إرث الصدر النيابي.. العراق بانتظار حكومة "ميتة"
لم يضف سحب التيار الصدري لنوابه من البرلمان العراقي بعد تقديم الاستقالة الجماعية سوى مزيد من التعقيد للمشهد السياسي المرتبك.
ومع تقاسم الكتل السياسية إرث الصدر النيابي، وفرص تصاعد عدد مقاعدهم في البرلمان، بما يعيد تشكيل ميزان الأثقال في معادلة جديدة، إلا أن ذلك ما زال حديثاً مبكراً في ظل أزمة متحورة.
ومن ضمن ما أفرزته الأزمة الحالية، تصاعد كبير في حدة الرفض الشعبي من الشارع العراقي بعودة القوى الكلاسيكية مرة أخرى، خصوصاً المقربة من إيران والتي عادة ما توجه لها اتهامات بالقتل والتصفية والفساد.
وعلى ضوء تلك المحاذير، تتحرك القوى الوريثة والمستفيدة من انسحاب الصدر على خطى بطيئة تتسم بالخجل وجس المواقف العامة من خلال تسريبات ومواقف تتمحور حول المضي بتشكيل حكومة بعيدة عن وجود التيار الصدري.
وتسعى قوى الإطار التنسيقي إلى التقاط الفرصة، عبر مسارين، يتضمن الأول مغازلة جماهير الصدر ببذل الجهود لإقناع زعيمهم عن العدول وإبطال الاستقالة الجماعية، والثاني التحرك نحو معسكر إنقاذ وطن لالتقاط الخصوم وضمهم إلى مشروعهم التوافقي.
وكان الصدر تبنى بمعية حلفائه من القوى السنية الكبيرة (تقدم وسيادة)، والحزب الديمقراطي الكردستاني، مشروع الأغلبية الوطنية ورفض العودة إلى تقاسم السلطة وفق آليات التوافق والمحاصصة.
قابلها اعتراض وممانعة، قادها الإطار التنسيقي (القوى المقربة من إيران)، يتبعهم الاتحاد الوطني الكردستاني، سعوا جاهدين خلالها لتمرير حكومة جميع الفائزين من القوى السياسية بتصفير الأوزان ونسب التمثيل في الحكومة الجديدة تحت ما يسمى "التوافق".
وسجلت نتائج أكتوبر/تشرين الأول المبكرة، تراجعاً كبيراً في حظوظ القوى المقربة من طهران قابلها صعود التيار الصدري بفارق كبير عن أقرب منافسيه سواء داخل البيت الشيعي أو بقية الأحزاب الأخرى.
كان الصدر أبدى مواقف ومبادرات وجهها لخصومه من الإطار ولاحقاً للقوى المستقلة تمثلت بالتنحي وفسح المجال أمامهم لتشكيل الحكومة وفق مدد مشروطة، انتهت دون أي تحريك للانسداد السياسي الحاصل في شريان العملية السياسية.
وانتظر الشارع العراقي والقوى السياسية مع تقديم نواب التيار الصدري، استقالاتهم الجماعية والمضي بتوقيعها من قبل رئيس مجلس النواب، أن يعدلوا بتوجيه من مرجعهم السياسي عن ذلك الأمر، ولكن الصدر أغلق الباب وأنهى آخر الترجيحات عند اجتماع مع نوابه في النجف أكد أنه "فراق" بغير رجعة.
تلك النهايات دفعت قوى الخصم المنافس إلى دائرة الإحراج الحقيقي، إذ لم يتبق لها طريق سوى المضي بتشكيل حكومة "ميتة"، قبل الولادة بحسب مراقبين.
الخيار المر
الأكاديمي إحسان الشمري رئيس مركز "تفكير" السياسي، يقول لـ"العين الإخبارية"، إنه "بخروج الصدر ليس هنالك بوادر لانتهاء الأزمة، إن لم نكن أمام واحدة أشد وأكثر تعقيداً"، لافتاً إلى أن "العملية السياسية وصلت إلى مرحلة تتطلب إعادة تركيبها وتنظيمها بشكل مختلف".
ويلفت الشمري إلى أن "الحديث عن تشكيل حكومة جديدة مبكر خصوصاً أن جمهور التيار الصدري لن يبقى صامتاً أو مستسلما لأمر الاستقالة في خضم صعود الخصوم وبالتالي فإن النزول إلى الشارع والتظاهرات أمر محتمل".
ويرى الأكاديمي والمحلل السياسي إياد العنبر أن "المرحلة الحالية باتت لا تتحمل المواربة أو المماطلة بعد أن خرج الصدر وبات إلزاماً على قوى الإطار تحقيق رؤيتها في الحكم ونهاية العذر، وهذا هو الخيار المر والصعب في ظل ولادة حكومة متعسرة البقاء والاستمرار كثيراً".
وبشأن طبيعة الحكومة الجديدة التي قد تولد خارج البيت الصدري، يوضح العنبر، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "ذلك يرتبط بمعادلات المشهد وطبيعة التفاهمات وما سيجري في تكرار النسخة التوافقية واقتسام مغانم السلطة أو أنها ستتجاوز هذه الأخطاء بتقديم شخصيات قادرة على فهم التحدي الذي يحدق بالشارع العراقي".
aXA6IDMuMTQ0Ljk2LjEwOCA= جزيرة ام اند امز