رسالة إسرائيلية «سرية» حول صواريخ إيرانية تغير بوصلة «الإطار التنسيقي» بالعراق

حين تمر الرسائل في القنوات الهادئة لا يعني أن صداها سيكون خافتا. ففي حين تتشابك خطوط التوتر بالمنطقة، حرّك تحذير إسرائيلي غير مباشر المياه الراكدة داخل البيت السياسي الشيعي بالعراق.
مصدر مطلع كشف لـ"العين الإخبارية"، عن أن "قادة الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم في العراق، ناقشوا في اجتماع طارئ، مضمون رسالة إسرائيلية نُقلت عبر وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بايراموف إلى نظيره العراقي فؤاد حسين".
فحوى الرسالة الإسرائيلية
وفي حين لم يُعلن رسميا عن هذه الرسالة أو تأكيدها أو نفيها سواء من قبل العراق أو أذربيجان أو إسرائيل- إلا أنها "حذرت من قيام إيران بنقل صواريخ باليستية بعيدة المدى إلى فصائل مسلحة عراقية، على رأسها عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله".
وأمس الأربعاء، زار وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بايراموف العاصمة بغداد، والتقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وعلى ذمة المصدر نفسه، عرض وزير الخارجية العراقي الرسالة على قادة الإطار التنسيقي، مشيرا إلى أن مصدرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، وأنها "تعكس قلقا بالغا من امتلاك فصائل عراقية مرتبطة بطهران لصواريخ متطورة قد تُستخدم ضد أهداف إسرائيلية".
وتقول المعلومات المنسوبة للرسالة إن "هذه الصواريخ معدّة للاستخدام ضد إسرائيل، وإن جزءا من عملية النقل جرى مؤخرا دون إشراف مباشر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري، ما اعتُبر مؤشرا على تحول في طبيعة التنسيق بين إيران وحلفائها الإقليميين".
وبحسب الرسالة فإن من قام بنقل هذه الصواريخ "جهة إيرانية غير فيلق القدس الذي يقوده الجنرال إسماعيل قاآني وهو الذراع الخارجية للحرس الثوري".
وهددت إسرائيل في الرسالة ذاتها، بأنها "لن تتردد في التحرك لإزالة هذا التهديد أينما وُجد، وقد تحركت خلال العام الماضي ضد أهداف مشابهة في إيران واليمن ولبنان".
لا تأكيد ولا نفي ولا تعليق
وحتى نشر هذا الخبر، لم يتسن لـ"العين الإخبارية" الوصول بشكل فوري إلى أي مسؤول عراقي أو أذربيجاني لتأكيد أو نفي هذه الرسالة.
والشهر الماضي، قال 10 من كبار القادة والمسؤولين العراقيين لوكالة رويترز، إن "عدة فصائل مسلحة قوية مدعومة من إيران في العراق، مستعدة لأول مرة لنزع سلاحها، لتجنب خطر تصاعد الصراع مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
ووفقا للمصادر، التي من بينها 6 قادة محليين لأربعة فصائل مسلحة رئيسية، فإن هذه الخطوة تأتي "لتهدئة التوتر في أعقاب تحذيرات متكررة وجهها مسؤولون أمريكيون بشكل غير رسمي للحكومة العراقية، منذ تولي ترامب السلطة في يناير/كانون الثاني الماضي".
وأضافت المصادر أن المسؤولين "أبلغوا بغداد بأنه ما لم تتخذ إجراءات لحل الفصائل النشطة على أراضيها، فإن واشنطن قد تستهدفها بغارات جوية".
مخاوف وتحركات الإطار
وأمام الرسالة الإسرائيلية، وصف الإطار التنسيقي الحاكم، نقل صواريخ لفصائل عراقية بأنه "خطوة تمثل تهديدا مباشرا لأمن العراق، في وقت حساس يشهد توترات إقليمية متزايدة".
كما أكد الإطار "أهمية الحفاظ على سيادة العراق واستقلال قراراته الأمنية والسياسية"، داعيا إلى "إجراء تحقيق شامل في هذه المسألة وتحديد المسؤوليات بشكل دقيق."
استسلام الحوثيين "رسالة لنا"
بدوره، قال قيادي في الإطار الشيعي خلال الاجتماع، إن "استسلام المليشيات الحوثية في اليمن أمام الولايات المتحدة مؤخرا هي رسالة تهديد لنا"، منوها بأن إسرائيل "ستواصل قصف الحوثيين بقوة في الأيام المقبلة وذلك بضوء أخضر أمريكي".
وعد المصدر المطلع أن "هذه رسالة للفصائل الشيعية في العراق وكذلك للقوى السياسية التي تحكم البلاد"، مضيفا "العراق يمر بمرحلة حساسة ولا يتطلب منه الدخول في حروب بالنيابة".
أما زعيم تيار الحكمة (أحد قادة الإطار) عمار الحكيم، فشدد من جهته، خلال الاجتماع، على ضرورة تحمل الجميع المسؤولية تجاه الواقع العراقي والإقليمي. ودعا إلى تجنيب العراق أي خطر أو هجوم محتمل.
من جهته، حثّ زعيم تحالف الفتح هادي العامري على ضرورة أن "يكون القرار الشيعي جماعياً لا فردياً"، وأضاف: "لن أسمح لأي طرف بأن يفرض شروطه على الآخرين".
كما أشار العامري إلى أن "الوضع الراهن لا يمكن حله من خلال جهة واحدة فقط، لا الحكومة وحدها ولا الحشد الشعبي ولا الإطار التنسيقي بل يجب التنسيق مع كافة القوى السياسية."
ما كشفت عنه "التايمز"
وفي الثامن من الشهر الماضي، كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية أن "إيران نقلت صواريخ بعيدة المدى إلى أذرعها بالوكالة في العراق لأول مرة".
وعلمت "التايمز" أن "طهران تُعزز حضورها في المنطقة بتزويد فصائل شيعية نافذة في العراق بدفعة جديدة من الأسلحة".
ووفقا لمعلومات استخباراتية إقليمية مُشاركة في مراقبة الحدود الممتدة بين البلدين، التي تمتد لنحو ألف ميل، حصلت عليها الصحيفة، فقد نُقلت الأسلحة قبل أسبوع من نشر الخبر.
وبحسب الصحيفة، "كانت هذه هي المرة الأولى التي يمتلك فيها حليف لإيران صواريخ أرض-أرض بعيدة المدى".
وذكرت مصادر "التايمز" أنه "تم تهريب نوعين آخرين من الصواريخ، وهما صاروخ كروز قدس 351 وصاروخ باليستي جمال 69، إلى العراق في تلك الفترة".