الطيران الإيراني.. أساطيل من الماضي تدفع الرئيس إلى المجهول
عقود وحوادث تتعاقب، ولا تزال أزمة تهالك أساطيل الطيران تفرض نفسها على المشهد الإيراني.
الأزمة طفت مجدداً على السطح مع سقوط مروحية تقل الرئيس إبراهيم رئيسي في منطقة جبلية وعرة يحيط بها ضباب كثيف، إثر تعرض المروحية لحادث "هبوط صعب" في محافظة أذربيجان الشرقية. ولا يزال الغموض يكتنف مصير الرئيس الإيراني مع تعذر وصول رجال الإنقاذ للمكان المحتمل للحادث بالسيارات، حيث يتعين الوصول إلى هناك سيرا على الأقدام، حسبما أعلن "التلفزيون الإيراني".
أسطول متهالك.. باستثناء 8
مطلع مايو/أيار الجاري، نشرت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية الإيرانية، إحصائيات وصفتها بـ"المثيرة للقلق" تؤكد أن عدد الطائرات "السليمة والموثوقة" في إيران لتنظيم الرحلات الجوية الداخلية والخارجية يبلغ ما بين 7 و8 طائرات فقط.
وذكرت الصحيفة أن "الخبراء في مجال قطاع التوريد يؤكدون أنه باستثناء 3 طائرات إيرباص و13 طائرة ATR وطائرات إيرباص 340 لشركة ماهان، يجب إعادة تدوير أسطول البلاد بأكمله".
واستندت الصحيفة في تقريرها إلى ما ذكره الخبراء بالقول "بينما تمتلك دول إقليمية مئات الطائرات بحالة جيدة، فإن عدد الطائرات الموثوقة في إيران هو 7 أو 8، أما باقي طائرات البلاد فهي متهالكة".
- السيناريوهات المحتملة لحادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني.. الوقت عامل حاسم
- من هو إبراهيم رئيسي؟.. رئيس إيران الثامن «مجهول المصير»
صناعة الطيران الإيرانية.. في ورطة
في يناير/كانون الثاني 2024، قالت صحيفة "شرق" الإيرانية الإصلاحية إن صناعة الطيران المدني في البلاد أصبحت في "ورطة"؛ بسبب تهالك أسطول الطيران وعدم قدرته على استيعاب الرحلات الداخلية والخارجية.
وأضافت الصحيفة، في تقرير، أنه "توجد في إيران 330 طائرة ركاب مدنية يعمل منها 30% فقط، فيما الطائرات الأخرى تبقى على الأرض بسبب عدم القدرة على صيانتها وتهالكها".
وأشارت إلى أنه "وفقاً لإحصاءات بعض مديري صناعة الطيران، انخفض عدد الطائرات النشطة حالياً إلى 75، واعتبر البعض الآخر أن هذا الرقم هو 98 طائرة نشطة".
وأوضحت الصحيفة أنه "بعبارة أخرى، بناءً على هذه المزاعم، يمكن القول إن 22 إلى 30% من الأسطول الجوي الإيراني نشط، ما يمثل تهديداً خطيراً لهذه الصناعة من منظور نشطاء صناعة الطيران".
أسطول الطيران الإيراني.. ضحية للعقوبات الأمريكية والغربية
وأصبح أسطول النقل الإيراني متهالكا ولم يتم تحديثه منذ عام 1979، بسبب العقوبات الأمريكية والغربية.
وتشمل العقوبات الأمريكية منع تزويد إيران بقطع الغيار من أجل صيانة طائراتها القديمة التي انتهت صلاحية استخدامها.
وصرحت شركة الخطوط الجوية الإيرانية في عام 2016 بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب أنها ستحتاج إلى ما يصل إلى 580 طائرة على مدى السنوات العشر القادمة لاستبدال أسطولها القديم.
لكن انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، وإعادة فرض العقوبات منعا الشركات الأجنبية من تزويد طهران بطائرات جديدة.
وتفصيلاً، يعكس تدهور أسطول الطائرات في إيران مجموعة من التحديات التي تواجه صناعة الطيران في البلاد، نبرزها في النقاط التالية:
العقوبات وتأثيرها
منذ الثورة الإسلامية عام 1979، واجهت إيران عقوبات اقتصادية شديدة من الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، تم تعزيزها في عام 2007.
هذه العقوبات منعت إيران من شراء الطائرات وقطع الغيار من الشركات التي تحتوي على مكونات أمريكية بنسبة تزيد عن 10%.
الاتفاق النووي
بعد توقيع الاتفاق النووي في عام 2015، بدأت إيران في توقيع عقود لشراء أكثر من 200 طائرة جديدة من شركات غربية، لكن لم يتم تسليم سوى ثلاث طائرات إيرباص و13 طائرة توربينية ATR قبل إعادة فرض العقوبات في عام 2018، مما أدى إلى إلغاء باقي الصفقات.
حالة الأسطول
الطائرات القديمة: يبلغ متوسط عمر الطائرات في إيران حوالي 23 عامًا، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي الذي يبلغ حوالي 8 سنوات. تعتمد إيران بشكل كبير على طائرات قديمة مثل فوكر 100 وبوينغ MD، التي تجاوزت فترة خدمتها المثلى وتحتاج إلى صيانة دورية مكلفة ومعقدة.
عدد الطائرات العاملة: من إجمالي حوالي 300 طائرة في الأسطول الإيراني، هناك 156 طائرة فقط تعمل فعليًا، بينما تظل البقية متوقفة بسبب نقص قطع الغيار. من المتوقع أن تتوقف 8% إضافية من الطائرات عن الخدمة سنويًا بسبب تدهور الحالة الفنية ونقص الصيانة.
التحديات التشغيلية
الصيانة والمشاكل اللوجستية: تفتقر إيران إلى القدرة على صيانة طائراتها بشكل فعّال بسبب نقص قطع الغيار والخدمات التقنية. تتطلب الطائرات القديمة صيانة متكررة، مما يزيد من التكاليف التشغيلية ويجعلها غير فعالة بالمقارنة بالطائرات الحديثة.
استهلاك الوقود: الطائرات القديمة تحرق كمية أكبر من الوقود. تستهلك شركات الطيران الإيرانية أكثر من 5 ملايين لتر من الوقود يوميًا، وهو ما يزيد بنسبة 1.5 مرة عن المعايير الدولية. زادت إيران من إنتاج وقود الطائرات لتلبية الطلب المحلي، لكنها لا تستطيع تصدير الفائض بسبب العقوبات.
الإحصائيات التشغيلية
تراجع العمليات: في عام 2018، انخفضت عمليات المطارات وعدد الركاب بنسبة 11% مقارنة بعام 2017. بين مارس/آذار ويونيو/حزيران من نفس العام، انخفضت رحلات الركاب بنسبة 6% (و8% للرحلات الدولية)، كما انخفض عدد الركاب بنسبة 9% في الرحلات المجدولة.
هذه العوامل مجتمعة تعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها صناعة الطيران في إيران بسبب العقوبات الاقتصادية، التقادم التكنولوجي، ونقص الصيانة، مما يؤدي إلى تدهور أسطول الطائرات بشكل كبير.