"الحشد" يحصد مرّ ما زرع.. العراقيون يعاقبون "سلطة السلاح"
سقط الحشد الشعبي من قمة التربع على تصدر نتائج الانتخابات التشريعية في العراق إلى قاع الترتيب، في تصويت عقابي حملته انتخابات أكتوبر.
فبعدما كان التحالف الموالي لإيران، القوة الثانية في البرلمان السابق بـ48 مقعداً، حاز جناحه السياسي الأبرز "تحالف الفتح" والحليف القوي لطهران، نحو 15 مقعداً فقط في انتخابات العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، وفق النتائج الأولية المعلنة من العليا للانتخابات.
وهكذا فقد التحالف الممثل للحشد الشعبي في خسارة مدوية في الانتخابات التشريعية ثلث نوابه بالبرلمان، ما يؤشر الى تخلّي ناخبيه عنه بسبب رفضهم لسلطة السلاح ومطالبتهم بتعافٍ اقتصادي سريع، ما سيمنعه من فرض رأيه كما في السابق في تشكيل الحكومة، وتسمية رئيس الوزراء.
اللجوء للفوضى
ولجأ قياديون في التحالف إلى مزاعم بالـ"تزوير" شابت العملية الانتخابية، وتوعدوا بالطعن بها، بل حرضوا أنصارهم للخروج في مظاهرات، في مدن مختلفة بالعراق، بذريعة الاحتجاج على النتائج المعلنة حتى الآن.
ويتخوف البعض من توترات سياسية وربما أمنية بعد الانتخابات، خصوصا بعد رفع أحزاب مقربة من إيران مساء السبت النبرة، متهمةً في بيان المفوضية الانتخابية بأنها "لم تصحّح انتهاكاتها الجسيمة" التي ارتكبت خلال عملية عدّ وفرز الأصوات، واتهمتها بإفشال العملية الانتخابية. وحذرت تلك الأحزاب في الوقت نفسه من "الانعكاسات السلبية" لذلك "على العملية الديمقراطية" في البلاد.
في الوقت نفسه، اتهمت الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية التي تضمّ فصائل موالية لإيران بعضها منضو في الحشد، في بيان الأحد "أيادي أجنبيّة بالتلاعب في نتائج الانتخابات" وبـ"تزويرها بإشراف حكوميّ". ويرى خبراء أن هذه النتيجة المحرجة لتحالف الفتح والحشد الشعبي الذي دخل البرلمان للمرة الأولى في عام 2018 مدفوعاً بالانتصارات التي حققها إلى جانب القوات العسكرية الحكومية ضد تنظيم داعش، تفسّر بإخفاقه في تلبية تطلعات ناخبيه.
ويؤكد كثيرون أن أبرز أسباب عزوف جماهير الفتح والحشد عن التصويت لهما هو العنف والممارسات القمعية المنسوبة للفصائل الموالية لإيران والمكوّنة للحشد الشعبي الذي يتألف من نحو 160 ألف مقاتل.
يضاف إلى ذلك غياب الخطط الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد في بلد غني بالنفط، ولكنه يعاني من تردّ في الخدمات العامة وفساد مزمن، بعد عامين من انتفاضة شعبية طالبت خصوصاً بتغييرات على مستوى المعيشة.
شعارات فارغة
ولم يخف بعض العراقيّين اعتمادهم التصويت العقابي ضد تحالف الحشد الشعبي، وتنقل وكالة "فرانس برس" عن العراقية سلوى -طالبة جامعية من أنصار الفتح- رفضها التصويت للتحالف كما فعلت في عام 2018، قائلة إن "الفتح خسر لأنه حمل شعارات فارغة".
في هذا السياق يرى رئيس مركز "التفكير السياسي" إحسان الشمري أن أبرز أسباب تراجع الفتح هو "اعتماده على السلاح". ويردف الباحث في حديث لوكالة "فرانس برس"، أن "إعلانه بأنه حليف إيران أضر بشكل كبير بشعبيته".
وظهرت فصائل الحشد، بالنسبة إليه، في أكثر من موقف وكأنها "فوق الدولة، وهذا ما لم يكن مقبولا من جمهورها".
وبعد الاحتجاجات الشعبية التي هزّت العراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019، كان العشرات من الناشطين ضحايا عمليات خطف واغتيال ومحاولات اغتيال اتهمت الفصائل الموالية لإيران بالوقوف خلفها، ولم يحاسب أحد عليها حتى الآن.
ويقول جلال محمد للوكالة الفرنسية، صاحب متجر، إنه لم يعط صوته للحشد، موضحا: "شعرنا بالملل منهم، فالعراق منحدر بكل معنى الكلمة، وزعماء الحشد يسكنون المنطقة الخضراء (منطقة المقرات الحكومية وبعض السفارات في العاصمة)، وأرتال حمايتهم هائلة، ولا يرون أحداً".
بوادر انشقاق
وفي بوادر انشقاق بسبب النتائج المذلة، نقلت وكالة "فرانس برس"، عن مصدر في الحشد الشعبي عن تبادل قيادات سياسية داخل التحالف اتهامات بشأن هذا التراجع الانتخابي، من سوء إدارة الماكينة الإعلامية وطريقة توزيع المرشحين على الدوائر الانتخابية، ما أسهم في تشتيت الأصوات وضياعها.
ويقول المصدر ذاته إن "انعدام التجانس داخل تحالف الفتح ومحاولة جميع الأحزاب داخله فرض مرشحها في منطقة واحدة أحيانا أضاع الأصوات".
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yNiA=
جزيرة ام اند امز