إيران التي لم تخفِ مطامعها بالثأر من العرب وإعادة إحياء أحلام الإمبراطورية الفارسية تحت ستار ديني زائف
يبدو أن من قدر العرب أن يعيشوا في منطقة منكوبة بالفالق السياسي المزلزل مع ثروات طائلة وموقع استراتيجي متميز، ما عرضهم لموجات من الغزوات والمطامع والحروب الدامية والاحتلالات الغاشمة المتتالية.
لم تبق أمة إلا وغزت المنطقة واحتلت أراضيها وعملت فيها دماراً وقتلاً وتشريداً، ولم تبق دولة صغيرة ولا كبيرة إلا وجربت حظها واعتدت وسلبت وسبت ونهبت الثروات والآثار التي لا تقدر بثمن، ولم يبق طاغية إلا وكان هدفه الأول هو السيطرة على الدول العربية ليمارس عليها كل أشكال الظلم وهدم الحضارات، حتى امتزج الدم العربي بحبر الكتب والمخطوطات الثمينة والوثائق التاريخية التي ألقيت في الأنهار إمعاناً في الكيد والحقد والرغبة بمحو الحضارات والتاريخ والخصوصية.
إيران التي لم تخف مطامعها بالثأر من العرب وإعادة إحياء أحلام الإمبراطورية الفارسية تحت ستار ديني زائف، مستعينة بحصان طروادة مذهبي وطائفي أدى إلى الفتنة بين المسلمين السنة والشيعة، مهد لها بالسيطرة على دول عربية عدة بينها اليمن ولبنان وسوريا والعراق
من المغول إلى التتار ومن الرومان إلى الفرس للصفويين والمجوس إلى الحملات الصليبية والعثمانيين، وصولاً إلى البريطانيين والفرنسيين والطليان الذين جربوا حظوظهم ولم يشفوا غليلهم بعد، إلى أن بلغ الظلم حده الأقصى. بدخول الصهاينة والأمريكيين إلى الساحة العربية والسيطرة على مقدراتها بعد إبعاد القوى الأخرى أو منحها الفتات لتسكت عن سلب الأراضي والحقوق والثروات.
مرت جولات وجولات ودخلت المنطقة في صولات وصولات بين كَر وفر وصمود واستسلام وجهاد ورضوخ، لكن دروس التاريخ ذكرتنا بمواقف مشرفة في وجه الاحتلالات، فسقط بعضها أمام انتفاضة عز أو صحوة مباركة، إلى أن وصلنا إلى يومنا هذا الذي عادت القوى الطامعة بشراسة وتضليل وانضمت إليهم روسيا بقيادة القيصر بوتين، الذي حقق حلم القياصرة بالوصول إلى المياه الدافئة والثروات الساخنة.
وزاد الخطر وتضاعف بدخول قوى إقليمية طامعة تعيش في أحلام الماضي، لتأخذ حصتها من دم العرب إلى جانب القوى، كالمطامع المتجددة للدول الأجنبية الكبرى.
فقد تجمعت في السنوات الأخيرة مؤشرات ومعطيات واضحة عن مطامع هذه القوى ورغبتها بالهيمنة على القرار العربي بشكل أو بآخر، في مقدمتها إيران التي لم تخفِ مطامعها بالثأر من العرب وإعادة إحياء أحلام الإمبراطورية الفارسية تحت ستار ديني زائف، مستعينة بحصان طروادة مذهبي وطائفي أدى إلى الفتنة بين المسلمين السنة والشيعة، مهد لها بالسيطرة على دول عربية عدة بينها اليمن ولبنان وسوريا والعراق.
أما تركيا فقد قامت بدورها بتنفيذ خطة مبرمجة لإحياء حلم إحياء الخلافة العثمانية عبر مبررات مزيفة يروج لها الرئيس رجب طيب أردوغان الحالم، بأن يتوج سلطاناً على الشرق والغرب، بعد أن أخذ في طريقه مساحات واسعة من الأراضي العربية في سوريا والعراق، مدعيا أنه مغطى باتفاق أضنة لضم المناطق الحدودية، وصولاً إلى حلب والموصل، بعد ضم لواء إسكندرون السوري.
أما القوة الإقليمية الثالثة فهي إسرائيل، التي تتقاطع مصالحها مع القوتين الأخريين، فتتوسع وتتمدد وتحتل وتقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة على طريق تنفيذ حلم الشعار الصهيوني الزائف "دولتك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل".
هذا بعض جوانب مآسي العرب في وجه المطامع، وهم لا يحركون ساكناً ولا يأبهون للمخاطر القائمة والنيات المبينة والمؤامرات الواضحة، بل إن بعضهم جند نفسه لخدمتها، فهل من جرس إنذار يدعو العرب لليقظة والحذر وإفشال مفاعيلها قبل أن يفوت الأوان؟!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة