تحول سياسي مرتقب بالعراق.. من "الأغلبية الوطنية" إلى "إدارة الدولة"
على خطى متسارعة وبتوافقات غير متوقعة، يتحرك المشهد العراقي نحو معادلات جديدة في بناء المواقف وتوجهات تشكيل الحكومة المقبلة عقب اقتراب الإعلان الرسمي لتحالف "إدارة الدولة".
وكانت أطراف من قوى الإطار التنسيقي، كشفوا، أمس الأحد، عن تقارب كبير مع مكون السيادة (القوى السنية الأكبر)، والحزب الديمقراطي الكردستاني للمضي نحو تحالف جامع بعد توقيع ورقة اتفاق سياسي تكون بمثابة خارطة طريق للمرحلة المقبلة.
وغداة ذلك التقارب، أعلنت رئاسة البرلمان عن عقد جلسة نيابية بعد أمس الأربعاء جاءت مقرراتها بالتصويت على استقالة رئيس المجلس محمد الحلبوسي وانتخاب نائب أول بدلاً من القيادي في التيار الصدري المستقيل حاكم الزاملي .
التوافق بمواجهة الأغلبية الوطنية
وكان استبق ذلك بأيام، تحرك لوفد يضم أطراف من الإطار والسيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني للذهاب نحو النجف ولقاء الصدر في مقر أقامته في الحنانة لكسب موافقته أو ضمان عدم الاعتراض على استئناف جلسات البرلمان واستكمال تشكيل الحكومة.
ومع ان ذلك الوفد لم يصل إلى النجف حتى الآن، إلا ان تطورات المشهد الأخيرة ترجح بعدم استقبال الصدر للوفد أو أن الغاية من الذهاب قد انتفت بعد تجمع الخصوم والحلفاء في "إدارة الدولة"، بما يعاكس مشروع الأغلبية الوطنية الذي مثل نقطة خلافاً جوهرية في الأزمة السياسية المحتدمة في العراق منذ شهور.
كان الصدر وبمعية تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني رفعوا شعار الأغلبية الوطنية عبر تحالف "إنقاذ وطن"، بإشراك أكبر الفائزين خلاف ما سعت إليه قوى الإطار من خلال تمرير إرادته بـ "حكومة توافقية"، تضم جييع القوى بمختلف أحجامها النيابية.
إلا أن انسحاب الصدر من ذلك التحالف وتوجيه نوابه الـ73 بتقديم استقالاتهم من البرلمان العراقي، في يونيو الماضي، قد وضع الحلفاء البقية من "إنقاذ وطن"، أمام مواجهة مباشرة مع قوى الإطار التنسيقي الذي وجد في تلك الخطوة فرصة سانحة لتسمين مقاعده النيابية والعودة إلى المشهد السياسي بقوة تلك المتغيرات.
وقبل انفراط عقد "إنقاذ وطن"، كان الإطار التنسيقي شن حملة من الاتهامات تجاه حلفاء الصدر اتسمت بالتخوين والعمالة، عقب احتدام في المواقف وضياع فرصة العودة بما يكفي لفرض الإرادات جراء تراجع مقاعدهم النيابية التي جاءت بها انتخابات اكتوبر والتي أفضت عن هبوط في مستوى تمثيلهم الجماهيري مقارنة بالدورات السابقة.
المصالح السياسية
رئيس حركة "وعي"، صلاح العرباوي وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، يرى أن التوافق ما بين الإطار وحلفاء الصدر السابقين، يمثل "استجابة للمصالح السياسية"، على حساب "المنهج والمبدأ"، الذي اختطه تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني.
ويضيف العرباوي، أن "ذلك الانتقال الحاد وتبدل المواقف بتشكيل ذلك التحالف يمثل تعارضاَ لإرادة الجماهير الغاضبة التي ادركت تماماً إن التغيير يبدأ من إصلاح النظام السياسي القائم وليس باستنساخ التجارب الماضية التي حكمت الدولة".
ويتابع بالقول: "كان من الأجدر ان يمضي السيادة والديمقراطي مع بقية من القوى إلى تمثيل رغبة الشارع العراقي من داخل البرلمان بإقرار الموازنة وتغير قانون الانتخابات ومن ثم المباشرة بإنهاء عمله والانتقال فيما بعد إلى مرحلة جديدة بالبلاد في وقت باتت جميع الحلول تؤكد على ان ليس هنالك طريقاً للمخرج من الأزمة الدائرة سوى بالحل وإدارة الظهر إلى الأرقام والأوزان النيابية".
رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، في إشارة إلى تلك التطورات، أكد اليوم الأثنين، أن "جميع القوى السياسية المشاركة في تحالف بناء القوى ستتعاون في تحمل مسؤولية ادارة الدولة لذلك اطلق عليه تلك التسمية".
وقال الحلبوسي خلال مشاركته في "ملتقى حوار الرافدين" إن "القوى السنية ستحصل على حقوقها بعودة النازحين وإعمار المدن المحررة وإنهاء المساءلة والعدالة والمخبر السري وتعريف التعامل مع الإرهابي في المناطق المحررة"، مبيناً ان "شخصية محمد السوداني المرشحة لرئاسة الوزراء، مهمة وقادرة على تحقيق الإنجازات".
وتابع: "اتحدى أي شخصية من ذكر اسم قيادي سني قد تسبب في تأزم الوضع الشيعي كونه خلاف عميق ولا يحتاج إلى أي شخص من خارجه".
وبشأن تقديم استقالته ودواعي ذلك الأمر، يوضح رئيس مجلس النواب، أنه قد اتخذ ذلك القرار "بمفرده"، و" لم أناقش أعضاء تحالف السيادة بقرار ي مطلقا".
وبين، أن "أحد أسباب استقالتي من منصبي الانتقال من الأغلبية السياسية إلى إدارة الدولة بالتوافقية".
وفي هذا الصدد يقول رئيس مركز "تفكير السياسي"، إحسان الشمري لـ"العين الإخبارية"، إنه "بذهاب السيادة والديمقراطي الكردستاني صوب معسكر الإطار التنسيقي لصناعة توليفة توافقية نكون أمام إعلان رسمي لموت مشروع الأغلبية الوطنية".