الانتخابات المبكرة.. طوق نجاة العراقيين من فساد ونفوذ إيران
العملية الديمقراطية تأتي هذه المرة تحت ضغط شعبي عارم وبقوانين انتخاب تبشر ببتر الوجوه الفاسدة وتقضي على نفوذ إيران وأذرعها.
مع إعلان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي موعد إجراء الانتخابات المبكرة في العراق، تدخل أغلب القوى السياسية في تفاصيل المرحلة المقبلة لحزم الأمتعة صوب صناديق الانتخابات.
العملية الديمقراطية تأتي هذه المرة مختلفة عن 5 تجارب سابقة كونها جاءت تحت ضغط شعبي عارم وبقوانين انتخاب تهدد بعض الكيانات بالزوال والأفول، ما يمثل طوق نجاة للعراقيين من الوجوه الفاسدة ويبشر بالقضاء على نفوذ إيران وأذرعها، بحسب خبراء ومراقبين.
الجميع أعلن عن تضامنه مع الذهاب إلى عملية جراحية مبكرة لاستبدال الوجوه الفاسدة وإنهاء تواجد الكثير من القوى في المشهد السياسي التي باتت مرفوضة شعبيا وإقليميا وخصوصا القوى الموالية لإيران ممن لم يقدموا لناخبيهم ومناطقهم سوى الحرب والفساد ونُذٌر المجاعة والإفلاس.
- العراق يواصل معركته ضد مليشيات إيران.. متحدث عسكري يوضح
- تدخلات إيران تعرقل الانتخابات المبكرة في العراق
ويدور الحديث إذا عن تجربة جديدة تحذوها آمال وتطلعات الجماهير التي قدمت آلاف الجرحى وأكثر من 560 شهيدا منذ تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
في الطرف الآخر، قوى ذات أثقال سياسية تخشى أن يطيح بها قانون الانتخابات الجديد الذي مازال تحت قبة البرلمان قيد التجاذبات والتصويت وهو ما يعزز من مخاوف الشارع في تعطيل إقراره ووئد الانتخابات المبكرة.
وفي هذا الصدد، يؤكد المحلل السياسي نبيل الغنام، أن "القوى السياسية متمثلة بأذرعتها البرلمانية غير جادة في حسم الفقرات المختلف عليها في قانون الانتخابات لكون ذلك لا يصب في مصلحتها وربما ستكون هي المتضرر الأكبر مستقبلاً".
ويتابع الغنام في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "إنجاح الانتخابات المقبلة يحتاج إلى مقدمات وتصورات وخطط مسبقة وإلى الآن لم نلمس أي من ذلك فأغلب القوى السياسية غير متفقة على تحقيق تطلعات الجماهير الغاضبة في انتخابات مبكرة ذات فوائد كما هو مخطط له ومتوقع منها".
ويتساءل الغنام: "كيف نستطيع إنجاز انتخابات نزيهة وشفافة في موعدها المعلن في ظل انفلات سلاح الميلشيات وحضورها السياسي في السلطتين التنفيذية والتشريعية؟".
وتابع: "نحتاج إلى جلسة حوارية شاملة يجتمع على طاولتها جميع القوى السياسية وحتى الفصائل منها لإنضاج التفاهمات الوطنية والتسليم بأن البلاد لا تحتمل مجازفات طائفية أو غيرها، وأن جميع فرص الإنقاذ استنفدت ولم يتبق سوى الانتخابات المبكرة".
وفيما تتطلع البلاد لأحداث عملية إزاحة سياسية وإنتاج طبقة برلمانية ناضجة قادرة على تقديم الوطن على المصالح الفئوية، يؤكد المحلل السياسي ماهر جودة، أن "بقاء المال السائب واستخدام سياسة الترغيب والترهيب وحصر موارد الدولة بيد طبقة سياسية ميليشياوية متعجرفة لن تكون نتائجها مختلفة كثيرا عن انتخابات 2018، التي أنتجت لنا رموزا في الفساد وبرلمانا غير شرعي".
وشهدت الانتخابات البرلمانية 2018، تراجعا كبيرا فى مستوى المشاركة الشعبية إلى حدود لاتتجاوز الـ30%، فيما برزت قوى وكيانات الحرب كلاعبين رئيسيين في المشهد السلطوي عقب انتهاء عمليات تحرير العراق من تنظيم داعش الإرهابي.
التجارب المريرة عبر 18 عاما من الاجترار السياسي، تضع حكومة الكاظمي المؤقتة أمام تحديات كبيرة لتمثيل إرادة الجماهير وإسدال الستار على السلطة في العراق، فيما تُصعب الأزمة الاقتصادية جراء هبوط أسعار النفط وهطول جائحة كورونا من مهام رئيس الوزراء".
وحتى ذلك الحين يبقى الجميع مرتقباً لشكل الحكومة المرتقبة الانبثاق من انتخابات يونيو/حزيران 2021.
ويرهن ماهر جودة في حديث لـ"العين الإخبارية"، شكل البرلمان المقبل، في قدرة الكاظمي على إنتاج جيل ثالث يستمد شرعيته من منصات التظاهر ويأخذ على عاتقه تطهير الواقع السياسي من الأمراض المستعصية كالفساد والمحسوبيات الحزبية والتجاذبات الإقليمية.
إلى ذلك يرى المحلل السياسي صباح زنكنة أن القوى التي ستأتي في المستقبل هي رهينة بالعملية السياسية وثقل القوى التي أسست البنى التحتية للدولة العميقة وربما سيؤثر ذلك في إنتاج وجوه جديدة ومنهج جديد.
ويرى "زنكنة" من الأهمية خلق تيار سياسي واعد من مشارب مختلفة يؤسس لأضعاف القوى القديمة وتأسيس قوى جديدة تتجاوز الاصطفافات المذهبية والقومية التي طغت على المرحلة السابقة وكانت تجلياتها واضحة في التشظي والاختلاف والانقسام الذي أسهم في ظهور وتقوية الدولة العميقة وإضعاف الخارطة الوطنية.
ويستدرك زنكنة بالقول: "أعتقد أن هنالك قوى سياسية ستضعف مستقبلا وستكون في ذيل القائمة فالقوى الموالية لإيران ستكون الأكثر تضررا وخصوصا أنها فقدت قواعدها الجماهيرية في الوسط والجنوب بعد الاستياء والغضب الذي ساد ساحات التظاهر منذ نحو عام.
فيما يرى زنكنة أن "لدى القوى المعتدلة، غير الموالية لأي دول، في العراق حظوظ أكبر على صنع التغيير دون التوقف عند شكليات ومظاهر تنتهي عند حدود التجميل".
وتحاول المافيات والأحزاب الفاسدة، جاهدة وضع العصا في الدولاب وتعطيل حركته حتى لا يزال السقف على رؤوس.
وتقدم تلك الأحزاب وممثليها من الفاسدين خطوة وتؤخر أخرى، ومواقفها في العلن تتناقض مع آرائها في الخفاء. وهنا يلفت ماهر يودة إلى أن بعض القوى تحاول اصطناع الأزمات حتى تطيل من أمد بقائها خشية التعرض للقضاء وتقديمها للعدالة بجرائم فساد وقتل واختلاس".
ويشدد يودة على أنه "حتى نقود انتخابات مبكرة نزيهة لا يشوبها التزوير والتأثير الحزبي، علينا استدعاء الأمم المتحدة للتدخل في ذلك الأمر ولكن بشكل أكثر حزما ووقعا من التجارب السابقة بحيث تكون فيها بعيدة كل البعد عن المجاملات السياسية".