ما بين 2003 عام سقوط نظام صدام حسين وعام 2023، عشرون عاماً، ماذا تغيّر؟ وما هو الاتفاق السري الأمريكي الإيراني الذي اتفق عليه الجانبان في احتلال وحكم العراق؟!
سألت صديقاً عراقياً: ما المسافة بين العراق وإيران؟ فوضع إصبعين من يده، قائلاً: هذه هي المسافة! ورجعت وعكست السؤال: ما المسافة بين إيران والعراق؟ وضع كل أصابع يده العشرة! قلت له: أليست المسافة واحدة؟ قال: لا، نحن نحسب أن الإيرانيين جيران وأصدقاء، لكنهم يحسبوننا أعداء يجب احتلانا وإذلالنا، واستعبادنا كبوابة يجب أن تظل مفتوحة على بلاد العرب لاستعمارهم استعماراً فارسياً وإحياء الإمبراطورية الفارسية من أرض بغداد! لهذا السبب المسافة بيننا وبينهم ليست واحدة!
سألت صاحبي العراقي: هل تعلم ما الاتفاق الأمريكي العراقي الذي مهد لسقوط العراق واحتلاله بين الطرفين؟
قال لي: اسمع جيداً منذ عشرين عاماً، هل رأيت أمريكياً يعبث في المكونات العراقية ويتحكم فيمن يدير العراق؟ قلت له: لا وإنما هذا المشهد هو دور الإيراني الذي يجتمع في القيادات العراقية ويتولى عليهم الفرمانات الفارسية! قلت: نعم.. وصلت لنصف السر! لكن ما النصف الآخر؟ قال: سأعطيك حل اللغز في كلمتين، أن أمريكا وإيران اتفقتا على أن أمريكا لها تحت العراق، وإيران لها فوق العراق!
قلت له ماذا يعني؟ قال: ألم تفهم بعد؟! معناها أن أمريكا تتحكم في نفط العراق الكامن تحت الأرض، بينما إيران تتحكم فوق الأرض وهو حكم العراق! أفهمتني الآن؟
قلت له: نعم.. فهمت، يعني ما دام الأمريكان يستحوذون على نفط العراق، فلا علاقة لهم بما هو فوق أرضه (العراق)، وما دام الإيرانيون يمسكون بزمام الأمور (فوق الأرض) ويحكمون العراق، فإنهم سيسعون لضمان أن بغداد ستصبح خلال عشرات السنوات إيرانية، ويصبح ما تحت وما فوق العراق إيرانياً.
قال صديقي العراقي: ومن تعتقد أنه نجح؟ قلت: كلهم نجحوا إلا العراقي خسر! قال: في هذه أنت على صواب، ولكن أنا أسأل عن الإيراني والأمريكي؟ قلت له: الإيراني لأنه يحكم شعب العراق!
صديقي العراقي أضاف: مخطئ، فمن ربح هم الأمريكيون الذين يستحوذون على النفط العراقي منذ عشرين عاماً، وهم يدركون أنه سيأتي يوم وينهزمون فيه من العراق، لكنّ الإيرانيين اتفقوا مع الأمريكان، آملين أن يغيروا خلال عشرين عاماً فكر جيل يصبح مؤيداً لهم، ليسهل عليهم مهمة حكم العراق وطرد الأمريكان، ومن ثم يصبح ما فوق العراق وما تحته ملكاً لهم، لكنهم فوجئوا بشعب لا يرضخ ولا يُستعبد ولو بعد مائة عام، فالشعب العراقي بكل مكوناته من سنة وشيعة ومسيحيين وإيزيديين وأكراد لن يرضخوا أبداً لأي محتل، فالفرس المغول وغيرهم لم يستطيعوا تغيير عقيدة وانتماء وولاء العراقي لوطنه.
عشرون عاماً هي عمر جيل، لكن لو احتلوا العراق مائة عام فلن يستطيعوا احتلال ولاء العراقي لأرضه، لا فوق ولا تحت الأرض!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة