العراق و"حرب المياه".. فاتورة بقاء بين فكي تركيا وإيران
حرب مغايرة في التكتيك والمضمون يخوضها العراق جراء انخفاض معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات الناجم عن سياسات تركية إيرانية خبيثة.
حرب تركية إيرانية تستهدف التحكم بالأمن المائي للعراق من خلال تجفيف دجلة والفرات عبر سدود يبنيها البلدان المجاوران، تسببت -علاوة على التغير المناخي- في انخفاض معدلات إيرادات النهرين إلى مستويات مثيرة للقلق.
"قصف" من نوع مختلف كشف الرئيس العراقي برهم صالح فاتورته الأولية، مشددا على المخاطر الجسيمة التي تواجهها بلاده، بسبب النقص الكبير في منسوب المياه.
وحذر صالح، في كلمة ألقاها بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، من أن 54% من الأراضي الزراعية في البلاد معرّضة لخطر فقدانها زراعياً بسبب التملح، والتصحر يوثر في 39% من مساحة العراق.
وقال: "من الواجب التأسيس لبرنامج (إنعاش بلاد ما بين النهرين) لمواجهة التغيرات المناخية الخطيرة التي تضرب العراق الآن بشدة، عبر خارطة طريق شاملة تركز على تنويع الاقتصاد واستخدام الأراضي والحفاظ على موارد المياه، الأمر الذي يستوجب استنفاراً وطنياً حكومياً وتشريعياً ومدنياً من أجل ذلك".
وأضاف أن "7 ملايين عراقي تضرروا من الجفاف والنزوح الاضطراري، وعدد سكان البلد سيتضاعف من 38 مليوناً اليوم إلى 80 مليوناً بحلول عام 2050، وهذا يُضاعف المخاطر الاقتصادية والاجتماعية لتغير المناخ".
ولفت صالح إلى أن "بناء السدود على نهري دجلة والفرات أدى إلى نقص متزايد في المياه بات يُهدد إنتاجنا الزراعي وتوفير مياه الشرب وزحف اللسان الملحي نحو شط العرب، وقد يواجه البلد عجزاً يصل إلى 10.8 مليار متر مكعب من المياه سنوياً بحلول عام 2035".
وبالنسبة للرئيس العراقي، فإن ملف المياه يستوجب "حوارا صريحا وبناء بين العراق وتركيا وإيران وسوريا يستند إلى مبدأ عدم الإضرار بأي طرف، وتحمل المسؤولية المشتركة".
ورقة ضغط
تراجع مخيف في مناسيب نهري دجلة والفرات يشهده العراق منذ سنوات، خصوصا في محافظاته الجنوبية، ما فجر صرخات حقوقية تحذر من تداعيات ذلك على الزراعة، واحتمال توقف بعض محطات مياه الشرب في تلك المحافظات.
نتيجة متوقعة لحرب تشنها تركيا وإيران على جارتهما، عبر استخدام المياه ورقة ضغط وبأجندة سياسية بحتة لا تعترف بحقوق الجيرة وحق الإنسان في المياه، ما يضع العراق أمام مخاطر جمة وذات نطاق واسع.
ويعتمد العراق في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات وروافدهما النابعة جمعيها من تركيا وإيران، اللذين يجريان فيه من أقصى الشمال والشمال الشرقي والتقاءً بشط العرب عند الجنوب بمحافظة البصرة.
ولم تفلح الجهود الدبلوماسية المبذولة من الحكومات المتعاقبة على العراق لما بعد 2003، في التوصل إلى حلول ناجعة تضمن حصص البلاد المائية وتؤمن أنهاره من التراجع.
وأسفرت التجاوزات من قبل دولتي المنبع والروافد في تقلص الأراضي الزراعية واتساع دائرة التصحر في العراق، فضلاً عن التغييرات البيئة جراء ذلك الأمر، فيما توقع مختصون أن يدخل العراق عام 2040 بلا رافدين.
ومطلع العام الحالي، أبدت وزارة الموارد المائية في العراق عن قلقها من تحرك تركي بصدد إنشاء المزيد من السدود على حوض ومصبات نهر دجلة للاستيلاء على مزيد من المياه.
ويقع السد الأول المزمع إنشاؤه عند منطقة شمال ديار بكر ويطلق "سيلبان"، وهو مصمم للاستخدام في المشاريع الأروائية، فيما يقع الآخر وهو سد الجزرة، في منطقة ماردين الواقعة على الحدود السورية العراقية التركية، والذي سيستغل لتنفيذ المشاريع.
وكانت أنقرة بدأت بتدشين أكبر السدود على نهر دجلة في 2018، ما يعرف بـ"إليسو"، بعد عمل استمر نحو 12 عاماً، والذي أثر بشكل كبير على تدفق المياه باتجاه الأراضي العراقية.
aXA6IDMuMjEuMjQ4LjEwNSA= جزيرة ام اند امز