مقتل "المهندس" وصراع النفوذ.. "ألغام" تقسم "الحشد" بالعراق
صراع على النفوذ والوجود يمزق شرايين "الحشد" بالعراق، ويشي بتنامي لهيب الانقسامات داخل المليشيا خاصة عقب خسارتها لأحد أبرز قياداتها.
صحيفة "المونتير" الأمريكية كشفت في تقرير لها، وجود خلافات متفاقمة داخل المليشيا، بدأت بعد مقتل القيادي فيها أبو مهدي المهندس مطلع العام الماضي بغارة أمريكية، واتسعت تدريجيا وصولاً إلى الأحداث التي رافقت اعتقال القيادي البارز قاسم مصلح.
الصحيفة ذكرت أن المهندس الذي كان يتقلد منصب نائب لقائد مليشيا الحشد "هو من يسيطر على تلك الفصائل وصاحب الكلمة الفصل في جميع أمورها، وكان بمثابة عامل توازن في العلاقة بينها وبين الحكومة العراقية، ولذلك، كان من البديهي أن يفجر غيابه خلافات بين تلك الفصائل طفت إلى السطح بالأشهر الأخيرة".
خلافات قالت الصحيفة إن اعتقال القيادي في الحشد، قاسم مصلح، سلط الضوء على قسم واسع منها، حيث رفض جزء من الفصائل اقتحام المنطقة الخضراء شديدة التحصين بالعاصمة العراقية بغداد، في حين كانت أخرى تدفع نحو تصعيد الموقف ضد الحكومة.
كما أن هادي العامري، زعيم "تحالف الفتح" الذي يضم أعضاء من الفصائل المسلحة، ألمح إلى وجود خلافات ضمن هذه الفصائل. حيث تحدث، قبل أسبوعين، عن وجود عناصر بين قوات الحشد تحاول استغلال قضية القبض على مصلح.
ونقلت الصحيفة عن مصدر بارز في "الحشد" رفض الكشف عن هويته، قوله إن "الخلاف بدأ بالظهور بعد تشكيل لجنة تنسيق المقاومة في الأشهر الأخيرة".
وأضاف المصدر أن "أبو فدك المحمداوي (عبد العزيز المحمداوي الملقب "أبو فدك") ، رئيس أركان الحشد كان ضد فكرة تشكيل لجنة تنسيقية أو على الأقل الانضمام إليها، ورفض حضور لقاءات تشكيل اللجنة مقتصرا على اجتماع واحد".
وتحدث المصدر نفسه عن محاولات بعض الفصائل الموالية لإيران تشكيل مجلس شورى المقاومة ضمن هيئة الحشد، وهو ما رفضه المحمداوي بالقول: "أبعدوا هيئة الحشد عن هذا الأمر"، ما يشي بأن الأخير الذي يعتبر الآن القائد الفعلي للمليشيا، قد نأى بنفسه عن قرارات وخيارات تلك الفصائل.
وخلصت الصحيفة إلى أن عامل المركزية الذي كانت هذه الفصائل تعتمد عليه تحت قيادة المهندس، كان يشكل عامل قوة لها، وعلى النقيض من ذلك، فإن غياب تلك المركزية قد يكون سببا لبعض الخلافات التي تشكل عامل ضعف.
صراع المال والنفوذ
رحمن الجبوري، الباحث السابق لدى مركز "الوقف الوطني للديمقراطية" بالعاصمة الأمريكية واشنطن، يرى أن "هذه الخلافات بين الفصائل المقربة من إيران ناجمة عن حصصها ضمن الاقتصاد العراقي، فبعد أن بدأت مصادر الأموال تجف، تصاعدت الخلافات الاقتصادية بينهم، وتوسعت بطريقة أو بأخرى وبدأت تصنف الآن على أنها خلافات سياسية".
وأضاف للصحيفة: "من أبرز هذه الخلافات هو أن قسما من هذه الفصائل ترى النزاع مع حكومة (مصطفى) الكاظمي في العراق أمرا طبيعيا، في حين تعتبره أخرى على خلاف مع خائن وحكومة عدو".
من جهته، علق مقرب من أحد قياديي الفصائل بقوله: "الخلافات شيء طبيعي وصحي. مع ذلك، نحن جميعنا ملتزمون بمبدأ المقاومة".
فيما قال الخبير الأمني اللواء، ماجد القيسي إن "هناك خلافات كبيرة بين هذه الفصائل التي ظهرت بعد اغتيال المهندس وقاسم سليماني (قائد فيلق القدس بإيران). كان كل شيء تحت سيطرة المهندس، والصراع بين هذه الفصائل يدور حاليا حول النفوذ والسلطة والمال".
واعتبر أنه "أمر وارد أن تحصل خلافات بين فصائل مسلحة بغض النظر عن الأهداف والمبادئ المشتركة بينها، وهذه الخلافات تكون أكثر وضوحا عندما تكون متعلقة بقضايا اقتصادية وسياسية. صحيح أن خلافات مماثلة كانت موجودة سابقا، ولكن في حينه كانت هناك سلطة تضع حدا لها".
ولفت إلى أنه في حال توسع نطاق الخلافات، فإنها ستكشف مدى تراجع نفوذ إيران في العراق، معتبرا أنه حتى لو أن إسماعيل قاآني (القائد الجديد لفيلق القدس الإيراني) يحمل نفس رتبة سليماني، فإنه لا يتمتع بذات الكاريزما والثقة في حسم الأمور بشكل مباشر.