من الفردوس إلى التحرير.. نساء العراق يحتفلن بعيد المرأة العالمي
في يومها العالمي، تستعيد المرأة العراقية نضالها المستمر في المطالبة بحقوقها وتحرير وجودها من القيود والأعراف التي باتت تظهر على شكل قوانين وتشريعات.
ناشطات نسويات بزي أحمر يتحركن من ساحة الفردوس نحو التحرير وسط بغداد، لإحياء عيدهن الآذاري، وسط هتافات تعزز مطالبهن بفرص المساواة وتمكيهن في أداء أدوراهن في المجتمع.
تقول إسراء سلمان، الناشطة في منظمة حرية المرأة: "لم نخرج لنحتفل في عيدنا وإنما جئنا لنجدد كفاحنا لمناهضة العنف ضد النساء والدماء التي تهدر كل يوم تحت ذرائع واهية وباطلة".
وتضيف سلمان خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الدستور العراقي الذي يعد من أقدم وأقوى التشريعات في العالم بات مخترقاً ومنتهكاً جراء بعض الفقرات القانونية التي تدمر حياة المرأة وتجيز لشريكها الرجل اقتراف ما يشاء وكيفما يشاء بحقها وحقوقها".
من جانبها تقول عضو منظمة حقوق المرأة العراقية، سارة جاسم، لـ"العين الإخبارية"، إنه مع "حلول شهر مارس/آذار تحل علينا مناسبة عالمية وهو يوم المرأة العالمي الذي يعلوا فيه صوت النساء لتكرار المطالب التي تحتاجها النساء في أن تقييم وتعيش كانسان مساوي للرجل وليس مواطن من الدرجة الثانية".
وتستدرك بالقول: "أما في العراق أبسط مطالبنا هي كرامتنا وحياتنا نطالب بإيقاف العنف الذي يطال النساء بمختلف أشكاله الذي تفشى بشكل ملفت بالسنوات الأخيرة بسبب ضعف القوانين وإباحة ذلك من خلال إحدى المواد الدستورية العراقية المادة 41 بحق تأديب الزوجة".
ونطالب الحكومة الحالية بتشريع وتعديل للقوانين التي تنتهك حقوق وكرامة النساء مثل تبرير جرائم قتل النساء تحت مسمى الشرف وإباحة الزواج للمغتصب من الإفلات من جريمته بالزواج ممن اغتصبها وشرعنة زواج القاصرات بموافقة ولي الأمر الذي يعتبر انتهاكا صارخا بحق الطفولة والنساء، كما تدعو الناشطة سارة جاسم.
وتؤكد أن "هذه التعديلات تعتبر هدية حقيقة للنساء لو طبقت فعلا وسيعتبر عيدا ويوما يستحق أن نحتفل به كجزء من تحقيق العدالة للمرأة العراقية".
في ذلك الصدد تقول الأكاديمية والمختصة في علم الاجتماع، لاهاي عبد الحسين، إنه "إذا ما عدنا إلى أوضاع المرأة في العراق فإنّ الثامن من مارس/ آذار منذ موافقة العراق على اعتباره يوماً للمرأة لم يكن ليسجل انتصارات تذكر خارج رغبة الأنظمة السياسية للظهور بمظهر حسن.
وتتابع بالقول: "فقد اكتظت مسيرتها التاريخية بالنضالات من أجل تحقيق المساواة والعدالة والحرية التي تقدمت فيها نساء بجهود فردية وعائلية ومن ثم مؤسساتية لاقتحام المؤسسة التعليمية والصحية والقضائية"، مضيفة "كان لأولئك الرائدات أنْ عبدن الطريق لأجيال متعاقبة من النساء للدخول في مختلف مجالات العمل على صعيد الحكومة وقطاعات الأدب والفن والتعليم العالي".
مع ذلك يبدو، بحسب عبد الحسين، أنّ "بعض الأطراف تصر على امتحان صبر النساء وتحملهن. فقد أقحمت الأوساط النسائية بمحاولة البعض الالتفاف على بعض المكتسبات التي أمنّها قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 بسلب حق الأم من حضانة الصغير من خلال محاولة تعديل المادة 57 منه، حيث غاب عن بال دعاة مثل هذا المشروع المظلومية التي عانت منها المرأة في حالات الطلاق وحتى بعد وفاة الزوج من خلال تسليط الذكور في عائلة الزوج للتحكم بمن حملت به فأنجبته وأرضعته وأطعمته من بدنها وروحها".
ينار محمد، رئيس منظمة حرية المرأة في العراق، تقول إن "المرأة وعلى طوال الفترة الممتدة ما بعد 2003، ظلت تلتزم النضال ومواصلة الجهود من أجل تحقيق الإصلاحات التي ترفع قيود الظلم والحيف الذي لحق بالنساء وخصوصاً ما يختص منها بجرائم الشرف".
وتضيف محمد لـ"العين الإخبارية": "من بين تلك الجهود هو أعداد مشروع قانون مناهضة العنف الأسري والذي مازال معطل إقراره ولغاية الآن مركون في أدراج البرلمان العراقي".
ولاقت النسخة المقترحة من قانون العنف الأسري التي قدمت في أغسطس/ أب 2020، اعتراضات من قوى وجهات سياسية ودينية على بعض مضامينه التي عدت خلافاً للأعراف والتقاليد المجتمعية.
والأحد، تظاهرن ناشطات نسويات أمام المحكمة الاتحادية وهي السلطة القضائية الأعلى، وسط بغداد، للمطالبة بتعديل الفقرتين (402 و 128)، قانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969، التي تبيح قتل المرأة بذرائع المساس بالشرف دون وجود عقوبات رادعة تتناسب مع مستوى الجرم بحق القاتل".
وتسجل جرائم العنف ضد المرأة في العراق، تصاعداً كبيراً منذ سنوات، تسجل اغلبها ما بين الانتحار والقتل العمد والتعنيف الأسري.