العراق يدشن عصر المقاتلات المحلية.. صناعة السلاح تعود من الباب الكبير
يستعد العراق لاجتياز مرحلة هامة من مراحل استعادة قدراته التاريخية في صناعة السلاح عبر تدشين عصر المقاتلات محلية الصنع.
والمرحلة الهامة يعتزم العراق خلالها تجميع الطائرات المقاتلة محليا، فضلا عن صناعة طائرات عمودية وطائرات مراقبة إلى جانب أنواع مختلفة أخرى من السلاح والعتاد الحربي.
- وافقت عليه كل حكومات العراق ولم ينفذ.. المشروع الحلم "حبيس الأدراج"
- مفاجأة الحرب.. العراق يكسب 25 مليار دولار "خارج التوقعات"
ويأمل العراق من خلال هذا الفتح، لاستعادة قدرته على الصناعة بشكل عام وتوفير مدخولاته الأجنبية من العملة الصعبة، فضلا عن ضرب لوبيات استيراد السلاح من الخارج والتي أتت على جزء كبير من اقتصاد البلاد.
تدشين عصر المقاتلات المحلية
وقال رئيس هيئة التصنيع الحربي محمد صاحب الدراجي، في تصريح صحفي تابعته "لعين الإخبارية"، أن العراق أبرم مذكرات تفاهم مع عدة دول لتعزيز عملية تسليح القوات الأمنية ونقل التكنولوجيا والمساعدة في تطوير الصناعات الحربية.
وبين أن "مدى تأثير ومصداقية هذه المذكرات يتضح بالتجربة ولغاية الآن أبرمنا مذكرات مع تركيا وبولندا ونحن في إطار توقيع مذكرات تعاون مع بريطانيا وباكستان ومدى نجاح الموضوع يتضح مع مرور الوقت".
وكشف الدراجي: "لدينا مشروع لتجميع الطائرات المقاتلة والدولة تبنت مشروع طائرة مقاتلة تصنع محلياً ولدينا نقاشات مع بعض الدول لتجميع طائرات (الهليكوبتر) في العراق فضلا عن عمليات التصليح والصيانة".
وأضاف، أن "الهيئة تبنت ما هو أكثر من التجميع أيضاً مع طائرات المراقبة حيث تم تصنيع البدن داخل العراق وتم إنجاز ثلاثة نماذج".
وقال إن "هنالك خطوطا إنتاجية جديدة لصناعة الأسلحة والعتاد الخفيف دخل قسم منها الخدمة والقسم الآخر في طور الوصول إلى مرحلة البدء بعمليات الإنتاج".
تاريخ صناعة السلاح في العراق
وللعراق تاريخ مع الصناعات الحربية دشنه في مطلع سبعينيات القرن الماضي، حين أنشئ ما يعرف حينها بـ"هيئة التصنيع العسكري"، وسبقها بإعداد كوادر فنية وهندسية وإدخالهم دورات وتبادل للخبرات مع دول شرقية وغربية.
وحققت الصناعات العسكرية قفزة كبيرة على مستوى التجهيز والإنتاج لمختلف صنوف الأسلحة والذخائر خلال حرب الثماني سنوات مع إيران، إلا أنها تقلصت بعد غزو العراق للكويت ومن ثم إلغاء تلك الصناعات عام 2003، بقرار من الحاكم الأمريكي المدني حينها، بول بريمر.
وكان العراق يمتلك عشرات المصانع الكبرى في مجال الصناعات الحربية التي تنضوي تحت 64 شركة، وتشغل ما يقرب 45 ألف عامل، قبل أن يتم حلها ودمجها ببقية الوزارات.
وأجبرت الأمم المتحدة من خلال لجان التفتيش الدولية، العراق ما بعد عام 1991، على تهديم وتفكيك أغلب منشآته المختصة بالصناعات العسكرية ومراكز البحوث النووية خشية من الاستخدام المزدوج.
لكن العراق استأنف الصناعات الحربية عام 2015، على وقع سيطرة داعش على عدد من مناطق البلاد، باتخاذ منشأة عسكرية معطلة مقراً لها عند جنوب العاصمة بغداد، تمكن من خلالها من صناعة صواريخ قصيرة المدى من بينها "اليقين"، فضلاً عن قنابل خاصة بطائرات "سوخوي" الروسية.
خطة تطوير القطاع
وعن متطلبات تطوير الصناعة الحربية بالعراق أوضح الدراجي، أن "التصنيع الحربي بحاجة إلى تجديد دماء العاملين ورفده بمهندسين وفنيين من الشباب، أفقهم قابل للتطور من خلال الثورة الرقمية الموجودة في العالم الان ونحتاج للتعشيق بين الخبرة القديمة والطاقات الشبابية الجديدة".
وكان الدراجي قد أكد في تصريح مقتضب لـ"العين الإخبارية"، في فبراير/ شباط الماضي، إنه "يجري التحضير والاستعداد للعودة بصناعة العديد من الذخائر والأسلحة، ولكن نجتنب الخوض في تفاصيل الأمر أمام وسائل الإعلام".
ونوه الدراجي، حينها، إلى أن "ملف الصناعات العسكرية في العراق تعترضه بعض العقبات بينها لوجستي وبعضها سياسي لتضرر بعض الجهات من توطين السلاح داخل البلد خشية أن يخسروا امتيازات كان استحصلوا عليها من خلال النسب التي يستحصلوا عليها جراء صفقات استيراد السلاح".
وصوت مجلس النواب في الـ23 من نوفمبر/أيلول 2019، على مشروع قانون هيئة التصنيع العسكري استناداً إلى احكام المادتين (61/البند اولاً و80/ البند ثانياً) من الدستور العراقي النافذ.
مكاسب اقتصادية
وأوضح رئيس هيئة التصنيع الحربي، أن "الظروف التي مر بها العراق استنزفت طاقات وموارد عسكرية واقتصادية، ونحتاج إلى استراتيجية جديدة لبناء قدراتنا الدفاعية وقدرات الجيش، وهذه الاستراتيجية يجب أن تبنى على أساس أن قوة البلد هي المدعاة للسلام، والسلاح وسيلة ردع فقط لكل من يفكر بالاعتداء على البلد".
وتابع: "نحتاج إلى تطوير كبير في كم ونوع الأسلحة، وأيضاً الحروب تغيرت وأصبح للأمن السيبراني والحرب الإلكترونية والاقتصادية دور واضح، وتوطين الصناعة العسكرية في العراق له أهمية كبيرة جداً في درء الحرب الاقتصادية على البلاد والحفاظ على العملة الصعبة وتقوية الأمن القومي للعراق".
واستدرك بالقول:" لغرض الوصول إلى مستوى جيد من الاكتفاء في الجانب التسليحي يجب تطبيق استراتيجية واضحة، إذ يجب التعاون مع القطاع الخاص وأن تكون عقلية الدولة والمسؤول مبنية على أن يكون المستهلك النهائي الذي يحتاج لتدعيمه وتحقيق الاكتفاء هو الجيش، بتدعيم عمل هيئة التصنيع الحربي وتحقيق الاكتفاء المنشود".
وشدد على "أهمية ترسيخ فكرة تصنيع السلاح في الداخل، مجتمعيا، كواجب وطني داعم للأمن القومي وذي فائدة اقتصادية كبيرة للبلد لأنه سيمنع خروج الأموال الممكن الاستفادة منها داخلياً".