انتفاضة العراق تتصدى لمؤامرات مليشيات إيران لوأد مطالبها
رغم رفعها مطالب الإصلاح وتوفير الخدمات أظهرت الاحتجاجات أنها غير مسيّسة ونابعة من معاناة العراقيين الذين ظلت إيران جاثمة على صدورهم
تسعى مليشيات الحرس الثوري والحشد الشعبي بكل الوسائل إلى القضاء على مظاهرات العراق، التي أصبح مطلبها الرئيسي إنهاء النفوذ الإيراني في البلاد وتشكيل نظام سياسي وطني بعيدا عن طهران وأذيالها.
ورغم تكرار المظاهرات الشعبية في السنوات الماضية بالعراق فإن غالبيتها كانت حروبا سياسية بين أحزاب ومليشيات للحصول على مكاسب مالية وإدارية كبيرة أو تمويها من قبل مليشيا الحرس الثوري لتنفيذ مشروعات النظام الإيراني.
- مظاهرات العراق.. بركان غضب في وجه النفوذ والنهب الإيراني
- الإرهابي سليماني.. بطولات وهمية للتعتيم على دماء العراقيين
المظاهرات العراقية الحالية، بحسب ملامحها منذ اليوم الأول، رغم أنها رفعت مطالب الإصلاح وتوفير الخدمات، لكنها أظهرت أنها احتجاجات شعبية غير مسيّسة نابعة من معاناة العراقيين، الذين ظلت إيران جاثمة على صدورهم عبر مجموعة من السياسيين التابعين لها كانت تعدهم منذ ثمانينيات القرن الماضي.
طهران ورّطت العراق بسلسلة حروب بدأت منذ ٢٠٠٦ بالحرب الطائفية التي قتل فيها الآلاف من العراقيين على الهوية والأسماء، ومن ثم سلم مليشيا الحرس الثوري وجناحها الخارجي بقيادة الإرهابي قاسم سليماني مساحات واسعة من الأراضي العراقية لتنظيم داعش الإرهابي.
وبحجة محاربة داعش، شُكلت مليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران التي حصلت على ما تريده وبشكل مطلق من صلاحيات وأموال ودعم من الحكومات العراقية المتتالية منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي مرورا بحيدر العبادي وحاليا عادل عبدالمهدي ما منحها القدسية ومحاسبة كل من ينتقدها.
وفضلا عن سوء الإدارة وانتشار الفساد، جاءت تصرفات السفير الإيراني إيرج مسجدي مساعد قاسم سليماني وتحكمه بالعراق بأنه أعلى من جميع السلطات لتكون أبرز انتهاكات طهران بالحياة السياسية العراقية.
وكانت التدخلات الإيرانية أكثر وضوحا خلال الانتخابات التشريعية الماضية التي شهدها العراق في مايو/أيار من عام ٢٠١٨، حيث تدخل قاسم سليماني في الانتخابات وفي تشكيل حكومة تكون حسب أهواء نظام الولي الفقيه الإيراني.
كل هذه التجاوزات تسببت في انفجار الغضب العراقي في مظاهرات عارمة لا تمتلك أي قيادة بارزة أو تنسيقيات تمثلها، انطلقت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الحالي وما زالت مستمرة.
وعلى الرغم من استخدام الحكومة العراقية والمليشيات الرصاص الحي في القضاء على الاحتجاجات ظل الشارع ملتهبا، فبحسب متظاهرين من الشباب "لن تتوقف إلا بعد تحرير العراق من إيران".
وبلغت أعداد الضحايا في صفوف المتظاهرين ورجال القوات الأمنية، بحسب آخر إحصائية رسمية نشرتها المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، السبت، ٩٣ قتيلا و٣ آلاف و٩٧٨ جريحا.
فرق الموت الإيرانية
وبحسب معلومات حصلت عليها "العين الإخبارية" من مسؤول في الاستخبارات العراقية، "لم تتوقف إيران عند استخدام مليشياتها في قمع المتظاهرين، بل سعت غرفة عملياتها لقمع مظاهرات العراق التي تقع داخل مبنى سفارتها في المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد لتشمل مرتزقة لبنانيين من مليشيا حزب الله والحوثيين والأفغان غالبيتهم قناصة ضمن الوحدة ٤٠٠ التابعة لفيلق القدس المسؤولة عن تنفيذ الاغتيالات خارج حدود إيران".
وتابع المسؤول أن إيران "دمجتهم مع فرق الموت العراقية من عناصر الحشد الشعبي على شكل مجاميع من الملثمين يرتدون ملابس سوداء وزعوا على المباني المرتفعة المحيطة بساحات المظاهرات في بغداد والمدن العراقية الأخرى".
وأشار إلى أن "هذه المجاميع استهدفت المتظاهرين وعناصر الشرطة بقنصهم من الرأس، بهدف تحريف المظاهرات من سلمية إلى عسكرية وتوريط الساحة العراقية في حرب أهلية لإنهاء المظاهرات المدنية كما فعلت في سوريا خلال السنوات الماضية".
ولعل من أبرز الخطوات التي تعمل إيران على اتخاذها في العراق عبر أتباعها من السياسيين هي امتصاص غضب الشارع العراقي من خلال إقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.
ورفض الشارع الخطوات الإيرانية وتمسك المتظاهرون بمطالبهم في تغيير العملية السياسية بشكل جذري ورموزها الحاليين من المشاركة في أي عملية سياسية مستقبلية.
وباءت محاولات السياسيين خلال اليومين الماضيين لتهدئة الشارع بالفشل أمام إصرار المتظاهرين على مطالبهم المحددة في "تغيير جذري للنظام السياسي الحالي، وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية، وتغيير الدستور، ومحاسبة الفاسدين، وإجراء انتخابات نزيهة بإشراف دولي".
سيناريوهات الأزمة
وبحسب مراقبين سياسيين للشأن العراقي، فإن البلاد مقبلة على سيناريوهين؛ أحدهما تمكُّن المتظاهرين من النجاح في الوصول إلى أهدافهم دون أن تتلوث حركتهم بتدخلات المليشيات والسياسيين الذين يسعون للركوب على موجة المظاهرات لإنقاذ أنفسهم والعودة بوجه جديد للسلطة.
أما السيناريو الثاني، وهو الأخطر، يتمثل في محاولات مليشيات الحشد الشعبي أو بالتحديد المليشيات الرئيسية المعروفة بالمليشيات الولائية المتمثلة بكتائب "حزب الله العراق" و"عصائب أهل الحق" و"حركة النجباء" و"سرايا الخراساني" وكتائب "الإمام علي" وكتائب "سيد الشهداء" و"منظمة بدر"، الانقلاب في ظل انشغال الشارع بالمظاهرات والسيطرة على زمام الأمور، كما فعلت مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن خلال السنوات الماضية.
aXA6IDE4LjIxOS40Ny4yMzkg
جزيرة ام اند امز