تقاسم النفوذ مع إيران.. سر زيارة رئيس المخابرات التركية للعراق
الحكومة العراقية لم تعلن حتى الأن عن الزيارة التي أجراها هاكان فيدان إلى العراق الأسبوع الماضي
شكلت ملفات سياسية وأمنية واقتصادية أبرز ما بحثه رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان خلال زيارته السرية إلى بغداد، الخميس الماضي، التي شملت لقاءات مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وشخصيات سياسية وقادة مليشيات الحشد فضلا عن اجتماعات مع مسؤولين أمنيين إيرانيين.
ولم تعلن الحكومة العراقية حتى الأن عن الزيارة التي أجراها رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان إلى العراق الأسبوع الماضي التي تزامنت مع انطلاقة جلسات الحوار الاستراتيجي العراقي الأمريكي.
وكشفت مصادر مقربة من رئيس الوزراء العراقي، لـ"العين الإخبارية"، عن أن الزيارة تأتي ضمن التحالف العسكري الأمني الثلاثي وغرفة العمليات المشتركة بين العراق وإيران وتركيا التي شكلت بين الدول الثلاث خلال الزيارة التي أجراها رئيس أركان جيش النظام الإيراني الجنرال محمد حسين باقري إلى أنقرة على رأس وفد كبير، منتصف أغسطس/آب عام ٢٠١٧، ولقاءاته مع القادة الأتراك ومع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والاجتماعات التي اعقبتها بين رؤساء أركان الدول الثلاثة في أنقرة وطهران وبغداد خلال السنوات الماضية.
وبحسب المصادر اجتمع فيدان في الزيارة التي استمرت يوما واحدا مع الكاظمي الذي تربطه علاقات قوية معه تعود إلى السنوات الماضية التي كان الكاظمي يترأس فيها جهاز المخابرات العراقي.
كما اجتمع أيضا مع فالح الفياض مستشار الأمن الوطني العراقي، وعدد من قادة مليشيات الحشد الشعبي والمخابرات العراقية كما وعقد اجتماعا آخر مع ضباط في الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية (الاطلاعات).
وسلطت المصادر الضوء على ما دار بين فيدان والجانبين العراقي والإيراني حيث بحث فيدان عددا من الملفات في مقدمتها الملف الأمني والعسكري والتعاون بين الدول الثلاث لمواجهة التحركات الكردية في المنطقة خصوصا والتحرك العسكري المشترك لإنهاء تواجد مقاتلي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة في سلسلة جبال قنديل التي تفصل بين إقليم كردستان العراق وكلا من كردستان تركيا وإيران .
كما بحث تواجد مقاتلي الحزب في سنجار غرب الموصل والتصدي المشترك للأحزاب الكردية المعارضة لطهران وأنقرة وإنهاء وجودها في العراق ومحاصرة إقليم كردستان اقتصاديا وسياسيا وأمنيا كي لا يتمكن الأكراد من الاعتماد على أنفسهم في إدارة أوضاعهم بعيدا عن الدول الثلاث.
ولفتت المصادر إلى أن المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية التركية في العراق وتقاسم النفوذ بين أنقرة وطهران في العراق وسوريا وتوسيع التعاون بين هذه الدول ضمن محور واحد للضغط على الولايات المتحدة الامريكية في العراق لتخفيف العقوبات الدولية عن إيران والانسحاب من العراق كي تنفرد إيران وتركيا بالسيطرة عليه.
وأضافت أن فيدان أعرب عن إنزعاج أنقرة من العلاقات الأمنية والعسكرية بين العراق وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في شمال شرق سوريا، داعيا الحكومة العراقية إلى إنهاء هذا التعاون.
وتسعى تركيا إلى مساعدة إيران للالتفاف على العقوبات الأمريكية المشددة التي بدأت واشنطن بفرضها على النظام الإيراني منذ أغسطس/آب ٢٠١٨، مقابل تقاسم الأدوار مع الإيرانيين في العراق.
الأطماع التركية الإيرانية للسيطرة على العراق واضحة، ففي الوقت الذي تعمل أنقرة من أجل السيطرة على الموصل وكركوك والمناطق العربية السنية، تسعى طهران لترسيخ نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي في العراق، خصوصاً في بغداد ومدن الجنوب والمدن الكردية المحاذية لكردستان إيران في إقليم كردستان العراق كمدينتي السليمانية وحلبجة، الأمر الذي يجعل الدولتين في تسابق مستمر لتنفيذ مخططاتهما في العراق.
وضمن متابعتها لملف الزيارة السرية لمسؤول المخابرات التركية للعراق، حصلت "العين الإخبارية"، من مصادرها على معلومات دقيقة عن اجتماع سبق زيارة فيدان لبغداد عقد بين قادة الجيش والمخابرات التركية والحرس الثوري الإيراني على الحدود الإيرانية التركية في كردستان إيران الأسبوع الماضي استمرت عدة ساعات شملت بحث التعاون الاقتصادي بين الجانبين وكيفية الالتفاف على العقوبات الدولية على إيران والتحرك ضد الأحزاب الكردية المعارضة للجانبين فضلا عن بحث التعاون العسكري في مجالات التدريب والتسليح بين البلدين.
ولا تخفي أنقرة أطماعها في الاستيلاء على الموصل وكركوك وتلعفر وسنجار وصولاً إلى محافظة صلاح الدين ومدن أخرى، معتبرة تلك المدن جزءاً من الإمبراطورية العثمانية التي يحلم أردوغان بإحيائها وتنصيب نفسه سلطاناً عليها.
وتؤكد إيران أنها تسيطر على مدن جنوب العراق وجزء من كردستان العراق في شماله وعلى بغداد في ظل هدف إيراني مشابه للهدف التركي، وهو إحياء الإمبراطورية الفارسية التي تعتبر العراق جزءاً من إرثها، وبين أطماع الدولتين يسعى الشارع العراقي إلى التخلص من هيمنة الجانبين اللذين أنهكا بنفوذهما العراقيين خلال السنوات الماضية.
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي علاء النشوع، لـ"العين الإخبارية": "تركيا تريد الموصل حسب اتفاقية لوزان وتسعى من أجل ألا تقع الموصل تحت النفوذ الأمريكي فهناك شبه اتفاق إيراني تركي لإبعاد نفوذ واشنطن".
وأضاف النشوع "أنقرة جزء من حلف الناتو ولها نفوذها في العراق عن طريق الحزب الإسلامي العراقي (جماعة الإخوان الإرهابية) وشريكة إيران في فرض كل المشهد العراقي وإقحامه في الصراع الدولي لأن ضعف العراق وانهياره واتجاهه للفوضى من صالح تركيا وإيران".