الغليان الشعبي الذي يسود مدن وبلدات الجنوب والوسط العراقي، أصاب الطبقة السياسية الحاكمة بالصدمة.
الغليان الشعبي الذي يسود مدن وبلدات الجنوب والوسط العراقي، أصاب الطبقة السياسية الحاكمة بالصدمة.
مطالب الناس العاديين تحولت لإدانة كاملة لكل من حكم العراق؛ العراق الأميركي - الإيراني الذي استبدّت به ثلة من الحزبيين الإسلاميين الشيعة، ومعهم «تكميلة» أخرى من إسلاميي السنّة وبعض الكرد.
غير أن نصيب الأسد من ثروات العراق، ونفوذ العراق، ودولة العراق، حازته جماعات موالية؛ تقليدياً للجمهورية الإيرانية، أو قل للنظام الخميني الحاكم، وفي مقدمها مليشيات «بدر» و«عصائب أهل الحق» و«حزب الله - العراق»، وبقية فصائل «الحشد الشعبي» الطائفي؛ مثلاً «كتائب الخراساني» المعلنة صراحة أنها جزء أصيل من «الحرس الثوري» الإيراني.
لماذا مظاهرات وهبّات العراقيين هذه المرة صادمة لسادة المنطقة الخضراء، وقواد المليشيات المسلحة الشيعية؟
الخطير والمخيف بالنسبة لحكام العراق الجدد، من حزب الدعوة وبقية جماعات الإسلام السياسي الشيعي الموالي لإيران، الشعار الصارخ للغاضبين: «كلا كلا للفساد» في البلد الذي يحتل المرتبة الـ12 على لائحة الفساد العالمي
لأن جمهور الغضب العراقي حالياً، هم الخزان البشري الطبيعي لهذه الأحزاب والعصابات، من أقصى الجنوب العراقي؛ البصرة، اندلعت شرارة المظاهرات والغضب أول هذا الشهر، لتسري موجة الغضب إلى الناصرية والسماوة والديوانية، وبقية مدن الجنوب والوسط، ذات الغالبية العراقية الشيعية الكاسحة.
ضع ذلك مع وقفات الغضب من قبَل الشعب الإيراني منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي حتى اليوم، تحت شعار مكافحة الفساد ونقص المياه والكهرباء، وبكلمة واحدة؛ إدانة النظام الحاكم العاجز والفاسد والمراهق سياسياً.
في 8 يوليو (تموز) الحالي تفجر بركان الغضب في البصرة؛ وزاد الأمر تعقيداً وقوع بعض القتلى من الجماهير... قتلى من أهالي البصرة والنجف وكربلاء والسماوة؛ أي العمق العميق لشيعة العراق.
الخطير والمخيف بالنسبة لحكام العراق الجدد، من حزب الدعوة وبقية جماعات الإسلام السياسي الشيعي الموالي لإيران، الشعار الصارخ للغاضبين: «كلا كلا للفساد» في البلد الذي يحتل المرتبة الـ12 على لائحة الفساد العالمي.
ارتفع السقف أكثر، ودعا بيان تنسيقية المظاهرات بالناصرية للتظاهر في العاصمة بغداد، وشدد البيان على «إيقاف جميع المطالب والتأكيد على مطلب واحد فقط هو: إسقاط الفاسدين». مضيفاً: «ليس لدينا مطلب غيره... أما مطلب إسقاط ومحاكمة الفاسدين، فهو مطلب شعبي ومطلب وطن»، حسبما جاء في البيان.
لا حيدر العبادي رئيس الحكومة؛ ولا مقتدى الصدر رمز الغضب الشعبي، في وضع يمكنهما من احتواء الغضب، حتى الآن، فهل يكون هذا السخط الشعبي مقدمة لتغيير عراقي أكبر يشفي العراق من داء الطائفية والفساد، أم هو جرس إنذار وتنبيه من دون أن يعني بالضرورة تغييراً شاملاً، أم هو صرخة عالية ستذوب في وديان الصمت؟
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة