بعد تعطيل البنادق .. أزمة العراق لأروقة المفاوضات
سكتت أصوات البنادق في العراق وقشع صمتها شبح حرب أهلية، وسط آمال بأن يقود ذلك إلى مفاوضات بين الفرقاء السياسيين لإنهاء الأزمة.
وعاشت بغداد ليلة دامية، أججتها مواجهات استخدمت فيها أسلحة آلية وقذائف صاروخية، بعد نزول أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الشوارع غاضبين، إثر إعلان الرجل اعتزاله الحياة السياسية، ما أسفر عن سقوط عشرات من القتلى والجرحى.
ومع وقف الاقتتال ببيان تاريخي من الصدر، تترقب الأوساط العامة والسياسة مآلات الأزمة السياسية في العراق في خضم التطورات الأخيرة.
ويرى مراقبون أن المشهد السياسي المحتدم في العراق منذ أشهر سيكون مختلفاً عقب الليلة الدامية التي شهدتها المنطقة الرئاسية ومناطق متفرقة في بغداد والعراق، إذ يتوقع أن يساهم خطاب السلام الذي أراد من خلاله الصدر إخضاع الخصوم السياسيين للغة الإحراج أمام الجماهير بما يفرض عليهم تقديم التنازلات.
وتفجرت الأزمة السياسية بين الصدر وقوى الإطار التنسيقي (المظلة السياسية لقوى موالية لإيران) ووصلت أمس إلى حالة اقتتال وصدام مسلح بعد نزول أنصار كلا الطرفين إلى الشارع.
وعاشت البلاد حالة ذعر وخوف كبيرين جراء اندلاع النزاع المسلح الذي كان متبوعاً بالقاذفات وصواريخ الكاتيوشا التي استهدفت المنطقة الرئاسية مع اتساع رقعة الاشتباكات بمرور الوقت عند معاقل القوى الشيعية.
فرصة تاريخية
ومع انطفاء جذوة الحرب في مهدها، يكون الطريق سالكاً ومهيئاً لتوصل أطراف الأزمة السياسية في العراق وتقبلها لحلول وسطية ترضي جميع فرقاء المشهد، وبما يحقق حالة من الرضى والقبول لدى الشارع العراقي الذي يطالب بتغيير قواعد السلطة وتطويعها نحو تحسين فرص العيش وإنهاء الفساد.
المحلل السياسي نجم القصاب، يعتبر أنها "فرصة تاريخية للتنازل والتسامح وتقديم الوطن ومصالح الشعب على جميع العناوين الفرعية والحزبية كون أن حصاد الخلاف واختلاق الأزمات تفجر دماً وضحايا في ليلة لن تنساها ذاكرة العراق ما بعد 2003".
ويلفت القصاب، في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى أن "ليلة أمس تكشف أهمية أن تكون هنالك سلطة حازمة للسيطرة على السلاح المنفلت والعودة إلى دولة الأجهزة الامنية والمؤسسات الراسخة القوية".
ويضيف أن :"الحلول باتت تكمن في خطوة أولى بحل البرلمان ومن ثم الذهاب إلى إصلاح النظام السياسي وهو ما يتطلب تغييرا دستوريا يدفع بوجود توافق وطنية بين القوى السياسية".
وبحسب الخبير، فإن "التسليم للأزمة الحالية يعني ضياع المكتسبات التي حصدتها حكومة (رئيس الوزراء مصطفى) الكاظمي بعودة البلاد إلى الحاضنة الدولي وتعزيز دورها وحضورها في الفضاء الإقليمي بعد عزلة دامت لسنوات طوال، وبالتالي فإن العراق أمام مفترق طرق يتطلب من جميع القوى السياسية الوعي الوطني والخطاب البناء المعتدل".
العنف والمغانم
من جانبه، يرى الأكاديمي المختص بالعلوم السياسية، عصام الفيلي، أن ما حصل من تراكم للأزمة السياسية وصولاً إلى ليلة أمس، يؤكد بما لا يقبل الشك أن العنف الإنساني حاضر أكثر من المغانم السياسية.وقال الفيلي لـ"العين الإخبارية"، إن ما تقدم "يمثل حالة غريبة على الجسد السياسي العراقي الذي تعودنا فيه أن تقدم فيه حسابات الربح قبل الخسارة وأن لا يزج بالبلاد نحو مغامرات ليس منها طائل".
ويشير إلى أن "القوى سواء من خصوم الصدر أو غيرها عليها أن تدرك جيداً أن التغيير بات مطلباً ملحاً في خضم الاستياء الشعبي الواسع والمتصاعد من قبل الجمهور العراقي إزاء الطبقات السياسية التي حكمت البلاد، وأن مطالب الصدر تأتي استجابة لتلك الأصوات وتجنيب البلاد حالات سقوط مميتة".
وبشأن المشهد اللاحق من الأزمة العراقية، يرى الفيلي أن "موضوع تشكيل الحكومة بات يمثل موقف إحراج للقوى السياسية بعد دعوة السلام التي ظهرت في الخطاب التاريخي للصدر بسحب المتقاتلين ووأد الفتنة، وهو ما يتطلب من الأطراف أن تقدم اعتبارات للحس الوطني والمصلحة العامة دون التشبث بالمنافع الجهوية والحسابات الحزبية".
aXA6IDMuMTQ1LjY0LjI0NSA=
جزيرة ام اند امز