صواريخ إيران تعيد تشكيل عقيدة الدفاع الأمريكية.. و«باتريوت» كلمة السر

من الشرق الأوسط إلى جزر المحيط الهادئ، تتنقل منظومة «باتريوت» الأمريكية كقوة ضاربة في معركة لم تُعلن بعد.
فالاشتباك الأخير مع صواريخ إيران فوق قاعدة «العديد» لم يكن مجرد رد على قصف، بل تدريبا ميدانيا حيّا لوحدات الدفاع الجوي الأمريكية، التي تتهيأ لصراع أكثر شراسة في الشرق الأقصى.
هذه التجربة القتالية النادرة، التي جمعت أطقمًا من اليابان وكوريا، كشفت عن تحول استراتيجي في عقيدة الردع الأمريكية: تجهيز الخطوط الأمامية ضد بكين وبيونغ يانغ يبدأ من طهران. ومع كل صاروخ باتريوت أُطلق، كانت واشنطن ترسم سيناريوهات الاشتباك المقبل في سماء آسيا.
فبحسب مجلة «نيوزويك» الأمريكية، فإن وحدات الدفاع الجوي الأمريكية من طراز "باتريوت" المنتشرة في اليابان وكوريا الجنوبية اكتسبت خبرات ميدانية متقدمة، نتيجة لاشتباكاتها الأخيرة مع الصواريخ الإيرانية في الشرق الأوسط.
هذه التجربة القتالية، بحسب خبراء عسكريين، تشكل تحضيرًا فعليًا لمواجهة أي تهديد محتمل من جانب الصين أو كوريا الشمالية، بحسب المجلة.
الرد الإيراني على قصف أمريكي، استهدف منشآت نووية إيرانية تمثّل في هجوم صاروخي على قاعدة "العديد" الجوية في قطر يوم 23 يونيو/حزيران، وهو ما أطلق عملية دفاع جوي غير مسبوقة، وفق قادة في البنتاغون.
وقد أعيد نشر بطاريات باتريوت من قواعدها في اليابان وكوريا الجنوبية للمشاركة في التصدي للهجوم، في خطوة كشفت حجم التحرك الأمريكي السريع بين الساحات.
هذا الانتشار يشير إلى أن الولايات المتحدة تجهّز نفسها لاحتمالات مواجهة مفتوحة في المحيط الهادئ، وسط تهديدات متزايدة من بيونغ يانغ وبكين، حيث تواصل الصين تطوير صواريخ بعيدة المدى قادرة على استهداف القواعد الأمريكية في اليابان.
ووفقا للتقرير، تنتشر القوات الأمريكية بكثافة في المنطقة، بنحو 55 ألف جندي في اليابان و28.5 ألف جندي في كوريا الجنوبية، وتشكل بطاريتا باتريوت العمود الفقري للقدرات الدفاعية في المنطقة، اللواء 38 للدفاع الجوي في اليابان، واللواء 35 في كوريا الجنوبية.
باتريوت.. كلمة السر
ويرى تيموثي والتون، الباحث في معهد هدسون والمتخصص في الدفاع الصاروخي، أن تجربة الوحدات الأمريكية في الشرق الأوسط، ستعزز من قدرة الجيش الأمريكي على التعامل مع مختلف أنواع التهديدات الصاروخية والجوية في شرق آسيا، خاصة إذا اندلع صراع واسع النطاق.
وخلال الهجوم الإيراني، وبحسب رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كاين، تم إخلاء قاعدة "العديد" من جميع الجنود باستثناء 44 فردًا واصلوا العمل لتشغيل بطاريتي باتريوت، وشاركوا في إطلاق "عدد كبير" من الصواريخ الاعتراضية إلى جانب طواقم قطرية، في أكبر عملية اشتباك دفاعي من نوعها في تاريخ الجيش الأمريكي.
ووفقا لتقديرات "المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي" في 21 يوليو/تموز، أطلقت القوات الأمريكية 30 صاروخًا موجهًا من طراز باتريوت لاعتراض 14 صاروخًا باليستيًا إيرانيًا، في عملية بلغت كلفتها الإجمالية 111 مليون دولار.
وتتكون بطارية باتريوت الواحدة من مجموعة متكاملة تضم محطة طاقة، ورادارًا، ومركز تحكم، ومنصات إطلاق، وهوائيات وصواريخ اعتراضية. ووفق تقرير لخدمة الأبحاث في الكونغرس، فإن كل منصة إطلاق يمكن أن تستوعب ما بين 4 إلى 16 صاروخًا، بحسب نوع الذخيرة.
مظلة دفاعية
في السياق ذاته، نشرت واشنطن منظومتين من طراز ثاد في المحيط الهادئ: واحدة في جزيرة غوام، والأخرى في كوريا الجنوبية، لتوفير مظلة دفاعية ضد تهديدات صاروخية محتملة من الصين أو كوريا الشمالية.
وبحسب والتون، فإن الجيش الأمريكي يستعد لتوسيع أسطوله من بطاريات باتريوت، مع إدخال أنظمة إضافية مثل القدرة على الحماية من النيران غير المباشرة، وأجهزة استشعار ومنصات دفاعية أكثر تطورًا.
وبينما تتجهز واشنطن لمواجهة محتملة في المحيط الهادئ، تواجه تحديًا إضافيًا يتمثل في إعادة تزويد مخزونها من صواريخ باتريوت الاعتراضية، بعد استهلاكها في الشرق الأوسط، ونتيجة لتسليم أنظمة دفاع جوي لأوكرانيا في إطار دعمها العسكري المتواصل.