السوق الإيرانية -أو تنوي الدخول إليها- من العقوبات الأمريكية.. وهو أمر لن يعدو كونه تحركاً إعلامياً للاستهلاك المحلي للظهور بمظهر المسيطر على الأمور، والدليل إعلان عدد من الشركات الأوروبية التزامها بالانسحاب من السوق الإيرانية دون انتظار رأي حكوماتها -المستفيدة من ضرائبها- خلال المهلة الممنوحة لقطاعات السيارات والطائرات والطاقة حماية لمصالحها الأكثر أهمية مع الولايات المتحدة وحلفائها، وهي تعلم أنها لن تستطيع الإفلات من العقوبات الأمريكية حال بقائها في إيران مهما تم فعله على الأقل في المدى القريب والمتوسط، لأن هذه المصالح مرتبطة أولاً وأخيراً بالعملة الوطنية الأمريكية، حيث إن نحو 80 بالمئة من المعاملات المالية الدولية تمر عبر الدولار الأمريكي، لذلك فهي الوحيدة عالمياً التي تستطيع فرض هذا النوع من العقوبات على غيرها من بلدان العالم وهذا ما يفسر فرضها عقوبات على عدد من الدول؛ كالعقوبات التي كانت مفروضة -ولا يزال بعضها قائماً- على السودان، ولهذا بالمناسبة حاول النظام الإيراني مستميتاً الالتفاف على الاتفاق أصلاً منذ مدة بمحاولة الاتفاق المباشر مع الصين وروسيا للتعامل بالعملتين الوطنيتين للبلدين اليوان والروبل.
يدرك خامنئي ورفاقه أنه ما عاد في موضع يسمح له بإملاء شروط من الآن فصاعداً لكنه يكابر، والسبب جلي ولا يحتاج إلى تفسير ويمكن أن يستدل عليه من أحد "شروطه الاثنا عشر" للدول الخمس للاستمرار في البقاء ضمن الاتفاق دون الاقتراب من برنامج الصواريخ، إضافة لعودة تخصيب اليورانيوم بالنسب القديمة، ذلك الشرط الذي يطالب فيه باستمرار شراء النفط الإيراني حال وضعت الولايات المتحدة عقوبات تعرقل تعامل إيران في بيع نفطها للغير، وهذا يدل على مدى الحاجة الماسة ووصول الاقتصاد الإيراني لمستويات غير معهودة من التدهور، وبدلاً من أن تستفيد إيران من رفع العقوبات الذي فعله أوباما قبل أن يغادر البيت الأبيض صرفت ما استردته من أموال في تسليح أذرعها.
الواضح من مجمل تصرفات النظام الإيراني وأركانه مؤخراً أنه استشعر بحق أنه في خطر، وأن أيام نظامه باتت معدودة، وتحديداً بعد التصريحات الأخيرة للرجل القوي في الإدارة الأمريكية والقادم من رئاسة المؤسسة الأقوى دولياً "السي آي إيه" للخارجية مايك بومبيو، كما أنه استشعر أن نفوذه في المنطقة أيضا بدأ ينكفئ ويتقهقر ويستدل على ذلك في اليمن بتقهقر الحوثيين الذراع الإرهابية في جنوب الجزيرة العربية، وفي العراق بفوز ائتلاف "سائرون" الذي ينادي زعيمه الصدر بمنع التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي على الرغم من تحركات قائد فيلق القدس في فترة الانتخابات بأيام؛ لضمان المصالح الإيرانية في العراق، إضافة إلى التقارير المتتالية التي تفيد بتراجع نفوذه العسكري في سوريا، ومع كل ذلك فهو يحاول باستماتة إرسال إشارات تفيد بأنه لا يزال على قيد الحياة فيطلق كل أسبوع صاروخاً أو اثنين باتجاه مدن السعودية من أراضي اليمن الجريح.. الأمر الوحيد الذي بات حقيقة أن هذا النظام يقترب من السقوط مع كل صاروخ يقوم بإطلاقه تجاه الأراضي السعودية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة