محمود أبوالعباس لـ"العين الإخبارية": المسرح العراقي بعيد عن الناس
فنان شامل جمع ما بين المسرح والتلفزيون والسينما، فضلاً عن الكتابة والتأليف. قدّم مئات الأعمال الفنيّة التي نالت قبول المشاهد ودفعت باسمه أن يكون حاضرا باستمرار في ذاكرة العائلة العراقية.
محمود أبوالعباس، عراقي الهوية والانتماء والحضارة، بدأ مشواره الفني في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، حيث تميّز بأداء الأدوار المختلفة والشخصيات المتضادة التي تجمع ما بين الخير والشر والمحبة والعداء، فأجادها باتقان وأوصلها للجمهور بإحساس عال.
اضطرته الظروف عام 1997 إلى مغادرة البلاد لأكثر من 20 عاماً، استقر خلالها في دولة الإمارات، حيث قدّم هناك الكثير من الأعمال الفنيّة على مستوى المسرح والدراما فضلاً عن شغله العديد من المهام بينها سكرتير تحرير مجلة "كواليس" المسرحية، ومديراً فنياً لمسرح "دبا" في الفجيرة، ومسرح "العين" في أبوظبي.
عن سفره الطويل ورحلته الفنيّة التي تقترب من أربعة عقود، تحاور "العين الإخبارية"، الفنان العراقي محمود أبوالعباس.
من النهايات.. كيف تقرأ الفن كرسالة إنسانية بعد مشوار طويل يمتد لأربعين عاماً؟
الفن قيمة عليا وأعتقد أن أولى نقلات الوعي لدى الإنسان هي تعتبر فناً وقد ظهر ذلك منذ بدء الخليقة في الرسوم والشعر والموسيقى.
لذا فإن من مهام الفن إعادة صياغة الإنسان الحقيقي لمعالجة الكثير من الإخفاقات والانكسارات التي يجترها خلال رحلته في الحياة.
خرجت من عباءة قامات وأسماء كبيرة في الفن العراقي.. هل في خاطرك كلمة توجهها إليهم؟
بداية، هؤلاء العمالقة الذين تعلمنا منهم أمثال إبراهيم جلال وجعفر السعدي وجاسم العبودي وسامي عبدالحميد وعوني كرومي، أسسوا قاعدة أخلاقية كبيرة في المسرح تجمع غالبية التجارب العالمية، حيث عملوا على ترسيخ مبادئ سامية من بينها ألا نكتمل إلا مع المجموعة، وكذلك الحث على تقديم عطاء غير منقطع، فأقول لهم شكراً كبيراً على عظيم النصيحة التي لولاها لما كنا اليوم بهذه المسيرة.
هل زحفت الصراعات السياسية واضطراب الأوضاع في العراق على مهنية ومهمة الفن؟
لعب الفن دور المشاكسة مع السلطات باعتبار أن قضيته تدور حول تسليط الضوء على الأخطاء وتقويم الأداء السياسي والاجتماعي ومختلف جوانب الحياة الأخرى.
في العراق عاش الفن مراحل مختلفة تركت آثارها على أهمية القضايا التي يتناولها، إذ شهدت فترة ما قبل عام 2003، ضبط وتوجيه للدراما والسينما والمسرح نحو قضايا اجتماعية وترفيهية وجوانب ثانوية بهدف الابتعاد عن تناول الشأن السياسي وسلطة النظام القائم آنذاك.
وأثّرت حقبة الحصار الاقتصادي التي عاشتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي بشكل كبير على واقع الفن ونقلته من رسالة إنسانية إلى مهنة للعيش والتكسّب، وهو ما زحف على نوع المضامين التي قُدّمت خلال تلك الفترة التي كانت تتسم بالبؤس والرداءة في جزء كبير منها.
ما بعد ذلك التاريخ كان المشهد الدرامي في الحياة حاداً وقوياً وأعتقد يحتاج للكثير من التأمل حتى يستطيع أن يفرز لنا أعمالاً فنية تعالج الكثير من المشاكل التي دمّرت الذاكرة العراقية بسبب الحرب والقتل اليومي.
يقال إن المسرح خبز الشعوب وزادها الفكري.. كيف تقرأ عطاء الخشبة العراقية؟
قيل أعطني خبزاً ومسرحاً أعطيك شعباً مثقفاً، وهو بذلك يشير إلى أهمية وخطورة الرسالة الفنية في كل اشتغالاتها وأدوارها.
شهد المسرح العراقي إنتاجات مبهرة ومهمة حصدت جوائز عربية وعالمية عدة، لكن ما يؤخذ على الخشبة أنها بقيت محسورة عند القاعات وعروض المهرجانات ولم تذهب إلى الناس وما يصطلح عليه الآن "مسرح الشارع"، وهناك محاولات فردية ضمن إطار محدد.
إذا عُرِض عليك منصب فني.. في أي مكان ستقف وتختار؟
الكثير من المسؤولين لا يمتلكون سيادة القرار وتحركهم أطراف وجهات خفيّة، ولكن إذا خيّرت وكان إلزاماَ سأحاول أن أعيد العافية إلى وزارة الثقافة أو نقابة الفنانين من خلال إيجاد مسارات أكثر وعياً ونضجاً على تفعيل قدرة الإنسان في التغيير والعمل الجاد.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjIwMiA= جزيرة ام اند امز