من ستحاكم الأمم المتحدة في حالة تدويل جرائم داعش؟
الضغوط الأممية على العراق تعود لتدويل ملف الموصل

السؤال مطروح حول لماذا الإصرار على ملف الموصل، ومن الأطراف التي ستُقدم للمحاكمة رغم أن المتهم الرئيسي وهو داعش لا يبدو له رأس ولا هيكل
تضغط الأمم المتحدة على العراق لتدويل جرائم تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الموصل عبر إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما قوبل في وقت سابق من العراق بالرفض.
وقال مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في تقرير نشر، اليوم الخميس، إن الفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش خلال معركة تحرير مدينة الموصل هي "جرائم دولية" لا تملك المحاكم العراقية في الوقت الراهن أي اختصاص لنظرها.
وحث العراق على قبول سلطة المحكمة الجنائية الدولية للنظر في جرائم مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب قائلا إن ضمان العدالة ضروري لإعادة بناء الثقة ومصالحة مستدامة في البلاد، وفق ما نقلته وكالة "رويترز".
ولم يتضح لماذا الإصرار على ملف الموصل بالرغم من اتساع جرائم داعش في عدة مدن عراقية، وهل إذا تم تدويل هذا الملف سيكون سابقة تمهد لتدويل أية قضايا في أي دولة يتواجد فيها داعش، ولماذا الإصرار على التدويل، ومن الأطراف التي ستُقدم للمحاكمة رغم أن المتهم الرئيسي وهو داعش لا يبدو له رأس ولا هيكل معلوم المكان والهوية.
فمعظم أسماء قادة داعش هي كيانات لشخصيات غير معلومة الهوية، وكأنها أشباح، وزعيمه أبوبكر البغدادي غير معلوم له مكان أو ما إن كان حياً أو ميتاً، وما أن يرتكب داعش جرائم في مدينة ما ويتركها لأي سبب، يظهر في أماكن أخرى بأسماء أشخاص أخرى.
كما لم يتضح بعد رد فعل الحكومة العراقية على هذا التقرير، إلا أنها رفضت ضغوطاً سابقة.
ففي مارس/آذار الماضي رفض سفير بغداد لدى الأمم المتحدة، محمد الحكيم، أمام الجمعية العامة، أن بلاده ملتزمة بمحاكمة الإرهابيين، وأن المحاكم العراقية تلقت 500 دعوى بشأن جرائم ارتكبها داعش.
وجاء تصريح الحكيم رداً على دعوة تقدمت بها المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، أمل كلوني، للعراق، بالموافقة على إجراء تحقيق دولي في الفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش في هذا البلد ومحاسبة مرتكبيها أمام مؤسسات الأمم المتحدة.
وفي خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قالت كلوني، وكيلة الدفاع عن النساء الأيزيديات اللواتي تمكن من الفرار من التنظيم الإرهابي "لماذا لم يتم فعل أي شيء حتى الآن؟".
وأضافت أن لندن أعدت مشروع قرار دولي لفتح تحقيق أممي في جرائم داعش بالعراق، ولكنها ما زالت تنتظر موافقة بغداد الضرورية على هذا النص قبل إحالته على مجلس الأمن لإقراره.
ورغم رفض العراق إلا أن كلوني أصرت في مقابلة صحفية على تدويل قضايا جرائم داعش في العراق؛ حيث قالت: "ولكن في النهاية إذا لم يظهر ذلك الدعم (دعم العراق للمحاكمة الدولية) في هيئة إجراء حقيقي فإن على الأمم المتحدة أن تفكر في سبل أخرى لتحقيق المساءلة".
وأوضحت أنه بإمكان مجلس الأمن تشكيل لجنة تحقيق بدون موافقة العراق، وأنه بإمكان الجميعة العامة التابعة للأمم المتحدة تشكيل فريق خاص للحفاظ على الأدلة وإعداد القضايا مثلما فعل في سوريا في ديسمبر/كانون الأول أو بإمكان مجلس الأمن الدولي إحالة الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية.
واحتل داعش الموصل عام 2014، وتم الإعلان عن تحريرها منه 2017، ثم تم الإعلان عن انتقاله إلى مدن عراقية أخرى بكل سهولة.
وفي ملف آخر، رفضت بغداد في إبريل/نيسان الماضي، اقتراحاً من روسيا والصين بتوسيع عمل لجنة التحقيق الدولية بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية ليشمل العراق بجانب سوريا.
وفي تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، قال حيدر منصور العذاري، سفير العراق لدى موسكو، إن "العراق ضد هذا التوجه لأن ما يحصل في العراق يختلف عما يحدث في سوريا".
كذلك تدعو أحزاب وشخصيات كردية وتركمانية إلى تدويل مسألة كركوك، المحافظة الغنية بالنفط، والتي يسعى إقليم كردستان إلى ضمها له.
ويخشى عراقيون أنه من شأن إجراء تحقيق دولي في هذا الأمر فتح الباب أمام تدويل غيره من الاتهامات والخلافات بين المكونات العراقية؛ ما قد يتسبب في توسيعها، خاصة مع تدخل أطراف دولية.
وملف داعش وسقوط الموصل في يد التنظيم بشكل سهل وسريع عام 2014 ما زال يثير تساؤلات كثيرة داخل العراق، وتتقاذف الأحزاب والمكونات العراقية التهم حول المسؤول عن غزو التظيم للعراق ومن فتح أمامه الطريق، ومما يتكون داعش من الأساس.