أمريكا تكتب المشهد الأخير في عصر الفحم.. خطوة تاريخية لوقف التنقيب
في واحدة من كبرى خطواتها حتى الآن لوقف الاعتماد على الوقود الأحفوري، قررت أمريكا خفض معدلات التنقيب عن الفحم.
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم الخميس الماضي، أنها ستنهي العقود الجديدة للتنقيب عن الفحم في حوض نهر باودر، الذي ينتج ما يقرب من نصف الفحم في الولايات المتحدة، ويُعد أكبر منطقة منتجة للفحم في البلاد.
ولطالما ضغط نشطاء المناخ على وزارة الداخلية الأمريكية لوقف بيع عقود تعدين الفحم في الأراضي العامة بالمزاد العلني، لذا، وفق "واشنطن بوست"، قوبل قرار بايدن من جانب هؤلاء النشطاء بالترحيب والاحتفال.
القرار من شأنه أن يمنع استخراج مليارات الأطنان من الفحم من أكثر من 13 مليون فدان هي المساحة التقريبية لمنطقة حوض نهر "باودر"، التي تمتد عبر ولايتين أمريكيتين هما مونتانا ووايومنغ، وسيترتب على ذلك آثار كبيرة إيجابية على أهداف المناخ في الولايات المتحدة.
وتقول واشنطن بوست، أن حصة كبيرة من الوقود الأحفوري في البلاد تأتي من الأراضي والمياه الفيدرالية، والأراضي الفيدرالية هي أراضٍ مملوكة للقطاع العام في الولايات المتحدة وتديرها الحكومة الفيدرالية، وبموجب بند الملكية في دستور الولايات المتحدة، يتمتع الكونغرس بسلطة الاحتفاظ بالأراضي الفيدرالية وشرائها وبيعها وتنظيمها، وفرض ضوابط عليها مثل الحد من رعي الماشية عليها على سبيل المثال.
وبالنسبة للفحم، فإن استخراج وحرق هذا الوقود يمثل ما يقرب من ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة، في الفترة بين عامي 2005 و2014، وفقا لدراسة أجرتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
وفي البيان الأخير عن التأثيرات البيئية، الصادر عن مكتب إدارة الأراضي التابع لوزارة الداخلية، وجد أن استمرار منح عقود التنقيب عن الفحم في حوض نهر باودر من شأنه أن يضر بالمناخ والصحة العامة.
وقرر المكتب أنه لا ينبغي أن تستخرج أي عقود تنقيب جديدة للفحم في المستقبل في الحوض، وقدر أن تعدين الفحم في جزء وايومنغ من المنطقة سينتهي بشكل نهائي بحلول عام 2041.
وفي العام الماضي، أنتج حوض نهر باودر 251.9 مليون طن من الفحم، وهو ما يمثل حوالي 44% من إجمالي الفحم المنتج في الولايات المتحدة.
وبموجب قرار المكتب، يمكن لمناجم الفحم النشطة وعددها 14 منجما، في حوض نهر باودر الاستمرار في العمل على الأراضي التي استأجرتها بالفعل، لكنها لا تستطيع التوسع في الأراضي العامة الأخرى في المنطقة في المستقبل.
وقد نال القرار إشادة من المدافعين عن المناخ الذين ناضلوا لسنوات من أجل استعادة الوقف الاختياري الذي فرض في عهد أوباما لاستخراج الفحم في الأراضي الفيدرالية، بحسب واشنطن بوست.
وقال شيلوه هيرنانديز، المحامي البارز في شركة المحاماة البيئية إيرثجاستيس، أن "هذا القرار يعني أنه لن يتم حرق مليارات الأطنان من الفحم، مقارنة بما جرت به العادة هنا".
وتابع "إنها أخبار جيدة، وهي حقًا القرار الوحيد الذي يمكن الدفاع عنه والذي كان من الممكن أن يتخذه مكتب إدارة الأراضي التابع لوزارة الداخلية، نظرًا لأزمة المناخ الحالية."
رغم ذلك، هذه الخطوة أثارت غضب المشرعين الجمهوريين في مونتانا ووايومنغ، واتهم بعضهم الرئيس بايدن بشن "حرب" على الفحم، حتى مع ابتعاد البلاد عن الوقود الأحفوري بشكل كبير مؤخرا.
كما أثارت هذه الخطوة أيضًا غضب مجموعات التعدين، التي جادلت بأن البلاد تحتاج إلى المزيد - وليس أقل - من الوقود الأحفوري لتلبية الطلب الهائل على الطاقة الذي تغذيه مراكز البيانات المتعطشة للكهرباء ومنشآت التصنيع، بحسب ما أفادت الصحيفة.
جدير بالذكر ، أن الولايات المتحدة تستمر في التخلص من الفحم، الذي يكافح من أجل التنافس اقتصادياً مع الغاز، والطاقة المتجددة.
وانخفض إنتاج الفحم في الولايات المتحدة بنسبة 36% في الفترة من 2015 إلى 2023، وفقا لإدارة معلومات الطاقة، وتشير تقديرات حملة "ما بعد الفحم" الساعية للتوعية بأهمية وقف انتاج الفحم في أمريكا، إلى أن 382 محطة لتوليد الطاقة تعمل بالفحم قد أغلقت أبوابها أو تقترب من الغلق في الفترة الماضية، مع استمرار عمل 148 محطة.