العراق يضرب جرس "الإنذار".. كارثة موازنة 2022 تغيبها الأزمة السياسية
يضرب الانسداد السياسي الذي يعيشه العراق منذ 10 أشهر بتداعياته معظم مرافق عمل المؤسسات التشريعية يتقدمها تعطل إقرار الموازنة لعام 2022.
ورغم مضي الحكومة في اتخاذ جملة من التدابير والإجراءات الطارئة التي من شأنها تسيير شؤون البلاد مالياً والحفاظ على دورة الاقتصاد العراقي من التوقف، إلا أن ذلك لا يمكن التعويل عليه بشكل دائم مما حدى برئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي بدق جرس الإنذار جراء استمرار تعطيل إقرار الموازنة.
وأوضح رئيس الحكومة خلال اجتماع لمجلس الوزراء، اليوم الخميس، بحسب بيان لمكتبه، حصلت "العين الإخبارية"، على نسخة منه، أن "التحديات التي نواجهها تنعكس على أداء الحكومة وكل مؤسسات الدولة العراقية. أمضت هذه الحكومة 28 شهرًا، ومن المؤسف أنها خلال هذه المدّة كانت هناك موازنة فقط لـ6 أشهر، فكيف يمكن أن تعمل الدولة بغياب الموازنة؟".
- موازنة العراق 2022 في محنة الصراع السياسي.. قانون طارئ يؤجل الأزمة
- هل مصير موازنة العراق 2022 ما زال مجهولا؟.. نواب يفصحون عن الأزمة
ونبه رئيس الوزراء: "نمر في فترة عصيبة، ومع كل هذا عملنا على تذليل الكثير من المشاكل. وكانت هناك مشاريع متلكئة أو فاشلة تم التخطيط لها منذ سنوات طويلة، وعملنا على إحيائها وتحويلها إلى فرص للنجاح، في إعادة بناء المستشفيات المتلكئة ومشاريع أخرى تخص الكهرباء، والنفط، والغاز، والطاقة البديلة؛ ولكن بلا موازنة فإن حياة الناس ستتعطل".
وتابع: "نحن الآن في الشهر الثامن من عام 2022، ولا وجود للموازنة، والخلل ليس في الحكومة إنما بسبب الوضع السياسي الموجود، فكيف نقوم ببناء المدارس وتعبيد الطرق وبناء المشاريع مع غياب التوافق السياسي على تشكيل الحكومة أو إيجاد حل للانسداد السياسي".
ولفت إلى أن "موضوع الموازنة أمر خطير للغاية، ولدينا وفرة مالية جيدة ونحتاج إلى استثمارها في إعادة بناء البنى التحتية وتحقيق مطالب شعبنا الكريم، العراقيون يستحقون أن يروا بلدهم وهو يحفظ كرامة مواطنيه، والأمنيات بأن يروا أبناءهم في مدارس جيدة وطرق معقولة ومؤسسات حكومية فاعلة".
وشدد الكاظمي، على ضرورة أن "تتعاون الكتل السياسية مع الحكومة لإيجاد حل لموضوع الموازنة، ونحن جاهزون للمساعدة والقيام بدورنا كسلطة تنفيذية وفق القانون"، مضيفًا: "لقد قبلنا التحدي في الماضي ونحن جاهزون الآن أيضًا، فقد عملنا بكل هدوء وتحمّلنا الظلم والافتراءات، وكل الإشاعات التي حاولت أن تأخذ من عزيمة السادة الوزراء والحكومة؛ من أجل العراق والعراقيين".
وبيّن الكاظمي: "تأخرنا منذ 17 عامًا والآن لدينا فرصة، وهذه الحكومة كانت على مسافة واحدة من الجميع وركزت على الجانب الفني أكثر من الجانب السياسي، ولهذا أقول: نحن نقف في منتصف الطريق، وعلى مسافة واحدة من الجميع؛ وعليه أتمنى من الكتل السياسية أن تدعم هذه الحكومة لإنجاز مهمتها".
وبشأن تداعيات ذلك التعطيل على الحياة الاقتصادية للبلاد، يقول مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، لـ"العين الإخبارية"، إن "من أخطر ما تواجهه البلدان السائرة في طريق النمو الاقتصادي هو تعطل برامج التنمية الاقتصادية بفعل تباطؤ التشريعات المالية ذات الصلة، وإحدى أخطر أدوات التعطيل هو حرمان البلاد من موازنة استثمارية ".
واستدرك بالقول: "إذ يمثل الإنفاق السنوي على المشاريع الاستثمارية الجديدة (ولاسيما الاستراتيجية ) المرتكز التنموي للتقدم والرخاء الاقتصادي، حيث يتلازم تزايد معدلات النمو الاقتصادي على نحو ينبغي أن يزيد معدلات نمو السكان ويتناسب ونمو العمالة الجديدة أو المضافة إلى سوق العمل وهو أمر يؤشر استدامة نمو الدخل الفردي بتزايد فرص التشغيل".
ويتابع: "فحرمان البلاد من قانون للموازنة عموماً والاستثمارية منها على وجه الخصوص يعني إلحاق تراجع متعجل في التنمية الاقتصادية ودخل الفرد وتدني الرفاهية الاقتصادية التي تمتد آثارها السلبية لسنوات بعيدة بسبب تراجع القوى المولدة للإنتاج وأقصد هنا تراجع تراكم رأس المال المنتج".
ويلفت مستشار رئيس الوزراء، إلى أن "دور الموازنة الحكومية في الاقتصاد العراقي هو كبير ومؤثر جدا، إذ تشكل وفق الموازنة العامة السنوية نسبة تقترب من ٥٠٪، من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، لذا فإن تقييد الإنفاق الحكومي، يعني في المحصلة تقييد دور الدولة الفاعل في الاقتصاد ولاسيما الاستثماري منه".
ويعزز ذلك الرأي ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي موسى الموسوي، إذ يؤكد أن "تعطل إقرار الموازنة العامة للبلاد لا يخلف تعثراً في دورة الاقتصاد المحلي فحسب وإنما يضرب في اجتراره مساحات أكبر قد تؤدي إلى توقف شبه تام للمشاريع العمرانية والاقتصادية والعلمية والتعليمية".
ويبدي الموسوي مقترحاً خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، لتجاوز هكذا أزمات محتملة في قادم السنوات تتمثل في "إجراء تعديلات على القوانين المتبعة من قبل الجهات المالية المعنية بذلك الأمر من خلال جعلها خمسية أو عقدية لمدة عشر سنوات أو لمدة سنتين أو ثلاث سنوات مع وضع آلية للمتغيرات التي تطرأ خلال فترة الموازنة".
وفي حال تعطل إقرار الموازنة العامة للبلاد، يتيح قانون الإدارة المالية رقم 6 أن يتم الإنفاق وفق مبدأ 12/1 من السنة الماضية بحسب بيانات السنة السابقة، بما يضمن الوصول إلى ما يقارب 120 تريليون دينار من الصرف.
وكان مجلس النواب العراقي، صوت في يوليو/ تموز الماضي، على قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية"، حددت نفقاته بحدود 17 مليار دولار، في خطوة تتيح للحكومة الإنفاق على مشاريع مختلفة ذات أولوية بهدف تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار في البلاد.
aXA6IDE4LjIyNC41My4yNDYg
جزيرة ام اند امز