شحنة أدوية عراقية تكشف فسادا في قطاع الصحة الليبي

كشفت شحنة أدوية لعلاج الأورام مصنّعة محليًا في العراق عن حجم الفساد الذي يعصف بقطاع الصحة في ليبيا.
ذلك بعد أن أثيرت تساؤلات واسعة حول مصير الشحنة ومدى صلاحيتها، وسط تبادل للاتهامات بين مؤسسات الدولة.
تضارب الروايات حول أزمة دواء جديدة في ليبيا
أعلن السفير العراقي في طرابلس، أحمد الصحاف، عن وصول أول شحنة من الأدوية المصنّعة محليًا إلى ليبيا، في إطار دعم التعاون الثنائي وتعزيز الأمن الدوائي في المنطقة.
وأكد السفير أن الأدوية صُنعت وفق "أحدث المعايير الدولية"، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تمثل دعمًا للقطاع الصحي الليبي في وقت يسعى فيه إلى إعادة بناء قدراته.
في المقابل، نفى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان في ليبيا، حيدر السايح، بشكل قاطع استيراد ليبيا لأي شحنة أدوية من العراق أو من أي دولة عربية أو آسيوية، موضحًا أن الأدوية المستخدمة في علاج الأورام يتم توريدها حصريًا من الولايات المتحدة وأوروبا.
مصير مجهول
حتى اللحظة، لا يزال مصير الشحنة غامضًا، مع غياب أي تأكيد رسمي بشأن استقبالها أو توزيعها، ما زاد المخاوف من دخول أدوية قد تكون غير مطابقة للمواصفات الطبية إلى السوق الليبي.
ويخشى كثيرون أن تكون هذه الشحنة ضمن سلسلة طويلة من عمليات فساد طالت قطاع الدواء في ليبيا، خاصة في ظل وجود سوابق تتعلق بتوزيع أدوية مشبوهة لمرضى الأورام.
سوابق خطيرة
كشف المعهد القومي لعلاج الأورام بمدينة مصراتة، في سبتمبر/ أيلول الماضي، عن استيراد أدوية مجهولة المصدر وغير صالحة للاستخدام، أدت إلى ظهور أعراض جانبية خطيرة لدى عدد من المرضى.
ورفضت اللجنة العلمية للمعهد آنذاك قبول الأدوية الحديثة التي استوردها جهاز الإمداد الطبي، محذرة من أن استمرار استخدامها قد يؤدي إلى تفاقم الأمراض بدلاً من علاجها.
تحرك متأخر
على خلفية هذه القضايا، شدد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية - مقرها طرابلس - على أن مكافحة الفساد في القطاع الصحي تمثل "أولوية قصوى" لحكومته.
وأكد الدبيبة، خلال اجتماع موسع مع مسؤولي جهاز الإمداد الطبي، أهمية مراجعة إجراءات العطاء العام بدقة، وضمان التزام صارم بمعايير الجودة، محملاً الجهات المختصة المسؤولية المباشرة عن أي خلل أو تأخير.
معاناة المرضى تتفاقم
في هذه الأثناء، يواصل مرضى الأورام في ليبيا معاناتهم مع نقص الأدوية وارتفاع أسعارها، إذ تصل تكلفة الجرعة الواحدة للعلاج الكيميائي إلى أكثر من 20 ألف دينار ليبي (نحو 3660 دولارًا) شهريًا.
ويشهد الشارع الليبي بين الحين والآخر احتجاجات من مرضى الأورام وأسرهم، يطالبون خلالها بتحسين الخدمات الصحية وتوفير الأدوية الأساسية.
وفي محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، افتتحت الحكومة مركز العلاج الإشعاعي للأورام في طرابلس في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ضمن جهود استيعاب أكثر من 22 ألف مريض بالأورام المسجلين رسميًا، بينهم نحو 5600 مريض يتلقون علاجهم خارج البلاد.