إيران تسعى للسيطرة على محليات العراق بتحالفات انتخابية جديدة
مليشيات الحشد الشعبي تسعى للسيطرة على مجالس الموصل وصلاح الدين والأنبار لتكتمل سيطرتها السياسية على كل محافظات العراق عدا كردستان
تحركات مكثفة من قبل الكتل السياسية في العراق لتشكيل تحالفات جديدة تضمن لها الفوز في انتخابات مجالس المحافظات واستمرار سيطرتها على الحكومات المحلية ذات الموارد المالية الكبيرة، تمثل أبرز ملامح الصراع الحالي بين الأطراف السياسية العراقية.
- سياسي عراقي يكشف مخطط إيران لإشعال حرب طائفية
- مصدر عراقي: مليشيا إيران نفذت الهجوم قرب السفارة الأمريكية ببغداد
وتسعى مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران للسيطرة على مجالس محافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار، لتكتمل سيطرتها السياسية على كل محافظات العراق، ما عدا محافظات إقليم كردستان الخاضعة لسلطة حكومة الإقليم.
وفرضت مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران سيطرتها على المحافظات والمدن المحررة من داعش خلال العامين الماضيين، استعدادا للاستحواذ على حكوماتها المحلية لترسيخ وجودها سياسيا وعسكريا في هذه المحافظات، واستكمال المشروع التوسعي الإيراني للسيطرة على العراق بالكامل.
ولم يشهد العراق منذ عام ٢٠١٣ أي انتخابات محلية لمجالس المحافظات، فالحكومة العراقية أجلت الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في عام ٢٠١٧ بسبب الحرب ضد إرهابيي داعش.
ورغم تحديد مايو/أيار من العام الماضي ٢٠١٨ لإجرائها مع الانتخابات البرلمانية إلا أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لم تتمكن من تنظيمها، فأجلتها الحكومة مجددا إلى ٢٢ ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن المفوضية لم تتمكن من تنظيمها مرة أخرى، فحدد البرلمان الأول من أبريل/نيسان من العام المقبل ٢٠٢٠ موعدا لإجراء هذه الانتخابات.
الصلاحيات الواسعة والتحكم بالمشاريع الاستثمارية وصرف الموازنات، والاستفادة من الموارد المالية الكبيرة للمحافظات لإنشاء قاعدة جماهيرية دفعت بالكثير من الأحزاب السياسية في العراق إلى تفكيك تحالفاتها التي شكلتها في الانتخابات البرلمانية الماضية.
وبحثت الأحزاب عن تشكيل تحالفات جديدة تساعدها في البقاء على رأس السلطة، لأن المجالس المحلية بامتيازاتها المذكورة تضمن لها ذلك.
وقال المراقب السياسي العراقي عماد الخزاعي "إن وجود التشريعات الحالية وقانون (سانت ليجو) وعدم استقلالية مفوضية الانتخابات، لا يدل على إعادة رسم سياسة واستراتيجية جديدة للمشهد السياسي العراقي ما بعد انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في أبريل/نيسان المقبل".
وأثار تصويت مجلس النواب العراقي في ٢٢ يوليو/تموز الماضي على مشروع قانون التعديل الأول لقانون انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في الأقاليم والأقضية التابعة لها رقم (١٢) لسنة ٢٠١٨، انتقادات لدى الشارع العراقي.
واعتبر العراقيون أن إقرار التعديل مخططا من قبل الأحزاب الرئيسية لضمان بقائها في السلطة، ضاربة بعرض الحائط من ينافسها من الحركات والأحزاب الصغيرة التي يعول عليها غالبية العراقيين في تغيير ما تعيشه مدنهم من أوضاع خدمية وأمنية وسياسية غير مستقرة، بسبب سيطرة الأحزاب والمليشيات التابعة لإيران على مفاصل الدولة.
وأشار الخزاعي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "بصيص الأمل الوحيد لتغيير ما صوت عليه مجلس النواب من تعديل لقانون انتخابات مجالس المحافظات تكمن في انتظار بعض الأصوات داخل المجلس التي وعدت بتغيير هذه القوانين خلال الفصل التشريعي الحالي باعتبارها قوانين طاردة للناخبين".
وأضاف "يشعر الكثير من العراقيين بالإحباط وخيبة الأمل مما يجري من تحركات الأحزاب الكبيرة للبقاء في السلطة، ومن ثم هم عازفون عن التصويت في الانتخابات المقبلة، كما عزفوا عن التصويت في الانتخابات البرلمانية الماضية، وهذه الأمور لا تبشر بالخير".
وأوضح "أن العزوف عن الانتخابات لا يعني بطلانها، وإنما ستكون هناك مشاركة محدودة من قبل جماهير الأحزاب التي قد تكون مستفيدة بشكل أو آخر من الوضع السياسي".
ولعل أبرز التحالفات التي باتت ملامحها ظاهرة للعيان رغم عدم الإعلان عنها رسميا هو تحالف زعيم حزب الدعوة نوري المالكي التابع لإيران مع مليشيا كتائب حزب الله العراق والمليشيات الأخرى الخاضعة لسلطة نائب رئيس هيئة مليشيات الحشد أبومهدي المهندس، المقرب من قائد فيلق القدس الإرهابي قاسم سليماني.
وفي المقابل يرى مراقبون أن كتلة "سائرون" التي تحظى بدعم رجل الدين مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري قد يفقد حليفه الشيوعي الذي ألمح عدد من قياداته الى إمكانية دخولهم في تحالف جديد يتألف من أطراف سياسية مدنية التوجه.
وتسعى كتلتا تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم والنصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي إلى تشكيل تحالف فيما بينهما، إذا لم ينضما للصدر في تحالف جديد يعمل الأخير على تشكيله منذ شهرين.
أما الكتل السنية فهي الأخرى انقسمت إلى 3 كتل، هي جبهة الإنقاذ والتنمية برئاسة نائب رئيس الجمهورية السابق أسامة النجيفي، وتحالف القوى العراقية برئاسة رئيس مجلس النواب العراقي الحالي محمد الحلبوسي، والمشروع العربي الذي يتزعمه السياسي العراقي خميس الخنجر التابع لنظام الحمدين في قطر، والكتل الثلاثة تلوح بالمشاركة في الانتخابات كلا على حدة.
وأوضح الكاتب والصحفي العراقي علي البيدر أن "بعض الكتل السياسية تقوم قبيل بدء الدورة الانتخابية البرلمانية أو الخاصة بمجالس المحافظات بمناورات سياسية، هدفها التمويه واستبدال جلودها دون المساس بجوهرها".
وأضاف أن "الأحزاب تعمل على تغيير شكلي وإعادة تدوير نفسها عبر استقطاب شخصيات من خارج بيئتها لإيهام العراقيين أن هناك عملية إصلاحية تجري على الأرض".
وأشار البيدر، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "شراء الذمم وفرض إرادات سياسية على العملية الانتخابية كي تصل إلى ما تريد هي أبرز ما تستخدمه أحزاب السلطة في العراق للبقاء في مواقعها الحالية".
وبيّن أنه "لا يمكن للكثير من الأحزاب السياسية الوجود ثانية في السلطة عبر ممثليها إلا من خلال طرق وأساليب غير مشروعة".
وتابع البيدر أن "التغيير المنشود في المرحلة المقبلة لا يتحقق إلا عبر ائتلاف الأحزاب الناشئة والصغيرة مع بعضها لخلق تحالفات قادرة على كسر إرادة عتاة السياسيين الذين استأثروا بالسلطة على مدار أكثر من عقد ونصف".
وتأتي الصراعات بين الكتل السياسية على مقاعد مجالس المحافظات وسط أوضاع صعبة يشهدها العراق خارجيا وداخليا، بسبب السعي الإيراني للسيطرة على كل المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وتسعى طهران إلى جر العراق نحو الهاوية ودفعه للحرب بالوكالة عن إيران ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.