"عراقيات".. جسر ثقافي فني بين بلاد الرافدين وبيروت
أسبوع "عراقيات" يحفل بتجارب مختلفة تنقل من خلال الأعمال الإبداعية ثقافات المجتمع ومآزق الهويات والأقليات والانقسامات والحروب والمنفى
تمد العاصمة اللبنانية بيروت جسراً ثقافياً وفنياً مع بغداد تتدفق عبره وعلى مدى أسبوع الفنون والآداب والموسيقى والسينما العراقية التي ربما توارت عن المشهد العام، لكنها ظلت راسخة في الوجدان.
ويحفل أسبوع "عراقيات" الذي انطلق، الإثنين، في دار النمر ببيروت بتجارب مختلفة تنقل من خلال الأعمال الإبداعية ثقافات المجتمع ومآزق الهويات والأقليات والانقسامات والحروب والمنفى، وهي موضوعات لطالما ارتبطت بهوية الفنانين العراقيين.
كما يشهد نقاشات عميقة تجمع الجمهور اللبناني بفنانين عراقيين ربما للمرة الأولى.
يشارك في الأسبوع 12 مبدعاً عراقياً يقيمون بين الولايات المتحدة وأوروبا من أجيال مختلفة، منهم من تزامن نضجهم الفني مع الاحتلال الأمريكي للعراق، إضافة إلى الفنانة الفلسطينية رائدة طه المقيمة في لبنان والتي قدمت خلال الافتتاح "قراءات تحية من فلسطين إلى العراق".
وشمل البرنامج الذي تنظمه مؤسسة روزا لوكسمبورج محاضرة ثرية للكاتب العراقي سنان أنطون المقيم في نيويورك بعنوان "سيرة الماء: ذاكرة النص" عرج فيها على منابع وروافد الإبداع العراقي الحديث الغنية التي نهل منها الكاتب وشربت منها نصوصه.
وسنحت لمتابعي المشهد الفني فرصة فريدة للقاء ضياء العزاوي الذي يعتبر من أبرز وجوه الفن التشكيلي العالمي والمقيم في لندن، والحوار معه حول تاريخ الفن العراقي، لكونه حلقة وصل بين جيل الحداثة في العراق والجيل الفني الثقافي، وحول عمله الفني (الروح الجريحة: رحلة الدمار) ورمزيته.
والعمل عبارة عن حصان مصاب بسهام، وهو تحية لنحو 450 أكاديمياً عراقياً اغتالتهم عناصر مجهولة.
وقال العزاوي: "الحصان هنا يجسد عنصرا أساسيا في السرديات الشعبية العراقية، لكونه تمثيلا لخسائر الفتنة وفقدان الآلاف من الأبرياء العراقيين في حروب عبثية قادت البلاد إلى الاحتلال وما نتج عنه من ضحايا وصراع".
وأضاف: "أنا سعيد اليوم، لأنني أرى جيلا جديدا من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين في بيروت، متلهفا لمعرفة المزيد عن العراق الحديث".
ومن الذاكرة السمعية البصرية يستدعي الفيلم القصير "بلي يا بلبول" الذي يستمد عنوانه من أغنية حفظها أطفال العراق جيلا بعد جيل.
ويحاول تقصي الحقائق بشكل ساخر حول تاريخ الأغنية ومن أين أتت، ليصل إلى حكايات تختلف من حقبة إلى حقبة حول أغنية جامعة وراسخة في الذاكرة الجماعية العراقية، ويتضمن البرنامج عرض 5 أفلام.
وعن "عراقيات" الذي يسدل الستار عليه، الأحد، قالت الفلسطينية رشا صلاح المشرفة على الأسبوع: "الصورة عن العراق اليوم مشوشة، وترتبط فقط بأعداد القتلى والانفجارات والشهداء وعمليات تنظيم (داعش) الإرهابي، ولاحظت من خلال متابعتي غياب الفنانين العراقيين عن الساحة العربية إلا فيما ندر".
وأضافت: "نحن في لبنان فقدنا الصلة الفعلية بالعراق منذ الغزو الأمريكي، ووقف الزمن الثقافي عند مظفر النواب وجيل الستينيات، لكن العراق لم تتوقف أجياله عن الإبداع، لذا أردنا أن نسلط الضوء على عراق اليوم.. ماذا يقول؟ ونسمع صوت عراق الشتات ومدى ارتباطه بعراق الماضي".
وتابعت: "لا يمكن إعطاء الثقافة العراقية العريقة حقها في 6 أيام، لكن حاولت جمع فسيفساء من الإنجازات المتنوعة في السنوات الأخيرة، والأهم ركزت على النقاش بين الفنانين والجمهور خصوصا صناع السينما والجيل الجديد".
وفي آخر أيام "عراقيات" تعقد جلسة سماعية حول الأغنية العراقية مع الناقد الموسيقي سامر المشعل والملحن كوكب حمزة.
وقالت رشا: "بعد بيروت قد تنتقل التظاهرة إلى برلين بنسخة جديدة تعطي مساحة أكبر لاكتشاف التجارب العراقية في الداخل والفنانين المقيمين في ألمانيا".
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA= جزيرة ام اند امز