الإندبندنت: الاحتجاجات أجبرت السلطات الإيرانية على قطع الإنترنت
الزيادات في أسعار الوقود أثارت أضخم احتجاجات في جميع أنحاء إيران منذ اندلاع سلسلة المظاهرات التي بدأت أواخر عام 2017
كشفت صحيفة "الإندبندنت" أن الموجة الأخيرة من الاحتجاجات على أسعار الوقود في إيران أجبرت السلطات على قطع الإنترنت وإلغاء فعاليات كبرى في كرة القدم والطائرة والمصارعة ورفع الأثقال وإغلاق سوق طهران الكبير، بسبب المخاوف من انضمام التجار إلى المظاهرات.
وأثارت الزيادات في أسعار الوقود بإيران أضخم احتجاجات في جميع أنحاء البلاد منذ اندلاع سلسلة المظاهرات التي خرجت احتجاجا على المشكلات الاقتصادية التي بدأت أواخر عام 2017 والتي استمرت حتى منتصف عام 2018.
وعندما أعلن المسؤولون الإيرانيون رفع سعر البنزين بنسبة 50% لأول 60 لترا، اعتبر الكثير من المواطنين هناك ذلك إهانة لهم، لسلبهم أحد حقوقهم المكتسبة التي اعتادوا عليها لعقود من الزمن.
وعلى عكس احتجاجات العام الماضي، التي تركزت في المناطق الصغيرة والريفية، اندلعت المظاهرات الحالية في المحافظات، ووصلت إلى حواضر المدن الكبرى وطهران وشيراز وأصفهان وتبريز.
وذكرت الصحيفة أن أحد أعضاء البرلمان محمد قاسم عثماني استقال من منصبه، احتجاجا على تعامل الحكومة مع الزيادات في الأسعار، في حين عبر بعضهم عن قلقه من اتخاذ هذه الخطوة دون مشاركة نواب برلمانيين.
وحظت الاحتجاجات باهتمام دولي كبير، بما في ذلك من واشنطن، حيث قال بيان صادر عن البيت الأبيض: "إن الولايات المتحدة تدعم الشعب الإيراني في احتجاجاته السلمية ضد النظام الذي يفترض أن يقودهم. ندين القوة المميتة والقيود الصارمة المفروضة على الاتصالات المستخدمة ضد المتظاهرين".
في الوقت الحالي، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت الاحتجاجات ستستمر وسط الحملة الصارمة التي تستهدف المتظاهرين، حيث ألقت قوات الأمن القبض على 1000 شخص على الأقل، حسب وسائل الإعلام الحكومية.
الاحتجاجات يمكن اعتبارها نقطة تحول، ما يدل على الانفصال بين قيادة البلاد والسكان الذين تحملوا وطأة تجدد العقوبات الأمريكية تحت إدارة دونالد ترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أنه طالما حذر الخبراء من أن الشعب الإيراني هو من سيشعر بألم تلك العقوبات لا القيادة.
فالجماعات شبه العسكرية الأشبه بالبلطجية التي تعمل كحامٍ للنظام تحصل على السلع المدعومة وربما الوقود، ما يحميها من أسوأ المآزق الاقتصادية ويمنحها حافزا لاتخاذ إجراءات صارمة ضد مواطنيها.
وأوضح بيان صادر عن الحرس الثوري، أمس الإثنين، الذي يعد فرعا أيديولوجيا قويا موازيا للقوات المسلحة أنه "سيتعامل الحرس الثوري بحزم مع انعدام الأمن أو إجراءات إرباك هدوء الشعب وراحته".
قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الإثنين، إنه يجب ألا نسمح بالانفلات الأمني.. للمواطنين الحق في الاحتجاج، لكن الاحتجاجات ليست كأعمال الشغب. أشكر وزارة الاستخبارات والشرطة والحرس الثوري ومليشيا الباسيج وجميع القوات المسلحة وقوات الأمن على جهودهم للتعرف على قادة الاحتجاجات الذين حاولوا تدمير الممتلكات العامة.
وقد سعت حكومة روحاني للحصول على موافقة رئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية وكذلك المرشد الأعلى علي خامنئي قبل الإعلان عن الارتفاع الكبير في الأسعار، الذي قالت إدارته إنه سيوفر 7.2 مليار دولار سنويا.
وكشف علي ربيعي المتحدث باسم روحاني أن إيرادات الحكومة انخفضت بشكل كبير في ضوء انخفاض صادرات النفط، مشيرا إلى أن الدولة في حاجة إلى إصلاح هيكلنا الاقتصادي سواء فرضت العقوبات أم لم تفرض العقوبات.
لا يملك روحاني الكثير من الخيارات، فنتيجة لعدم قدرته على الحصول على ائتمانات دولية وعدم رغبته في خفض النفقات عبر مواجهة المؤسسات القوية والشركات المرتبطة بالحرس الثوري التي تمتص الموارد ولا تدفع أي ضرائب، اضطرت الحكومة إلى اللجوء إلى خفض الدعم، ما تسبب في تصاعد الغضب بين الأفراد العاديين.
وقال مهدي خدسي خبير اقتصادي متخصص في الشأن الإيراني بمعهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية: "بدلا من خفض تكاليف ميزانيتها من بعض الكيانات العامة أو بدلا من زيادة ميزانيتها من خلال شركات شبه عامة لا تدفع ضرائب، فهم ببساطة يدفعون الميزانية من جيوب المواطنين".
وأضاف "يدرك الناس ذلك جيدا الآن، وهم يدركون أن حكومتهم تحملهم مسؤولية أخطائها مجددا".