"فجيعة دهوك".. "ورقة شجر الخائفين" لتغطية "عورة" تسريبات المالكي
وسط موجة الشجب والتنديد وفداحة الخسائر، في القصف الذي طال منتجعا سياحيا في إقليم كردستان، يحذر مراقبون من محاولات البعض لاستغلالها.
ويرى سياسيون ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن هذه المحاولات الغرض منه حرف أنظار الجمهور العراقي عن التداعيات والمضامين الخطيرة التي كشفتها التسريبات الصوتية المنسوبة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
- ردا على "قصف دهوك".. هجوم ثان على قاعدة تركية شمالي العراق
- هجوم "دهوك".. احتجاجات في بغداد ومطالب برد فعل
وعد مراقبون للشأن العراقي أن "بعض القيادات السياسية تحاول استثمار حادثة المنتجع الواقع في "قضاء زاخو" بدهوك، بهدف إشغال الرأي العام وتصدير أنفسهم كـ"أبطال وطنيين"، بعد فضيحة التسريبات الصوتية التي ألقت بظلالها على تعقد المشهد السياسي المأزوم.
حادث دهوك
وكان قصفا مدفعيا طال مركزا سياحيا عند قضاء زاخو في إقليم كردستان، راح ضحيته 9 مدنيين وجرح أكثر من 23 آخرين، واتهمت فيه الحكومة العراقية القوات التركية بالضلوع وراء ذلك الحادث.
ورغم أن أنقرة أصدرت بياناً أكدت من خلاله إخلاء مسؤوليتها عن ذلك القصف، ونبهت الجانب العراقي إلى تجنب "خطابات الدعاية"، إلا أن "بغداد أصرت على موقفها تساندها بعض القوى السياسية التي تمتلك القدرة على تحريك الشارع عبر قواعدها الجماهيرية".
وكان متظاهرون غاضبون هاجموا مقار المؤسسات الدبلوماسية التركية في عدد من مناطق البلاد وتوعدوا بتصعيد الموقف ما لم تتخذ الحكومة العراقية موقفاً حازماً لـ"ردع أنقرة عن خروقاتها السيادية".
غليان شعبي
وتأتي تلك التطورات على وقع غليان شعبي ومطالبات عراقية من قبل أوساط مختلفة للتحقيق في مضامين خطيرة تلامس أمن البلاد ومؤسساتها، في تسجيلات صوتية، على 6 أجزاء، منسوبة لنوري المالكي أحد أكبر أقطاب الإطار التنسيقي.
وعرضت المقاطع الصوتية التي بثها الناشط والصحفي علي فاضل المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، جلسة خاصة نسبت للمالكي وهو يحاور جلساء بشأن قضايا تتعلق بـ"بناء المليشيات"، و"طبيعة التعامل مع مؤسسات الدولة".
رد "الصدر"
وكان رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر رد ببيان عنيف غاضب بعد أن اتهمه المالكي بـ"الجاهل والقاتل والعميل"، طالب من خلاله رئيس ائتلاف دولة القانون باعتزال السياسة وتسليم نفسه للقضاء.
ومع فداحة ما أفصحت عنه المقاطع المسربة إلا أن التسجيل الخامس وجد تفاعلاً أكبر وأثار الهلع بين الأوساط العامة بعد أن تضمن مخططات "دامية" لضرب السلم الأهلي بذريعة "حفظ مصالح الشيعة"، في البلاد.
الجزء السادس
وأمس الخميس، أطلق الناشط الصحفي علي فاضل الجزء السادس من التسجيل الكامل الذي يبلغ حوالي 60 دقيقة، بحسب زعمه، والذي ظهر فيه المالكي متهجما على مرجعية النجف وهو يحاور جلساءه في تجاذب لمخططات ينوون تدشينها تتضمن عرضا بالأرقام لقوى مليشاوية في أتم الجهوزية لبدء "مشروع الدم".
محاولات استغلال الحادث
وفي اللحظات التي يحتدم فيها الحنق والغضب الشيعي ويتحرك القضاء العراقي للتحقيق في صحة تلك التسريبات، تأتي "فجيعة السائحين" في كردستان كمحطة للاستثمار من قبل بعض القوى السياسية في التحشيد والتهديد العسكري ضد تركيا هربا من فضيحة "الدولة العميقة"، التي كشفتها المقاطع المسربة.
السياسي والنائب السابق مثال الألوسي، خلال تغريدة أطلقها، أوضح أن "تهديد الأحزاب والمليشيات بالحشد والرد على تركيا تأتي كمحاولة للهروب من فضيحة التسريبات".
وأردف بتغريدته: "كيف للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يخاف تهديدات حكومة وأحزاب الخضراء، وهو يعلم والعالم والعراقيين يعلمون أن من يهدد هم أدوات طهران، حليفة أنقرة".
ويقترب من ذلك الرأي مع ما أشار إليه الباحث في الشأن السياسي منقذ داغر، الذي يؤكد أن "طبيعة ذلك الانشغال من قبل القوى السياسية خصوصاً تلك التي افتضح أمرها وأذرعها في التسجيلات المسربة، ترتبط بما ستكشف عنه التحقيقات إذا ما كانت تركيا أو معارضتها المسلحة وراء ذلك الهجوم".
وأضاف داغر لـ"العين الإخبارية" أنه "إذا كان حزب العمال الكردستاني وراء فجيعة المنتجع السياحي فحتما ذلك لا يخلو من ارتباطات وتنسيق مع القوى العراقية المفتضحة باعتبار أن هناك خطوطاً وثيقة فيما بينها، وقد عمدت إلى ذلك الأمر لإطفاء الغضب العراقي وإشغال الرأي العام بتلك المستحدثات لتخفيف الضغط عن ملاحقة التسريبات الصوتية".
ويواصل حديثه قائلاً: "حتى وإن كانت أنقرة وراء ذلك الاعتداء فإنه لا ينفك في بعض جوانبه لتحويل اهتمام الشارع العراقي من التسريبات إلى سقوط الضحايا في كردستان، باعتبارها أحد أقطاب الحلف الثلاثي مع طهران وموسكو وتربطهم مصالح وخطوط مشتركة".
فيما يؤكد رئيس مركز "التفكير" السياسي إحسان الشمري أن "عملية حرف الأنظار، استراتيجية مضت عليها شخصيات وزعامات وحتى حكومات سابقة باستغلال الأحداث بما يمكن التغطية على أي قضية أو أزمة متعلقة بأدائها".
ونوه الشمري، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "العمل الممنهج في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل ما يسمى بالجيوش الإلكترونية إزاء الحشد في قضية الاعتداء على المنتجع السياحي بات بما لا يقبل الشك أن هنالك أجندات سياسية تقف وراء ذلك الأمر بغرض حرف الرأي العام وإشغاله عن قضية التسريبات الصوتية".
لكن الشمري يستبعد أن تأتي تلك المحاولات بأُكلها، موضحا أن "الشارع العراقي اليوم تكونت لديه قناعة تامة وعبر التجارب التي عاشها في الفصل ما بين الأحداث، خصوصا فيما يتعلق بالتسريبات، لأنها كشفت عن انحراف في العقيدة الحاكمة للدولة، وليس خطأ في الأداء وبالتالي فإنها لن تتراجع أمام حادثة السائحين".
aXA6IDMuMTQ0LjQ3LjExNSA= جزيرة ام اند امز