أوروبا تودع الطاقة النظيفة وتشغل محطات الفحم المغلقة
في الوقت الذي تخطط فيه أوروبا للاعتماد الكلي على الطاقة النظيفة، تشير تقديرات غربية إلى أن هذه الخطط قد تتأجل بسبب حرب أوكرانيا.
وقالت صحيفة "بروتو تيما" اليونانية إن أوروبا تعود إلى الفحم وتستعد لشتاء قاس، في ظل مخاوف من أن تقطع روسيا إمدادات الغاز الطبيعي عن الدول الأوروبية.
في الوقت نفسه، تلقت المفوضية الأوروبية قبل نحو أسبوع، إشارات بدأت دول التكتل بإرسالها، مرتبطة بإعادة تشغيل محطات كهرباء تعمل بالفحم الحجري.
ووفقا للصحيفة فإن روسيا بإمكانها أن تقاوم العقوبات الغربية، لافتة إلى أن روسيا في الأيام الأخيرة انتقلت إلى "إجراءات انتقامية" مثل خفض بنسبة 40% في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا.
وقالت وكالة بلومبرج، قبل أيام، إن النمسا تستعد لإعادة تشغيل محطة طاقة تعمل بالفحم الحجري تم إغلاقها منذ عامين، وذلك بسبب انخفاض إمدادات الغاز من روسيا.
كما أعلنت ألمانيا عن إعادة تشغيل واحدة من أكبر محطات توليد الكهرباء عبر الفحم، في مسعى لتوفير الطاقة الكهربائية لتكون بديلة عن الغاز الشحيح في البلاد، بسبب تقليص الكميات الواصلة إليها من جانب روسيا.
وتراجعت إمدادات الغاز الروسي عبر الخط نورد ستريم 1 بنسبة 60% من نهاية الأسبوع الماضي، فيما يتوقع أن يدخل الخط مرحلة إصلاح دورية، الشهر المقبل، ما يعني أن الغاز الروسي لألمانيا قد يبلغ صفر.
وأصبح الغاز في ألمانيا اليوم "سلعة نادرة" بحسب تصريحات لوزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك الذي زار إسرائيل ودول الخليج بحثا عن بدائل للغاز الروسي.
أما فرنسا، فقد أعلنت وزارة الطاقة إعادة تشغيل محطة كهرباء تعمل بالفحم جرى إغلاقها في مارس/آذار الماضي، وذلك بهدف ضمان توفير إمدادات الطاقة خلال الشتاء، في ظل أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
ونقلت محطة "بي أف أم" الفرنسية عن الوزارة القول إن قرار إعادة تشغيل محطة الكهرباء في سان-أفول على الحدود الألمانية لن يؤثر على قرار فرنسا بشأن التخلص التدريجي من الفحم.
والسند القانوني لهذا التشغيل سيكون تشريعا جديدا بشأن التعامل مع الأزمة من المقرر تمريره في يوليو المقبل، وأضافت أنه يمكن إعادة موظفي المحطة، البالغ عددهم 71 موظفا وكانوا فقدوا أعمالهم في نهاية مارس، بصورة مؤقتة حتى نهاية 2023.
كذلك، أعلنت هولندا عن تخفيف كبير في القيود المفروضة على محطات توليد الكهرباء بالفحم، لتعويض تراجع وارداتها من الغاز الروسي، فيما تتبع دول أخرى مثل إسبانيا وإيطاليا لتعزيز استخدام الفحم في توليد الكهرباء.
والأسبوع الماضي، حذرت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من العودة لاستخدام الوقود الأحفوري مثل الفحم.
فيما تحاول دول الاتحاد الأوروبي تقليل اعتمادها على الوقود الروسي، يشكل استخدام محطات الطاقة التي تعتمد على الفحم خيارا ممكنا للدول الأوروبية بالرغم من تداعياته على البيئة وتغير المناخ.
وليس هذا هو الاتجاه الذي أرادت هذه الحكومات التحرك فيه، لكنها فضلت اللجوء للفحم بدلا من الإضرار بقطاعاتها الاقتصادية، إذ إن العودة إلى الفحم من شأنه أن يخالف سياسة المناخ المعمول بها بالفعل بدول التكتل.
يأتي ذلك، بينما أبدت عديد المنظمات البيئية في دول الاتحاد الأوروبي شعورها بالقلق من التهديد طويل المدى الذي قد تمثله مثل هذه الخطوة لجهود مكافحة تغير المناخ في أوروبا.
وقال وزير الاقتصاد الألماني، الأسبوع الماضي، إن احتمال إطلاق محطات تعمل بالفحم أمر "مرير" لكنه ضروري لتقليل استهلاك الغاز، يجب استخدام كميات أقل من الغاز لتوليد الكهرباء.
واقع ما قبل حرب أوكرانيا
أسهمت الطفرة التي حدثت في مشروعات الطاقة المتجددة وسياسات الدول الأوروبّية للاعتماد على الطاقة النظيفة، في تسريع وتيرة خروج محطّات الكهرباء العاملة بالفحم من الخدمة، وتوديعها، بنسب كبيرة.
وأفادت وكالة رويترز بأنه بعد قرون من الثورة الصناعية في أوروبا لا يستطيع الفحم التنافس مع الوقود الأقل تلويثا لتوليد الكهرباء، الأمر الذي دفع الحكومات والشركات إلى إغلاق المناجم والمصانع.
وقالت مؤسّسة إيمبر المستقلة للأبحاث، في تقرير نصف سنوي، إن مصادر الطاقة المتجدّدة استحوذت للمرّة الأولى في عام 2020، على نسبة 40% من كهرباء الاتحاد الأوروبي، في حين أن الوقود الأحفوري يولّد 34%.
وفي إسبانيا، انخفضت الكهرباء المولدة بالفحم بنسبة 58% في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، حتى قبل إغلاق نصف المحطّات المتبقية في يونيو/حزيران، لأنّها لم تعد تمتثل لقواعد الانبعاثات في الاتّحاد الأوروبي.
وتعززت النتائج التي توصلت إليها مؤسّسة إيمبر المستقلة للأبحاث، من قبل باحثي "جلوبال إنرجي مونيتور"، الذين توقّعوا معدلًا قياسيا من عمليات الإغلاق على مستوى العالم، في عام 2020.
وذكرت مؤسسة إيمبر المستقلّة للأبحاث أن توليد الكهرباء بالفحم في البرتغال انخفض بنسبة 95%، في النصف الأول من عام 2020، وشهدت فرنسا والنمسا وهولندا تخفيضات تزيد على 50%، وأغلقت السويد والنمسا مصانعها الأخيرة، في مارس.
وفي ألمانيا، تراجع توليد الكهرباء العاملة بالفحم بنسبة 39%، مما أدى إلى انخفاضه -لأول مرة- عن بولندا.
aXA6IDMuMTI5LjI0Ny4yNTAg جزيرة ام اند امز