قنابل انتخابية.. الإطار الحاكم بالعراق يتفكك ويتوزع على 6 قوائم

انعكست، على ما يبدو، الهزيمة الاستراتيجية لتحالف إقليمي من فصائل مسلحة تحت مظلة إيرانية على طبيعة التحالفات الانتخابية في العراق.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة عن أن اجتماعًا عقدته قوى الإطار التنسيقي (الشيعي) الحاكم في العراق، أفضى إلى خلافات كبيرة بين قياداته.
وعُقد الاجتماع مساء أمس الثلاثاء بمكتب زعيم منظمة بدر هادي العامري لليلة الثانية على التوالي.
وقالت المصادر التي تحدثت لـ"العين الإخبارية" إنه عقب ساعات من الاجتماع، تشكلت خريطة جديدة للتحالفات الانتخابية التي ستخوض بها قوى الإطار السباق البرلماني قرب نهاية العام الجاري.
وبحسب المصادر، "قررت قيادات الإطار التنسيقي الانقسام إلى 6 قوائم رئيسية"، في خطوة تعكس التنافس المتصاعد داخل المكون السياسي الشيعي ومحاولات إعادة التموضع على ضوء المتغيرات الداخلية والإقليمية.
وواجهت القوى المحسوبة على تحالف تقوده إيران في المنطقة لهزيمة استراتيجية في لبنان وسوريا وفلسطين، ومخاطر مواجهة أمريكية في العراق واليمن، تأخذ شكلا عسكريا في الأخيرة، وضغوطا سياسية في بغداد.
وأوضحت المصادر أن "القائمة الأولى: تحالف القرار – الذراع الحكومية، تضم القوى الداعمة لرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، وتُعد الأقرب إلى المؤسسة الرسمية، وهي (تيار الفراتين – برئاسة محمد شياع السوداني، ومنظمة بدر – برئاسة هادي العامري، وحركة عطاء – برئاسة فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، وجماعة أنصار الله الأوفياء (مليشيات مسلحة) – بقيادة حيدر الغراوي، وحركة حقوق – بقيادة النائب حسين مؤنس القيادي في مليشيات كتائب حزب الله العراق، وتحالف سند – بقيادة أحمد الأسدي (وزير العمل والشؤون الاجتماعية حاليًا)".
هذا التحالف يُنظر إليه باعتباره "الذراع التنفيذية" لقوى الإطار، ويمثل التيار الساعي لتجديد الشرعية السياسية لحكومة السوداني.
فيما تضم القائمة الثانية التي تحمل اسم "الاعتدال والمراجعة"، تحالفًا يضم قوى ذات خطاب أقل تصعيدًا وأكثر انفتاحًا على الشركاء، وهما: تيار الحكمة – بزعامة عمار الحكيم، وتحالف النصر – بزعامة حيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق.
ويراهن هذا المحور على جمهور المدن الكبرى والنخب المتوسطة، ويطرح خطابًا إصلاحيًا يتمايز عن خطاب "المحور الإيراني"، رغم قربه من توجهات السوداني.
فيما تضم القائمة الثالثة "القوة الصلبة" التي تجمع القوى السياسية ذات الامتدادات العسكرية والتاريخ الحزبي الطويل، وهم (ائتلاف دولة القانون – بزعامة نوري المالكي، وكتائب سيد الشهداء (مليشيات عراقية) – بزعامة أبو آلاء الولائي، وكتائب الإمام علي (مليشيات مسلحة) – بزعامة شبل الزيدي)، ويحمل هذا التكتل طابعًا أيديولوجيًا وأمنيًا واضحًا، ويستند إلى جمهور تقليدي مرتبط بسنوات ما بعد 2003.
فيما اختارت حركة عصائب أهل العراق بزعامة رجل الدين قيس الخزعلي (مليشيات مسلحة) أن تدخل الانتخابات البرلمانية بقائمة منفردة وهي القائمة الرابعة باسم "حركة أهل الحق".
فيما قرر تحالف أبشر يا عراق – بزعامة رجل الدين همام حمودي رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي – خوض الانتخابات بشكل منفرد، رغم أنه حقق في انتخابات مجالس المحافظات مكاسب قليلة، وهي حصوله على 8 مقاعد.
فيما كانت القائمة السادسة "تحالف الأساس" برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، والذي يمتلك قدرات تمويلية كبيرة كونه رجل أعمال وهو من الكُرد الفيليين (الشيعة)، وتحالف تكنوقراطي - إداري بوجه اقتصادي، ويهدف إلى جذب جمهور النخب الإدارية ورجال الأعمال.
ويأتي هذا التقسيم بعد سلسلة من الاجتماعات المغلقة داخل الإطار، ووفق مصادر "العين الإخبارية"، فإن الانقسام لا يعني تباعدًا سياسيًا، بل هو جزء من تكتيك انتخابي يتيح لكل طرف اللعب ضمن منطقته الاجتماعية والسياسية، على أن يتم تنسيق الجهود لاحقًا لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر، وربما العودة إلى تحالف موحد بعد إعلان النتائج.
المراقبون يرون أن هذه الخارطة تعكس التوازنات الدقيقة داخل الإطار التنسيقي، وأن الانتخابات المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا لشعبية كل طرف، وقد تفتح الباب لإعادة رسم ملامح النفوذ الشيعي في العراق للسنوات الأربع القادمة.
خطوة تكتيكية أم إعادة فرز للأوزان السياسية؟
وفي سياق التحضيرات الجارية للانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، كشف المحلل السياسي رحيم العكيلي في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن قوى الإطار التنسيقي اتجهت نحو خوض الانتخابات ضمن قوائم منفصلة، في تحول ملحوظ عن تجربة الدورة البرلمانية السابقة.
وأوضح العكيلي أن "الإطار التنسيقي كان قد خاض الانتخابات الماضية بقائمة موحدة، مستفيدًا من قانون الدوائر المتعددة"، لكنه أشار إلى أن "التقييم الأخير داخل الإطار أظهر أن هذا التحالف الشامل أضر بمعظم الكتل المشاركة، وأسهم في تقليص تمثيلها النيابي، بسبب تشتت الأصوات وعدم تكافؤ الفرص بين المكونات المختلفة داخله".
وأضاف العكيلي أن "الرغبة الحالية لدى العديد من الكتل تتجه نحو خوض الانتخابات بقوائم منفردة، في خطوة يُتوقع أن تمنح كل كتلة فرصة لقياس حجمها الحقيقي في الشارع الانتخابي"، مشيرًا إلى أن "هذا التوجه قد يمهد لاحقًا لتشكيل تحالف سياسي جامع يتولى مهمة تشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء بعد إعلان النتائج".
ولفت العكيلي إلى أنه "حتى الآن، لم تُطرح شروط واضحة أو اتفاقات رسمية داخل الإطار بشأن شكل التحالف المقبل، لكن من الواضح وجود تباينات في الرؤى؛ بينما ترى أخرى أن الانفصال الانتخابي يتيح لها هامش تحرك أوسع وفرصة لإبراز حضورها السياسي بشكل مستقل".