رئيسان للدولة والحكومة.. هل يخرج العراق من عنق الزجاجة؟
عقب أزمة سياسية محتدمة استمرت أكثر من عام، تتحرك العجلة السياسية في العراق وتدور رحاها لتفعيل مخرجات أكتوبر/تشرين الأول التشريعية باستكمال الاستحقاقات الدستورية، عقب تسمية رئيساً للجمهورية وتكليف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة.
ومع انجلاء الأزمة التي أرهقت وهددت السلم الأهلي وعطلت معظم مرافق التشريع والبناء في البلاد، يعتلي الأمل مجدداً لدى الأوساط العامة بأنه تكون تلك بداية لمسار يبعث على التفاؤل والتغيير المنشود، بتصحيح الأخطاء وتدارك الأوضاع العامة من الانهيار.
واستطاع مجلس النواب، الخميس، وعبر جولتي تصويت من انتخاب عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، عبد اللطيف رشيد، رئيساً للجمهورية وتكليف الكتلة النيابية الأكبر بتقديم مرشحها لتشكيل الكابينة الوزارية.
وتأتي تلك الانفراجة، بعد تحركات دولية ضاغطة أجبرت القوى السياسية في العراق على تجاوز خلافاتها عبر الحوار وتقديم التنازلات من أجل المضي باستكمال تشكيل الحكومة وتجنيب البلاد نهايات مفتوحة تنذر بضياع النظام السياسي وشيوع الفوضى.
كانت الممثلة الأممية جينين بلاسخارت، أطلقت صافرة إنذار خلال تقديم إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي من خلال وصف الأوضاع العامة في البلاد بـ"الخطرة"، والتي باتت لا تحتمل الإبقاء عند أزمة انتخابات أكتوبر/تشرين الأول، معززو قولها "خيبة أمل العراقيين كبيرة بقياداتهم السياسية".
بانتظار حلول
المحلل السياسي، علي الكاتب وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، يقول إن "تجاوز الأزمة المركبة وإن كان متأخراً ولكن خير من أن لا تأتي وخصوصاً أن أغلب المؤشرات والدلائل باتت تؤكد على عدم قدرة تحمل البلاد المزيد من الانتظار.
ولكن ذلك لا يعني مغادرة الأزمة، حسب الكاتب، كون ذلك يتعلق بشكل وتركيب الحكومة المقبلة وقدرتها على التعامل مع المشكلات الرئيسة والجوهرية بينها السلاح المفلت والفساد والبطالة والفقر وغيرها".
ويضيف الكاتب، أن "القوى السياسية باتت أمام مواجهة ميدانية مباشرة مع الجماهير الساخطة من الأوضاع العامة في البلاد والتي كانت دائما ما تسوق قصورها أمام المواطنين بذرائع الأزمة وعدم وجود حكومة مخولة لنزع الإشكاليات والبت في المعالجات الملزمة إزاء الكثير من القضايا".
ويستدرك بالقول: "الأخطاء التي خلفتها الحكومات السابقة وتعاضدت في ظل الخلافات السياسية جعل العراق اليوم غير قابل للتجريب والمجازفة كون فرص العودة باتت شحيحة ومنحسرة".
ويخلص الكاتب إلى أنه "على مرشح رئاسة الوزراء محمد السوداني التحرك وفق تلك المعطيات بجلب شخصيات كفوءة ذات إمكانات إدارية وقيادية تتوازى مع تلك التحديات وبخلاف ذلك فإنه لن يكتب لتلك الحكومة أن تستمر أكثر من شهور".
توافقات الحقائب الوزارية
كانت القوى الاحتجاجية التي أحيت الذكرى الثالثة من انتفاضة أكتوبر (تشرين) قد أمهلت السلطات السياسية مهلة أمدها إلى الخامس والعشرين من الشهر الحالي بغية تحقيق مطالبها بمحاسبة قتلة المتظاهرين ومحاربة الفساد فضلاً عن تحقيق انتخابات تشريعية مبكرة بإشراف أممي تام.
وتقف القوى المدنية والمستقلة، فضلاً عن الزعيم مقتدى الصدر وأنصاره في معسكر المقاطعة للعملية السياسية برفض استمرار عمل البرلمان والذهاب نحو حكومة انتقالية لتحقيق انتخابات مبكرة وفق توقيتات معلومة.
رئيس مركز "التفكير السياسي"، إحسان الشمري ، يشير إلى أن "الاحتدام السياسي قد انتهى عند نقطة سريان الاستحقاقات الدستورية بانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء.
ويستدرك الشمري، لكن سنكون قريباً أمام معترك جديد ومختلف من الممكن جداً أن يكون حاضنة وسبباً لأزمات جديدة وهو يتعلق بطبيعة التوافقات على الحقائب الوزارية ورضاء وقبول الشارع لبعض الشخصيات".
ويوضح الشمري خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "عين الشارع الاحتجاجي ترصد ما يحدث وخصوصاً أن ما جرى في مجلس النواب قد مضى بعيداً عن إرادتها ورغبتها في ذلك وبالتالي فهي متهيئة في أي لحظة للانتفاض مجدداً إذا ما كان هنالك توافق على حساب مصالح العباد والبلاد".
ويتبع بالقول: "وكذلك الأمر متوقف عند رغبة القوى السياسية والأطراف الفاعلة في المشهد العرقي في جديتها نحو إزالة ترسبات الماضي بتشخيص الأخطاء ومعرفة التعامل معها وفق ما يقود البلاد إلى مخرجات آمنة".