عقوبات إيران.. ليست الأكثر قسوة لكنها الأشد تهديدا لمستقبل النظام
تقارير ودراسات توقعت أن تكون الحزمة الجديدة من العقوبات الأمريكية على إيران بمثابة تهديد وجودي لنظام ولاية الفقيه
خلصت عدة تقارير ودراسات بشأن العقوبات الأمريكية على طهران إلى أنها ستكون الأكثر تأثيرا إلى حد توقع انهيار نظام ولاية الفقيه، رغم كونها ليست الأكثر قسوة.
ودخلت الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران حيز التنفيذ، الإثنين، مستهدفة بشكل كبير قطاعات الطاقة والنفط، وذلك بعد 6 أشهر على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران الموقع في 2015.
- خبراء لـ"العين الإخبارية": العقوبات الأمريكية تقود لثورة في إيران
- "الموت للديكتاتور".. هتاف يصفع مرشد إيران في "مظاهرات العطش"
وقال تقرير لـ"المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية" إنه "تبدو للوهلة الأولى أن نسبة العقوبات التي طبقها المجتمع الدولي على إيران في الفترة ما بعد 1979 وحتى ما قبل توقيع الاتفاق النووي كانت أكبر بكثير، ووقعها أكبر من الحزمة الأولى التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية عقب الانسحاب الأمريكي الشهير من الاتفاق النووي".
وأضاف أن الحزمة الثانية المتعلقة بالنفط، والتي قد تؤدي، طبقًا للتقديرات الاقتصادية، إلى أزمة طاحنة قد يعاني منها النظام، بمعنى أن النظام الإيراني الحالي يعيش أزمة وجود تتعلق ببقائه.
وتستند غالبية التقارير المتعلقة بالأثر القاتل للعقوبات الجديدة على نظام طهران إلى طبيعة الأزمة الداخلية الطاحنة التي تعاني منها إيران، والتي تسببت في موجة من الاحتجاجات غير المسبوقة، رغم الانفراجة الاقتصادية التي أعقبت توقيع الاتفاق النووي.
كما تأخذ التقارير ودراسات الحالة بعين الاعتبار في المقام الثاني الحزم الذي يبديه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الخطر الاستراتيجي الذي يمثله إطلاق يد إيران في الشرق الأوسط والنوايا التوسعية للنظام الإرهابي.
وتاريخيا، أجبرت العقوبات الأمريكية على إيران ما قبل توقيع الاتفاق النووي على الجلوس على طاولة المفاوضات، وإكراهها على التخلي عن برامجها النووية، وإن على نحو غير مرض، ما يجعل سياسة ترامب أداة ناجحة وناجعة تم تجريبها لإثناء طهران عن سياساتها التخريبية في الشرق الأوسط.
ويأمل البيت الأبيض على الأرجح في أن تدفع الحزمة الجديدة من العقوبات إعادة إيران مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات ومناقشة اتفاق تكميلي يتعلق بتعديل البنود المعيبة في الاتفاق النووي المبرم في 14 يوليو/تموز 2015، وإلزام إيران بوقف برنامجها الصاروخي الباليستي.
كما تستهدف العقوبات أيضا إجبار طهران على التوقف عن دعم الجماعات المسلحة والانفصالية في المنطقة.
وضع داخلي معقد
وتأتي العقوبات الحالية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران أحادية، لا تحظى بتأييد أوروبي إلا إنها تضرب على وتر أزمات إيرانية الداخلية، ومن شأنها أن تسرع وتيرة المظاهرات المحتجة على سوء الأوضاع الاقتصادية، والبطالة وهبوط الريال الإيراني بشكل حاد.
وأدت الحزمة الأولى فقط من العقوبات إلى أن تخسر العملة المحلية كثيرا من قيمتها وتدهورت القوة الشرائية للطبقتين الوسطى والفقيرة، ومن المتوقع أن تؤدي الحزمة الثانية من العقوبات إلى كارثة اقتصادية محققة، لاستهدافها قطاعي البنوك والطاقة فضلا عن قطاع الموانئ، وبذلك سيتم حرمان إيران من كل تعاملاتها التجارية مع العالم وحرمانها كذلك من عائدات النفط التي تشكل نحو 60 من دخلها القومي البالغ نحو 400 مليار دولار.
الحيل الإيرانية لن تفلح في تفادي لكمات ترامب
فشلت كل المحاولات الإيرانية لتفادي العقوبات الأمريكية أو الالتفاف عليها؛ بسبب التعامل الأمريكي الحازم مع كل من يبادر بدعم إيران أو التعامل معه وإقرار معاقبته كذلك، بغض الطرف عن الاستثناءات المحدودة والمؤقتة والمشروطة لـ8 دول تتعامل نفطيا مع إيران.
وأقر ترامب في حزمة العقوبات الأولى حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة لحظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، ولاسيما الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو سندات حكومية إيرانية.
كما حظر توريد أو شراء قائمة من المعادن أبرزها الألومنيوم والحديد والصلب، وفرض قيود على قطاعي صناعة السيارات والسجاد في إيران.
وتشير غالبية الدراسات إلى أن آمال إيران المعقودة على التحول للعملات الرقمية لن تجدي بسبب كون العملات الرقمية وضعت أساسا لتكون بديلا عن العملات التي تتحكم بها الحكومات ما يعني مزيدا من الانهيار للعملة والاقتصاد الإيراني سيئ السمعة.
وارتفع سعر البيتكوين في إيران بحوالي 40 في المئة في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، وهو ارتفاع أسرع بكثير من المتوسط العالمي ما زاد من نسبة التضخم الاقتصادي الذي تحاول إيران أن تتفاداه بكل تلك الإجراءات.
كما فشلت استراتيجية استخدام النفط مقابل البضائع بسبب التهديدات الأمريكية المتلاحقة لكل من يبادر بدعم إيران بأنه سيتم توقيع عقوبات اقتصادية لا تستثني واشنطن منها أحدا، ولكل من يتعامل مع إيران ويمكنها من الالتفاف على العقوبات.
البديل يلوح في الأفق
وترامب شكّل ما سماها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف "إدارة حرب"، ورغم إعلانات واشنطن المتكررة بشأن الهدف من العقوبات وكونها لا تستهدف "تغيير النّظام"، إلا أن هذه الإدارة الأمريكية أقدمت مؤخراً على تقديم دعم غير مسبوق لبعض فصائل المعارضة الإيرانية وتبني المجموعات التي تنادي بتغيير النظام، ومنها بالطبع المعارضة الملكية ومنظمة مجاهدي خلق، وجيش العدل البلوشي ومنظمات أحوازية تستهدف الاستقلال عن الحكومة المركزية في طهران، وتستثمر أخطاء إيران خصوصاً ما يتعلق بالتضييق على الحريات الاجتماعية وحقوق القوميات والأقليات.
واستهدف كذلك استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج التقنية الصناعية، ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.
وتكفلت الحزمة الأولى بتقويض الاقتصاد الإيراني لكن الحزمة الثانية ستكون قاضية على الأرجح، إذ تستهدف فرض عقوبات ضد الشركات، التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن.
وفرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، وخاصة قطاع النفط وكذلك فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية.