أزمة العراق.. هل يذوب جليد الخلافات عبر كردستان؟
إلى إقليم كردستان العراق تتجه الأنظار في خضم اجتماعات مكثفة بين طرفي الحزبين الرئيسيين على أمل التوصل لحل للانسداد الراهن.
وحتى الآن، لم يتوصل الحزبان الرئيسيان في الإقليم لاتفاق معلن بشأن أبرز المسائل العالقة المتعلقة باختيار رئيس للجمهورية.
وطوال الثلاث الأيام الماضية، سجلت أربيل والسليمانية زيارات متبادلة بين طرفي الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني، تضمنت مناقشة أوجه الخلاف السياسي ومدى التوافق بشأن العديد من المسائل الجدلية في كردستان.
وتكللت بوادر التقارب بين فرقاء كردستان باجتماع ضم أغلب القيادات الكردية وحضرته ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت، تمخض عن تشكيل لجان مشتركة لحلحة المسائل الخلافية بينها التوافق حول مناصب القوى الكردية في الحكومة الاتحادية، وتنسيق المواقف بشأن الانتخابات النيابية في كردستان المرجح إجراؤها في أكتوبر/ تشرين أول المقبل.
وأفرزت الاصطفافات السياسية لما بعد انتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي انضمام الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى تحالف "إنقاذ وطن" الذي يتزعمه مقتدى الصدر والاتحاد الوطني ضمن عباءة "الإطار التنسيقي".
ويدفع الديمقراطي الكردستاني بمرشحه لرئاسة الجمهورية ريبر أحمد، فيما يقدم الاتحاد الوطني برهم صالح لولاية ثانية وسط خلاف محتدم على أحقية المنصب ساهم بشكل كبير في تعثر انعقاد جلسة نيابية مكتملة النصاب القانوني لتمرير أسماء المرشحين.
ويتمظهر الخلاف الدائر بتعثر المضي بانعقاد جلسة نيابية مكتملة النصاب لانتخاب رئيس الجمهورية، على خلفية النزاع الدائر بين الحزبين الرئيسيين حول الصراع على ذلك المنصب.
ودفع قرار المحكمة الاتحادية (السلطة القضائية الأعلى) في العراق بإلزام التصويت على مرشح رئيس الجمهورية بواقع ثلثي مجلس النواب إلى تعقد المشهد السياسي بعدما وزع مراكز الثقل بين القوى الكبرى بما يعرف بـ"الثلث المعطل".
ورغم مضي أكثر من 8 أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق، إلا أن مخرجات أرقامها معطلة التطبيق في استكمال انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة الجديدة.
وكانت قوى الإطار التنسيقي (المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران) والصدر قدما أكثر من مبادرة لحلحة الخلافات المسببة للانسداد السياسي، إلا أن جميعها انتهى بالفشل.
وتترقب الأوساط السياسية في بغداد تطورات المشهد الأخير في جبال كردستان بعد بوادر انفراجة جاءت على وقع الزيارات المتبادلة بين أربيل والسليمانية مما قد ينعكس بالإيجاب على مجمل العملية السياسية المتعثرة.
حتمية التفاهم
تعليقا على التطورات، يقول مستشار رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود حيدر، إنه "ليس أمام الحزبين الكرديين سوى الجلوس إلى طاولة التفاهمات بحكم التاريخ الطويل بينهما والتجارب التي اختبراها على امتداد 5 عقود".
ويشير حيدر، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "الحزبين الديمقراطي والاتحادي الوطني استطاعا في مراحل ماضية تجاوز خلافات وأزمات أعمق وأكبر، وبالتالي فإن بوادر الحل لحسم منصب رئيس الجمهورية هو أقرب للانكشاف وانتهاءً الانسداد الدائر ".
وكان القيادي الكردي وسكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي، فاضل ميراني، رجح في تصريح متلفز طرح مقترح وصفه بـ"التوفيقي"، لإنهاء الخلاف بين الأطراف الكردية بشأن منصب رئيس الجمهورية.
ويعزز ذلك عضو الحزب الديمقراطي صبحي المندلاوي، الذي يؤكد وجود بوادر لطرح سيناريو شامل تمتد معالجاته حدود الإقليم ليشمل أطراف الخلاف السياسي في بغداد.
ويقول المندلاوي لـ"العين الإخبارية"، إن "الأجواء في كردستان باتت مهيأة لتوالد الحلول وإيجاد المخارج للأزمة السياسية عقب تبادل الزيارات بين نيجرفان بارزاني (نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني) وبافال طالباني (الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني)".
وبشأن تعليق تعثر المشهد السياسي في العراق وربطه بالخلاف الكردي حول منصب رئاسة الجمهورية، يرى المندلاوي أن "المشكلة تكمن في البيت الشيعي وليس في فرقاء كردستان ولكن توافق الإقليم وتنضيج مواقف موحدة من شأنه التسريع بعملية الحلحلة وتحريك المشهد السياسي".
ومنذ أول انتخابات متعددة شهدها العراق في 2005 يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسُنة مجلس النواب.