"سيارات الإسعاف" وسيلة النظام الإيراني الجديدة لقمع المتظاهرين
لا تكف إيران عن استخدام مختلف الأساليب في تعقب وملاحقة المتظاهرين الذين يواصلون الاحتجاجات للشهر الثالث على التوالي.
يأتي ذلك فيما أعلنت السلطات الإيرانية عن مقتل ضابط برتبة عقيد في محافظة كردستان غرب إيران، بينما تحتجز السلطات جثة متظاهر منذ وفاته قبل 5 أيام.
وتشهد إيران منذ يوم 16 سبتمبر/أيلول الماضي احتجاجات واسعة النطاق إثر وفاة الشابة مهسا أميني عقب 3 أيام من اعتقالها على يد شرطة الأخلاق بطهران، بزعم ارتدائها ملابس غير ملائمة.
ومنذ اندلاعها، تقابل السلطات الإيرانية تلك الاحتجاجات بقمع شديد، أسفر عن سقوط عشرات القتلى ومئات المصابين بحسب حصيلة لمنظمات حقوقية.
وكشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن استخدام سيارات الإسعاف كوسيلة للقمع من قبل قوات الأمن في إيران خلال الاحتجاجات الأخيرة على مستوى البلاد.
وقامت الصحيفة الأمريكية التي تحدثت مع العديد من المحتجين في إيران، بتحليل وتحديد مواقع مقاطع فيديو وصور من 6 أماكن على الأقل في إيران تظهر هذا الأمر.
وبحسب أحد سكان طهران تحدث لصحيفة نيويورك تايمز أنه رأى متظاهرين اثنين على الأقل يُدفعان داخل سيارة إسعاف خلال مظاهرة طلابية.
ونقلت الصحيفة، عن شاهد عيان آخر، قوله إنه رأى الكثير من الناس العاديين، والفتيات الصغيرات في مؤخرة سيارة الإسعاف التي كانت تنقلهم في المدينة مع إطفاء الأنوار.
ويعد استخدام سيارة إسعاف بهذه الطريقة انتهاكًا للقانون الدولي للحياد الطبي.
وقالت روهيني هار، الأستاذة المساعدة في جامعة كاليفورنيا، كلية الصحة العامة في بيركلي، لصحيفة نيويورك تايمز إن الرعاية الصحية تتمتع بسمعة الحياد، وأن إساءة استخدام سيارات الإسعاف تنتهك بوضوح هذه القاعدة وتجعل الناس يخافون من طلب الرعاية الطبية.
كما أوضح موظف في مطعم يقع بالقرب من 3 جامعات كبرى في طهران في محادثة مع الصحيفة الأمريكية أنه "يرى كل يوم تقريبًا سيارات إسعاف تدخل حرم الجامعة أثناء الاحتجاجات وخروج قوات الأمن منها".
وقال شاهد آخر إن مقاتلي الباسيج الذراع العسكرية للحرس الثوري ضربوا أحد الطلاب الذي سقط على الأرض وأصيب بكدمات بهراوة، ثم نقلوه مع متظاهر آخر في سيارة إسعاف.
وأجرت صحيفة نيويورك تايمز هذه المقابلات باستخدام تطبيقات آمنة ومشفرة.
وتم التقاط أحد مقاطع الفيديو المنشورة المتعلقة باستخدام سيارات الإنقاذ وسيارات الإسعاف في قمع الاحتجاجات، وهو ما أكدته صحيفة نيويورك تايمز بشكل مستقل في مدينة رشت مركز محافظة جيلان شمال إيران.
ويُظهر الفيديو أن المتظاهرين أشعلوا النار في سيارة الإسعاف لإنقاذ الفتيات المعتقلات من الداخل. يُظهر مقطع الفيديو رجلاً يرتدي زي الشرطة وهو يخرج من سيارة إسعاف، وتبعه متظاهرون.
ويظهر مقطع فيديو آخر من زاوية مختلفة نفس سيارة الإسعاف متوقفة وتلوح من قبل مجموعة من الأشخاص.
وحددت صحيفة نيويورك تايمز مقاطع فيديو وصور لسيارات الإسعاف تدخل مراكز الشرطة أو تغادرها، وتقارير تفيد بحدوث ذلك في 6 مواقع على الأقل في جميع أنحاء البلاد.
ويُظهر أحد مقاطع الفيديو بوضوح سيارة إسعاف في طريقها إلى مركز للشرطة، وفي حالتين فقط تم تأكيد وجود مستشفيات بالقرب من مواقع سيارات الإسعاف التي تم التحقيق فيها.
وفيديو آخر نُشر على تويتر في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قام بالتغطية على وجوه الناس أظهر تجمعا للأطباء في مدينة مشهد ثاني أكبر المدن الإيرانية بعد طهران وتقع شمال شرقي البلاد، لاستنكار استخدام قوات الأمن لسيارات الإسعاف والعناصر الطبية.
وأكدت صحيفة نيويورك تايمز أن الغرفة التي تظهر في الأفلام تتوافق مع قاعة المدرج في مبنى نظام مشهد الطبي.
وقال أحد المتظاهرين في طهران لصحيفة نيويورك تايمز إن الكثير من الناس يتعاملون مع إصاباتهم في المنزل بدلاً من الذهاب إلى المستشفى بسبب أجواء الذعر الحالية.
أمريكا: الحكومة الإيرانية خائفة من الشعب
بدوره، أدان نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، قيام السلطات الإيرانية باستخدام سيارات الإسعاف لاحتجاز المتظاهرين ونقل القوات لقمع الاحتجاجات، وكذلك تقارير تشير إلى اعتقال المتظاهرين الجرحى الذين يسعون للعلاج الطبي.
وقال برايس في بيان لهه إن استخدام سيارات الإسعاف والدائرة الطبية لقمع المتظاهرين السلميين مجرد أحد أفظع أعمال إيران في مجال القمع، معربا عن الإدانة الأمريكية لمثل هذه الأساليب التي تحرم الجمهور من الثقة في الخدمات الطبية، موضحا أنه ليس غريبا أن يحتج الشعب الإيراني على الانتهاك الواضح لحقوق الإنسان.
واعتبر أن هذه الممارسات هي علامة على مدى خوف قادة إيران من شعبهم ومدى كفاحهم لقمع احتجاجات الشعب الإيراني.
مقتل ضابط إيراني غربي البلاد
من جهة أخرى، أعلنت وكالة أنباء "فارس نيوز" الإيرانية، مساء الأربعاء، أن ضابطاً برتبة عقيد توفي جراء إصابته بجروح خلال مشاركته في قمع الاحتجاجات الشعبية في محافظة كردستان غرب إيران.
وأشارت الوكالة الإيرانية إلى أن الضابط برتبة عقيد في قوى الأمن الداخلي تورج أردلان توفي مساء اليوم جراء إصابته بجروح خطيرة خلال مواجهة أعمال الشغب في كردستان.
وأضافت أن الضابط القتيل أصيب بجروح في رأسه خلال أعمال الشغب في مدينة بانه بمحافظة كردستان ونتيجة لخطورة إصابته نقل إلى مستشفى طهران لتلقي العلاج، لكنه فارق الحياة، مشيرة إلى أنه عمل لمدة 28 عامًا في قوى الأمن الداخلي.
وتعيش المدن التي تقطنها أغلبية من أبناء القومية الكردية في غرب إيران وشمال غرب أوضاعاً أمنية وعسكرية صعبة بسبب استمرار الاحتجاجات ومواصلة السلطات الإيرانية في قمعها.
كفالة مالية للإفراج عن "جثة"
وفي واقعة غير إنسانية، طلبت السلطات الأمنية الإيرانية من عائلة "سعدي شاهرخي فر" الذي قتل قبل 5 أيام في مدينة بوكان الكردية الواقعة شمال غرب إيران، دفع مبلغ ملياري تومان (نحو 60 ألف دولار) ككفالة لتسليم الجثمان.
وبحسب منظمة حقوق الإنسان الكردية الإيرانية "هنجاو"، فقد أصيب الشاب سعدي شاهرخي فر (35 عاماً) مساء يوم 18 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، برصاصة مباشرة أثناء عودته من التسوق اليومي.
وأفاد شهود عيان أن هذا المواطن أصيب برصاصة على مفترق "الإمام جمعة" في مدينة بوكان، وأخذت القوات الحكومية جثته.
وبحسب هذه المنظمة التي تتابع الأخبار المتعلقة بكردستان إيران، فقد اتصلت القوات الأمنية أمس، بعد مرور 5 أيام، بأسرة "سعدي شاهرخي فر" وطلبت منهم إيداع ملياري تومان لتسليم الجثة من مستشفى "قلي بور"، وكذلك أخذ التصريح لدفنه سراً.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTkyIA== جزيرة ام اند امز