ننتظر ما يحدث في الشمال وننظر إلى ما يحدث في الجنوب، كأننا الجنود في ساحات الحرب.
وهم على استعدادهم الدائم وجهوزيتهم التامة في مواجهة المخاطر وهي تحيط بهم من الجهات الأربع.
وإنما يدفعني إلى هذا الرأي، وهذه النظرة الاستباقية وليست التشاؤمية، ذاك الهوس المتحكم في أذهان ووعي نظام الملالي من أعلى رأس الهرم إلى أسفله، يقابله ذاك الجنون الذي يتسم به فكر النظام التركي الخفي خلف الأقنعة المتعددة للنظام الجمهوري في تركيا في ظل سياسات توزيع الأدوار التي يتقنها حزب العدالة والتنمية التركي.
فمن جهة، نرى حراك القيادة السياسية في العراق نحو الأشقاء العرب، وسعيها الحثيث لإعادة بناء جسور التواصل والتضامن وعلاقات الأخوة وحسن الجوار، وصولاً إلى تطبيق سياسة الحياد الإيجابي تجاه إيران، بما يحرمها من فرص التدخل في شؤون العراق الداخلية، كما نشهد رحابة صدر واتساع أفق قياداتنا الرشيدة في السعودية والإمارات ومصر تجاه كل محاولة عربية للم الشمل بعد ما أفسده بينها دهر "الربيع العربي" المشؤوم.
ومن جهة أخرى، نتابع بقلق ما يحدث في اليمن الشقيق من عدوان مستمر بنوايا خبيثة مبيتة ضد المدنيين والأبرياء من مأرب شرقاً إلى المخا والحديدة غرباً، وعبر الحدود إلى خميس مشيط ونجران وجيزان بالطائرات المسيرة المفخخة والمقذوفات والصواريخ حتى البالستية المدمرة منها، في محاولة حوثية غادرة للطعن في الخاصرة تماماً، في استهداف واضح للاستقرار الاقتصادي الذي يمثّل ركيزة التنمية والاستدامة في دولنا، من خلال تهديد خطوط الملاحة البحرية العالمية وخطوط نقل النفط.
ولهذا فإننا ندرك تماماً أهمية الحذر مما يحاك للمنطقة من مؤامرات وما يُدبّر لها من مخططات، والعمل المستمر لتحصين استقرار منطقتنا بتلبية الاحتياجات الدفاعية والأمنية بالدرجة الأولى، كما ندرك أن مرحلة التفاوض بين الأطراف أشد احتياجا للصلابة والحزم من مرحلة المواجهة نفسها، فمن يودّ السلام والاستقرار والازدهار، نفتح له أبوابنا وقلوبنا، ونتعاون معه في جميع المجالات الاقتصادية والدفاعية والطاقة السلمية والتنموية، ونبني وإياه شراكات استراتيجية مدى العمر، لا تزعزعها الشكوك ولا تفنّدها المصالح الضيقة، أما من يهدد أمننا فعليه أن يدرك حتمية انكساره عند حائط صدنا المنيع، وهزيمته عند الخطوط الحمراء التي رسمتها قيادتنا السياسية وعززتها قوتنا العسكرية بالنار والعزيمة والبطولات والتضحيات.
بين العراق واليمن، لا يمكن لأحد أن يخيرنا، فالعراق حاضرتنا، ومهد حضارتنا وعاصمة دولتنا التي حكمت العالم في عصورها الذهبية، أما اليمن فخاصرتنا التي لا نسمح لأحد بأن يؤلمنا فيها ومنها، وإننا مؤمنون بخيار السلام لا لتأكيد غلبة خيار ضد آخر، أو انتصار فريق على آخر، فالسلم الذي نرجوه، إنما يعود بالنفع أولاً وأخيراً، على شعبنا اليمني الشقيق الذي عانى ويلات الحرب لعقود، وآن له أن يتفرغ لبناء مستقبل أفضل لأجياله القادمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة