لم تكد زيارة رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي للمملكة العربية السعودية تنتهي،حتى بدأ الرجل زيارة مهمة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
في مشهدين منفصلين زمنياً، لكنهما متشابهان في أمور متعددة، وعلى رأس تلك الأمور الملحة، ومن باب المثال لا الحصر، حرْص السعوديين كما الإماراتيين على إنقاذ العراق من أزماته، والوقوف إلى جانبه حتى يستعيد عافيته.
ولعل العراق الذي يرزح تحت ثقل هموم كثيرة، ويعاني من غياب بسط الدولة لسيطرتها على جميع المرافق، والتدخل الإيراني السلبي في مختلف المجالات، بحاجة ماسة لتدعيم علاقاته مع أشقائه العرب، خصوصاً السعودية والإمارات.
فالبلدان لهما باع طويل في قيادة قاطرة العمل العربي نحو المزيد من التقدم والتطور، ولديهما قدرات سياسية واقتصادية جبارة، من الممكن أن يستفيد منها العراق، لا سيما وأن الإمارات سارعت للإعلان رسمياً عن استثمار بقيمة ثلاثة مليارات دولار في العراق، خلال السنوات المقبلة.
والسعودية التي تربطها بالعراق حدود برية طويلة، شرعت في زيادة عدد المنافذ الحدودية، بغية زيادة معدلات التجارة البينية، ومنح العراق فرصة الوصول إلى غايته الإصلاحية في مجال الاستيراد والتصدير، وهذا ما أعلنته حكومة الكاظمي ولا تزال تؤكد عليه في كل مناسبة.
والشعب العراقي بكل مكوناته ليس غائباً عن ذلك، فهو مرحب أشد الترحيب بالانفتاح العراقي الرسمي على العرب، وبناء جسور التعاون مع دول الخليج العربي، والانتقال إلى مرحلة الأفعال وتفعيل تلك الشراكات، من أجل تأمين حاجات المواطنين وفرص العمل.
ويواجه العراق كما هو معروف مشكلة الإرهاب وطرق مكافحته، وهذا أمر استطاعت الأجهزة الأمنية العراقية المختصة تجاوزه إلى حد كبير، وضربت أمثلة جيدة في القضاء عليه، لكن السلاح المنفلت والمليشيات الخارجة عن سلطة الدولة والموالية لإيران هي الخطر الأكبر على العراق.
وتلك الجماعات التي لا تؤمن بالقانون وترفض الدستور، لا تريد من أي حكومة عراقية أن تتقارب مع العرب، وتعمل جاهدة، وبأمر من طهران، على ممارسة مختلف التهديدات حيال أي مسؤول عراقي يقوم بخطوات فعالة في هذا المجال، وأكبر دليل على ذلك الاستعراضات العسكرية غير القانونية التي تشهدها شوارع بغداد كل أسبوع.
ولا بد للعراق أن يعي صعوبة المرحلة الحالية، وأن التواصل مع الجوار العربي يتكفل بإدخال العراق إلى ميدان التحرر الكامل من أجندة القوى الخارجة عن القانون، والتي رهنت نفسها لإيران ضمن مشاريع توسعية فارسية، تضر بمصالح الشعب الإيراني نفسه، قبل أن تتعداه بالضرر لتصل إلى قوت العراقيين ومستقبلهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة