حرب في أفغانستان وأخرى في العراق أكبر المغامرات الحربية للولايات المتحدة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين، كتبت النهاية الأولى بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في أغسطس/آب الماضي وسيطرة طالبان على زمام الأمور وسجلت كهزيمة كبرى أثارت الاهتمام العالم
النهاية الثانية جاءت باتفاق واشنطن وبغداد على انسحاب القوات الأمريكية من العراق في سياق الحوار الاستراتيجي، واليوم يسيطر على الجميع السؤال الملح... هل ينتظر العراق مصير أفغانستان؟.
في عام 2011، أعلن الرئيس باراك أوباما أن القوات الأمريكية ستنسحب من العراق مع بقاء عدد قليل من أفرادها للمساعدة في مهمة تأهيل القوات العراقية.
إلا أن هذا الانسحاب مع وضع سياسي مضطرب وحرب أهلية منتعشة سهل الطريق لدخول تنظيم داعش الإرهابي إلى البلاد.
وبحلول صيف 2014 تمكن التنظيم من احتلال ثلث العراق وتراجع الجيش العراقي.. وطلبت الحكومة العراقية من أمريكا العودة للمساعدة في القضاء على التنظيم، وهو ما حدث في ديسمبر ٢٠١٧ حين أعلنت الحكومة العراقية القضاء على التنظيم الإرهابي.
ودع العراق داعش إلا من جيوب قليلة، وخلايا نائمة، فجاء إعلان إنهاء المهام القتالية للتحالف بتوقيع جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اتفاقا ينهي رسميا المهمة القتالية الأمريكية في العراق بحلول نهاية عام 2021
الاتفاق ترك غموضا زاده حديث الناطق باسم البنتاجون، جون كيربي، حين صرح بأنه "ليس هناك تغيير جوهري لعدد القوات في العراق، ولكن العدد الذي سيبقى هناك في 2500"، على حد قوله .
لم يعد التنظيم مسيطرا على الأرض إلا أنه يمتلك خلايا نائمة وفي حال تحركها قد تضطر الحكومة إلى طلب المساعدة والدعم من القوات الأمريكية لمواجهة الخطر، كما فعلت الحكومة عام 2011 عندما طلبت من الأمريكان سحب قواتهم ثم طالبتهم في 2014 بالعودة بعد أن زحف التنظيم نحو بغداد العاصمة وكاد أن يدخلها لولا الدعم الأمريكي.
وبالرغم من أن القوات العراقية أصبحت بارعة بشكل كبير وتمتلك الخبرة في محاربة داعش، فإنها لا تزال تعتمد على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للمساعدة الاستخباراتية والتخطيط والدعم الجوي.
العراق ليس أفغانستان فمصالح الولايات المتحدة الجيوسياسية في العراق تختلف، ولن تسمح واشنطن بهجمات مباشرة على الأمريكيين ولن تتوانى مع المنظمات الإرهابية وتسمح بإقامة معسكرات لمتطرفين في المنطقة.
والحكومة العراقية ليست كالحكومة الأفغانية، التي دخلت مع طالبان في حرب أهلية لفترة طويلة، بل هي حكومة تتركز بيدها السلطة رغم وجود مليشيات ترفض تسليم السلاح حتى الآن.
لكن وضع العراق يبقى محرجا للغاية في وقت يحاول فيه الجيش العراقي الآن إثبات قدرته على فرض الاستقرار ومطاردة فلول داعش.
الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.. من ستكون له الكلمة العليا في العراق، الحكومة العراقية أم عودة أمريكا لمواجهة داعش؟