إن ما يحدث في البصرة أمر يثير القلق لأنه امتد إلى محافظات أخرى أغلبيتها شيعية و بداية الاحتجاجات كانت مطالبات بتوفير الخدمات.
منذ الثامن من يوليو الماضي والعراق على صفيح ساخن خاصة الجنوب العراقي، وبالتحديد محافظة البصرة المحاذية للحدود الكويتية.
إن ما يحدث في البصرة أمر يثير القلق لأنه امتد إلى محافظات أخرى أغلبيتها شيعية، و بداية الاحتجاجات كانت مطالبات بتوفير الخدمات والعيش الكريم، وتوفير فرص العمل والقضاء على البطالة والفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، وابتداء من شهر سبتمبر الحالي تدهورت الأوضاع إلى قتلى وجرحى وعمليات تخريب وتدمير لمؤسسات الدولة.
طهران لديها أزمة اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات التي فرضتها واشنطن عليها، والتي وصلت إلى منع تصدير النفط الإيراني، وذلك يوضح لنا أن إيران أبرز المستفيدين من أحداث البصرة، وذلك على الرغم من المخاطر التي تتعرض لها
ما أشبه ما يحدث في البصرة بأحداث عام ٢٠١١ بداية ما سمّي بـ"الربيع العربي"، الذي مر بتونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن والكويت، كان على الحكومة العراقية أن تتعظ مما حصل في الوطن العربي وتعمل جاهدة لاستقرار العراق؛ بدلاً من نهب خيراتها وتضخم حسابات الأحزاب ورؤسائها ومن ينتمون إليها بمليارات الدولارات، بينما الشعب العراقي يعيش تحت خط الفقر مما جعل الشعب ينفجر ويهدد استقرار النظام السياسي.
فساد حكومي وبرلماني ومشاكل اقتصادية واجتماعية هذا كله جعل الاحتجاجات تأخذ طريقاً آخر وهو تخريب وتدمير المرافق الحيوية للدولة، مما أدى إلى انهيار الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وفقدان السيطرة.
في المقابل فإن إيران تسعى جاهدة إلى فرض سيطرتها على العراق في إدارة الصراع الحالي، حيث إن طهران لديها أزمة اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات التي فرضتها واشنطن عليها والتي وصلت إلى منع تصدير النفط الإيراني، وذلك يوضح لنا أن إيران أبرز المستفيدين من أحداث البصرة، وذلك الرغم من المخاطر التي تتعرض لها.
زيارة سرية قام بها الجعفري الموالي للولي الفقيه إلى طهران استغرقت عدة ساعات التقى خلالها عددا من المسؤولين على رأسهم المرشد خامنئي والجنرال قاسم سليماني، وذلك على خلفية توتر العلاقات بين ميلشيات حزب الله وعصائب الحق من جهة وحيدر العبادي من جهة أخرى، وطلب الجعفري من إيران التدخل لإيقاف نوري المالكي عن التحريض العلني ضد العبادي، كما طلب من الجنرال قاسم سليماني السفر إلى العراق للقضاء على الاحتجاجات على وجه السرعة.
وخلال لقاء الجعفري بخامنئي لم يحصل إلا على توجيه وأمر للميلشيات المحلية بالعراق بالتوقف عن التصعيد، فحزب الدعوة العراقي النسخة الشيعية لجماعة الإخوان يعني إرهابا في إرهاب، واستمرارية الأوضاع والاضطرابات بعد حرق القنصلية الإيرانية ومواقع الأحزاب الموالية لإيران تُشكل خطرًا على دول الجوار، خاصة بعد أن استعاد تنظيم داعش قوته وبدأ بشن هجمات على قوات الأمن.
إيران تسعى إلى تصدير ما يحدث في العراق الى دول الخليج، وتحديدًا الكويت والسعودية، كطريقة ضاغطة لتهديد إمدادات النفط للعالم، وهذه لعبة خطيرة تقوم بها إيران، فهي تحاول انتزاع حصتها في سوق النفط فترتكب أخطاء وستدفع ثمنها.
وهذا سيؤدي إلى عدم استقرار المنطقة وستواجه إيران تحديات كبيرة في الداخل في حين تسعى إلى إلحاق الأضرار باقتصاد العالم.
إن مايحدث في البصرة أمر خطير نتيجة التصعيد بين أمريكا وإيران، والأخيرة تسعى جاهدة منذ وقت طويل بأن تكون دول الخليج ساحة للصراع، وهذا الأمر سيشعل منطقة العالم الاستراتيجية للطاقة لمدى طويل.
هل وصلت الرسالة؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة