إغلاق مكاتب الحشد الشعبي.. نزع مخالب إيران بالعراق
طبيعة المرسوم الذي أصدره رئيس الوزراء العراقي يطرح تساؤلات حول ملامح المشهد السياسي في البلاد خلال المرحلة المقبلة.
10 بنود تضمنها قرار الحكومة العراقية بشأن إغلاق جميع مقرات الحشد الشعبي، أثارت الكثير من الجدل في المشهد السياسي، خاصة أن الأمر يمنح مليشيات الحشد مهلة حتى 31 يوليو/تموز الجاري للالتزام بالضوابط الجديدة.
وتضمن القرار بنودا تقر بإغلاق جميع مقرات مليشيات الحشد الشعبي، إضافة إلى وقف عمل جميع المكاتب الاقتصادية التابعة له ومنع فصائله من حمل السلاح ودمجهم بالجيش.
طبيعة المرسوم الذي أصدره رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، في توقيت تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، يطرح تساؤلات حول ملامح المشهد السياسي بالعراق المرحلة المقبلة.
قفزة أم تراجع
"نزع مخالب إيران بالعراق" بهذه العبارة وصف نعمان المنذر، الباحث السياسي العراقي، قرار إغلاق مكاتب الحشد الشعبي ودمجه ضمن القوات العراقية، مؤكدا أن هذا القرار مفاجئ وصادم لمليشيات الحشد، خاصة بعد تسمية وزراء الدفاع والداخلية، وحصول العراق على دعم دولي غير مسبوق مع انتهاء زيارة مجلس الأمن الدولي لبغداد، بشأن التصعيد القائم بين واشطن وإيران.
وأوضح المنذر لـ"العين الإخبارية" أن القرار يعد خسارة فادحة للحشد الشعبي وإيران بالعراق، مستبعدا أن يكون القرار لصالحهما، خاصة أن المرسوم أقر بمهلة محددة لتنفيذ الالتزامات، مع إلغاء مسميات فصائل الحشد وإغلاق الكيانات الاقتصادية التابعة له ومنع حل الأسلحة، إضافة لتأييد التيار الصدري وتيار الحكمة وعصائب أهل الحق للقرار.
وقال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في تغريدة، إن ما صدر عن رئيس مجلس الوزراء فيما يخص الحشد الشعبي أمر مهم وخطوة أولى صحيحة نحو بناء دولة قوية لا تهزها الرياح من هنا وهناك، إلا أنني أبدي قلقي من عدم تطبيقها بصورة صحيحة". كما ثمن عمار الحكيم، رئيس التيار الحكمة القرار، منتظرا تنفيذه بشكل حازم.
بينما قال حازم العبيدي، المحلل السياسي العراقي، لـ"العين الإخبارية"، إن القرار بداية لطائفية جديدة، والتفاف على العقوبات الأمريكية ضد فصائل الحشد، باعتبارها جزءا من المنظومة السياسية الإيرانية التي استهدفت مواقع أمريكية في العراق، مؤكدا أن دمج الحشد بالجيش العراقي يمنح الأول غطاءً للعمل العسكري، ودعم لإيران سياسيا وعسكريا.
وطالت العقوبات الأمريكية الحشد الشعبي، بعد فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة مليشيا الحشد الشعبي الأمين العام لكتائب حزب الله العراق، ومستشار لقائد فيلق القدس قاسم سليماني.
مصير الدولة العراقية
هذا القرار ليس الأول من نوعه، حيث أصدر رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، في سبتمبر/أيلول 2018، مرسوما لضم الحشد الشعبي لقوات الأمن العراقية، لكنه قُبل هذا القرار بالرفض من جانب القوى السياسية.
وعن شكل العراق المتوقع في ظل المرسوم، حذر العبيدي من أن القرار فرصة سانحة للحشد للهيمنة على مفاصل الدولة العراقية.
وأشار إلى أن الكيانات الاقتصادية التابعة للحشد لا يمكن إغلاقها، لمشاركته في بعض وزارات الحكومة، وسيتم تغيير عَلم الحشد لعَلم العراق، وتغيير الزي العسكري لزي الجيش، ولكن بالعقيدة الطائفية نفسها.
ويحذر من تكرار النموذج اللبناني في سيطرة حزب الله على الدولة، في المشهد العراقي بسيطرة الحشد الشعبي على السلاح والمقرات والجيش بالصبغة الرسمية التي مُنحت له عبر الأمر الديواني، بحسب تحليل العبيدي.
واختلف المنذر مع التحليل السابق قائلا "مع هذا القرار ظهرت بوادر تأسيس دولة عراقية، نظرا لأن التوقيت جاء عقب هجوم حزب الله العراقي على السفارة البحرينية، إضافة إلى التزام إيران وحزب الله اللبناني الصمت حتى الآن تجاه الأمر، ما يدعم تأسيس دولة دون نزاعات طائفية".
وتأسست المليشيات المدعومة إيران بالعراق عام 2003، واندمجت تحت اسم "الحشد الشعبي" بفتوى من المرجع العراقي علي السيستاني.
ساحة للمعركة
مع تزايد وتيرة الصراع بين واشطن وطهران، أصبح العراق جزءًا من المعادلة السياسية والعسكرية بين الطرفين.
"جر العراق للصراع بشكل واضح"، بهذه العبارة أكد حازم العبيدي أن أمر الحكومة، يمهد أن تكون الحرب بينهما في العراق، ما يشكل خطورة كبيرة خاصة أنه صراع مصالح.
بينما وجد نعمان المنذر أنه نتائج القرار تنأى بالعراق بعيدا عن الصدام، فهو ترجمة لتوجيهات ممثل المرجعية العليا وخطيب كربلاء أحمد الصافي، الذي طالب بإبعاد العراق عن الأزمة، موضحا أن موقف الحكومة من الحشد يعد طمأنة للولايات المتحدة والدول العربية، من مساندة إيران أو بقاء عناصر داعمة لها.
وتابع قائلا: "يبقى موقف المرجع الأعلى علي السيستاني من الأمر الديواني هو القول الفصل الذي يعد فتوى كفتوى تأسيس الحشد الشعبي".
وبين مخاوف البعض وترحيب آخرين بالأمر الديواني، يظل السؤال قائما متى يصبح العراق دون وصاية إيرانية؟