الكل يعلم أن النظام السياسي الحالي في العراق (براجماتي) و(أيديولوجي)، سيتردد كثيرا في التنفيذ التام للعقوبات الأمريكية على إيران.
"بعد وقوف بغداد مع عقوبات أمريكا.. إيران تطالبها بتعويضات" حقيقة، استفزني عنوان هذا الخبر لكتابة هذا المقال الذي عنونته بـ"العراق مع من؟"
التقارير تؤكد أن شبكات التمويل الإيرانية السرية في العراق تجري تحويلات مالية بمئات ملايين الدولارات عبر شركات صرافة في العراق، تحت غطاء مصرفي وتجاري؛ لتمويل فيلق القدس وحزب الله وغيرهما من المنظمات الإرهابية، مما يجعل العراق سوقا نشطة لمساعدة إيران في تخفيف أثر العقوبات
يذكر الخبر أن النائب الإيراني الإصلاحي محمود صادقي يقول عبر حسابه الرسمي في تويتر، إنه بعد وقوف العراق إلى جانب العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد إيران، على الحكومة الإيرانية تفعيل دعوى ضد العراق لحرب الثماني سنوات، للحصول على نحو مليار دولار كتعويضات عن الحرب.
لقد استفز إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رفضه فرض عقوبات ضد إيران، مؤكدا أنها خطأ جوهري واستراتيجي، لكن بغداد سوف تلتزم بها لحماية الشعب العراقي، هذا الإعلان استفز كثيراً الإيرانيين مما جعلهم يطالبون بالتعويضات.
في الوقت نفسه، يتسابق أتباع إيران بالعراق من مليشيات وأحزاب وأشخاص، إلى إدانة العقوبات الأميركية على طهران، وهم يبررون موقفهم بما عاناه العراقيون بسبب العقوبات في التسعينيات، هؤلاء جميعا غير صادقين، فهم من كان يشجع أمريكا على تشديد الحصار على العراق، حينما كانوا يعيشون في إيران ويقاتلون معها، هذه الأحزاب التي أخذت ما أخذت من تعويضات لقاء عيشها بعيداً، اليوم تشكو الحصار الذي لم تذقه ولم تعوض ذائقيه ولو بدينار واحد، هم أصبحوا إيرانيين أكثر من الإيرانيين أنفسهم.
العراق الذي يعاني من الفساد والجوع والفقر والدمار وانعدام الأمن؛ بسبب الأحزاب والشخصيات الموالية لإيران والتي تسيطر عليه منذ عام 2003، وكأنهم يتحدثون باسم العراقيين، بينما واقع الشعب يتظاهر يوميا ويهتف في كل المدن "إيران برّا برّا "، في المقابل تقول مليشيات إيران في العراق، إن الشعب العراقي يقف مع إيران في مواجهة العقوبات الأمريكية.
قادة هذه المليشيات والأحزاب لا يريدون أن يتطهر العراق من الفساد والفوضى، فهي في الأصل مصدر رزقهم ونقطة تكاثرهم وبقائهم، في ظل ضعف الدولة المركزية في بغداد، فالتقارير تؤكد أن شبكات التمويل الإيرانية السرية في العراق تجري تحويلات مالية بمئات ملايين الدولارات عبر شركات صرافة في العراق تحت غطاء مصرفي وتجاري؛ لتمويل فيلق القدس وحزب الله وغيرهما من المنظمات الإرهابية، مما يجعل العراق سوقا نشطة لمساعدة إيران في تخفيف أثر العقوبات.
الكل يعلم أن النظام السياسي الحالي في العراق (براجماتي) و(أيديولوجي)، سيتردد كثيرا في التنفيذ التام للعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران إلا ما كان ظاهراً، لأن إيران سوف تستخدم العراق في الالتفاف على العقوبات الأمريكية وهو المنفذ لها، بالإضافة إلى المنفذ التركي، كما أن الحكومة العراقية بحسب اعتقاد الكثير من المتابعين والمحللين سوف تساعد النظام الإيراني للالتفاف على العقوبات، حتى وإن أعلنت الالتزام بالعقوبات، كذلك فإن طهران ستواصل استغلال نتائج الانتخابات بدهاء حتى بعد انتهاء عملية الفرز، من خلال (بروسترايكا) تعمل على عقد وبناء عدة تحالفات للوصول للسلطة، فإيران تريد تكوين حكومة عراقية تدين بالولاء لها، وتساعدها للوقوف ضد العقوبات الأمريكية.
لذا أتوقع أن يبقى العراق (سلة خبز) لإيران في ظل استمرار العقوبات عليها، وفي ظل وجود الأحزاب الموالية لها، وفي ظل عدم توافق واتحاد القوى العراقية لاختيار مرشح يساعدهم على الخروج من الاحتلال الإيراني ويقتلع رموز الفساد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة