المشهد الانتخابي العراقي.. بين تحالفات تقليدية وقوى ناشئة
وسط مشهد انتخابي مفصلي ومعقد تتبارى القوى والتحالفات والشخصيات المرشحة في كسب ود صناديق الاقتراع التي ستفتح فوهاتها في الـ10 من الشهر الحالي.
ورغم أن المعطيات الأولية تؤشر لوجود كبير لقوى تقليدية كانت حاضرة في انتخابات 2018 وما قبلها، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود كيانات وتحالفات جديدة قد تكون أمامها فرص لإثبات ثقلها الانتخابي وإمكانية تعزيز حضورها مستقبلاً.
وتنفرد الانتخابات التشريعية لعام 2021، بسمات تميزها عن سابقاتها من بينها تقدمها على توقيتاتها التشريعية بنحو 6 أشهر وعلى إيقاع قانون انتخابي جديد.
فضلاً عن ذلك فإن الاقتراع يعد الأول من نوعه الذي لم يرشح فيه رئيس كابينة حكومية أو أحد أفرادها من الوزراء لتلك الانتخابات.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد أعلن في مايو/أيار، عدم وجود أي نية لديه للترشح للانتخابات المبكرة، وسيتركز دوره في تهيئة المتطلبات اللازمة لإنجاحها.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة الانتخابات في الأول من مايو/أيار الماضي ، عن انتهاء فترة تسجيل التحالفات وتقديم أسماء المرشحين بعد أن مدَّدتها أكثر من مرة.
ويتنافس في الانتخابات المقررة، الأحد المقبل، (21) تحالفًا سياسيًّا تضم بمجموعها 58 حزبا، فيما يبلغ المجموع الكلي للأحزاب المشاركة 167حزبًا، منها 58 تشارك ضمن تحالفات، و109 منفردة.
ويبلغ عدد المرشحين (3249) مرشحًا منهم (959) مرشحًا قدمتهم التحالفات، فيما قدمت الأحزاب التي دخلت منفردة (1501) مرشح، في حين يبلغ عدد المرشحين المستقلين (789).
ووفقاً لقانون الانتخاب الجديد الذي شرع في نهاية العام الماضي، يقسم العراق إلى 83 دائرة وتضم غالبية المرشحين، والثانية تكون خاصة بالأقليات حيث تكون المحافظة دائرة واحدة لكل من "الأيزيديين والشبك في نينوى" ودائرة واحدة للكرد الفيليين في واسط. فيما تعد البلاد دائرة واحدة بالنسبة لكلٍّ من المسيحيين والصابئة المندائيين.
قوى قديمة وأخرى ناشئة
رغم أن التكتل المذهبي واللون الطائفي يتقدم مضامين حركة القوى والتحالفات الانتخابية التي توزعت كل على ردائه الديني والقومي، إلا أن هنالك كيانات وأحزاب قفزت على السائد، يرجح ان تكون لها حظوظ انتخابية.
ويعد حزب "قادمون" برئاسة حسين الرماحي، أحد تلك النماذج الجديدة المنبثقة عن منافسات المشهد الانتخابي والذي الذي قدَّم مرشحيه في (17) محافظة وبالعدد الأعلى للمرشحين (182) مرشحًا، من بين الأحزاب والتحالفات.
وقبيل المرحلة التي سبقت انتهاء تسجيل الأحزاب والشخصيات المرشحة لخوض الانتخابات، كانت هنالك قوى قد انبثقت عن "حراك تشرين" وسط ترجيح بثقل كفتها إلا أنه سرعان ما تبدد ذلك سريعاً بعد ان اختار بعضها المقاطعة ، فيما ذهب البعض الآخر منضوياً تحت غطاء التحالفات.
وفي الجانب الآخر، يشكل المرشحون الأفراد أهم الإضافات التي تحسب لقانون الانتخابات الجديد وهو ما يمكن أن يشكل تغييراً في خارطة الأرقام الكلاسيكية التي توزعت خلال الممارسات الأربع الماضية على أعضاء الكتل والتحالفات والأحزاب حصراً.
مناطق الاحتدام
تتوزع مناطق الاحتدام في انتخابات 2021، بين ثلاث مكونات رئيسة في العراق وهم القوى الشيعية والسنية والكردية، فيما تشكل البقية مساحة أقل ثقلاً بحكم الأحجام والأوزان .
ففي المشهد الشيعي السياسي، يبدو أن التنافس سيكون أكثر تعقيداً مقارنة ببقية المكونات الأخرى، في ظل ظهور قوى سياسية جديدة عديدة تمثل مزاجا سياسيا وشعبيا مختلفا، قد يشكل تحديا ذو شأن للقوى السياسية التقليدية.
وبحسب المؤشرات والأرقام فإن الثقل الشيعي يتمثل في تحالفات أساسية وهي الفتح برئاسة هادي العامري ومعه قيس الخزعلي، وتحالف قوى الدولة الوطنية بزعامة عمار الحكيم ومعه رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، وتحالف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، وحزب الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر.
وهنالك تحالفات ذات شكل آخر اعتمدت قوتها على قادتها الذي شغلوا مناصب مهمة في الدولة العراقية ما بعد 2003، مثل حزب "المنقذون"، الذي يرأسه المرشح الأسبق لرئاسة الوزراء والوزير الأسبق، محمد توفيق علاوي، وحركة "إنجاز" التي يرأسها الوزير الأسبق لعدة حقائب، باقر جبر صولاغ، وتجمع "الفاو زاخو" الذي يرأسه وزير النقل الأسبق، عامر عبد الجبار، وآخرون.
وتتقاسم قوى شبابية قريبة من مزاج الشارع الاحتجاجي، المساحة التي تتكئ عليها القوى الشيعية الكبيرة مثل حركة "امتداد" برئاسة علاء الركابي وحزب "قادمون" برئاسة حسين الرماحي، وقوى أخرى.
وتتوزع جماهير القوى الشيعية السياسية المشاركة في الانتخابات المبكرة في عشر محافظات وهي: بغداد, واسط , ذي قار، ميسان، البصرة، القادسية ، المثنى، بابل النجف ، كربلاء.
القوى السنية
بطالعة عدد القوائم والتحالفات المرشحة لخوض الانتخابات التشريعية التي تمثل الجمهور السني تظهر أقل بكثير من القوى الشيعية المنافسة وهو ما يؤشر على مشهد أقل تعقيداً وأكثر قدرة على القراءة والتكهن.
فرغم تعدد القوى السنية السياسية إلا أن هنالك تحالفين رئيسيين يشكلان هيمنة كبيرة على بقية الكيانات المشاركة وهما تحالف "تقدم" الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب الحالي محمد الحلبوسي، و"عزم" برئاسة رجل الأعمال خميس الخنجر واللذان يضمان أغلب الكيانات والشخصيات السياسية التي كان لها حضور في الدورات الانتخابية السابقة.
ويلحق بالفريقين، تحالفات سنية أخرى ذات طبيعة محلية حصرت طموحها الانتخابي ضمن حدود محافظات معينة، مثل تحالف "جماهيرنا هويتنا" في محافظة صلاح الدين والتحالف العربي في كركوك، وغيرها.
وتتفاوت حظوظ القوى الأخرى ومن أبرزها حزب "للعراق متحدون" الذي يرأسه رئيس البرلمان الأسبق، أسامة النجيفي، والمشروع الوطني العراقي بزعامة جمال الضاري، وحزب الجماهير برئاسة النائب أحمد الجبوري.
وتقع المساحة الجماهيرية للقوى السنية السياسية في العراق عند 6 محافظات رئيسة وهي : اأانبار، صلاح الدين ، ديالى، كركوك، نينوى، بغداد.
المشهد الكردستاني
بالاتجاه شمالاً نحو الجبال، سنجد أن الأوزان والعناوين الرئيسة التي طغت على المشهد الانتخابي الكردستاني، طوال السنوات الماضية ليس بالمختلف عن معطيات اليوم ما خلا بعض المتغيرات الطفيفة التي طرأت على خارطة القوى التقليدية.
ويتشاطر الحزبان الرئيسان في كردستان وهما الديمقراطي الكردستاني الذي يمتلك الغلبة في أربيل ودهوك والاتحاد الوطني ومعه حركة التغيير (كوران) الذي تقع مساحة جمهوره في السليمانية والمقاعد الكردية في كركوك احد المناطق المتنازع عليها إدارياً بين حكومتي المركز والإقليم.
aXA6IDE4LjIyNy4wLjI1NSA= جزيرة ام اند امز