تُعدّ فكرة امتلاك كرة سحرية للتنبؤ بالمستقبل بمثابة أمنية مشتركة، خاصة لدى المحللين وأجهزة الاستخبارات الذين يتطلعون إلى توقع الأحداث واتخاذ قرارات مستنيرة.
ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أنه لا توجد أداة سحرية للتنبؤ بالمستقبل بشكل معصوم من الخطأ. وسنحاول في هذا المقال الاقتراب مما يعده لنا إرهابيو "القاعدة" و"داعش" في الأشهر المقبلة في أفريقيا.
التكنولوجيا والتكتيكات: يميل استخدام الطائرات بدون طيار (المركبات الجوية غير المأهولة) والعبوات الناسفة إلى الزيادة. ويحاول الإرهابيون بشكل متزايد تقليل عدد ضحاياهم. ويُظهر "داعش" اهتمامه بتقليص عدد هجماته من خلال التسبب في أكبر عدد من الضحايا.
وفيما يتعلق بالعبوات الناسفة، لوحظت زيادة في وزن الحمولة، بينما تكون المادة المتفجرة المستخدمة مصنوعة من الأسمدة.
وفي اليمن يتمتع الإرهابيون بخبرة كبيرة في استخدام الطائرات بدون طيار وسيُصدِّرون معرفتهم إلى القارة الأفريقية. وبسبب الاعتقالات الأخيرة، لوحظ اهتمام الإرهابيين بتصنيع السموم.
عمليات الاختطاف: انخفضت عمليات اختطاف الغربيين، التي كانت تشكل مصدر دخل كبير للجماعات الإرهابية، نظراً لتناقص أعدادهم في مناطق النزاع، لكن عمليات اختطاف السكان المحليين ستزداد مقابل أموال أقل وفترات احتجاز أقصر.
هجمات السجون: الهجمات على السجون هي أسرع وسيلة تستخدمها التنظيمات الإرهابية لتحرير عناصرها المسجونين وتجنيد أعضاء جدد. في السودان، هرب جميع السجناء بالفعل، والمكان التالي الأكثر ترجيحاً للهجوم على السجون هو النيجر.
المداخيل والتمويل: ستستمر بعض الأساليب كوسيلة للدخل. وسيستمر الابتزاز والاختطاف وجباية الضرائب والزكاة والتعدين الحرفي والتهريب والاتجار بالأسلحة وسرقة الماشية والصيد غير المشروع وضريبة عبور البضائع والدخل من خدمات النقل أو المرافقة أو الحماية.
ويتزايد استخدام النقود الافتراضية وبطاقات الهاتف والبطاقات المدفوعة مسبقاً أو القابلة لإعادة الشحن التي تستخدم لنقل الأموال من طرف الإرهابيين، على الرغم من استمرار استخدام الحوالة والنقل المادي للأموال.
المغرب العربي: في بلدان البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا، اختفى النشاط الإرهابي عملياً، لكن لم يختفِ وجوده كلياً. ويهتم الإرهابيون بالبقاء في بعض المناطق غير البارزة لأن هذه الدول تعتبر أساسية لوصول الإمدادات إلى بلدان الجنوب حيث انتقل القتال.
الصومال: الآن بعد أن بدأت الحكومة المرحلة الثانية من عمليات مكافحة الإرهاب ضد حركة "الشباب" الإرهابية، لاستعادة الجنوب، يجب أن يتم وضع السجون في حالة تأهب، وخاصة تلك التي تؤوي أكبر عدد من الإرهابيين.
ستكون الخطة الصومالية الجديدة لمكافحة الإرهاب بالقرب من الحدود الكينية، وهذا سيضر بكينيا. ويحتاج الإرهابيون إلى مكان يلجؤون إليه، وسيحاولون الفرار إلى الأراضي الكينية.
وستحاول حركة الشباب الإرهابية تشتيت القوات الصومالية، وقد تشنّ هجمات في بعض المناطق غير المعتادة مثل شمال الصومال. إن احتمالية انتقال مقاتلي "داعش" وحركة "الشباب" إلى السودان مرتفعة للغاية.
الساحل: كل المأزق السياسي في منطقة الساحل يفيد الإرهابيين، بمعنى أن الوضع يُجبر الجيش على تقليل وجوده في مناطق معينة، وخاصة المناطق الريفية. من جهة أخرى، تستغل كل من "داعش" و"القاعدة" من الناحية الدعائية هذه اللحظة لتقديم الإرهابيين كمدافعين عن السكان، وعلى الرغم من أن لذلك قيمة دعائية فقط، إلا أنه إذا استمر هذا الوضع مع مرور الوقت، فقد تصل الرسالة إلى الجمهور المستهدف.
ويتسبب القتال الدائر بين تنظيمي "القاعدة" و"داعش" في منطقة الساحل في خسائر فادحة لهما. إن قرار الزعيم الحالي لداعش بشأن هذه القضية مهم للغاية، حيث يمكنه العودة إلى الوضع السابق الذي احترمت فيه المجموعتان حدودهما الجغرافية ولم تهاجم أي منهما الأخرى في منطقة الساحل. وإذا حدث هذا الوضع، فمن الممكن أن نشهد تقدماً للمجموعتين نحو شمال مالي والنيجر، وسيسمح للإرهابيين بمواصلة الضغط نحو الشمال، أي نحو البلدان الساحلية.
موزمبيق: إن اتجاه الإرهاب نحو منطقة الساحل والكونغو وموزمبيق ليس بالأمر الجديد، وستظل الجماعات الإرهابية في الأشهر المقبلة مهتمة بجعل هذه الأماكن ساحات قتال لها. وربما يبحث فرع داعش بموزمبيق، بسبب الخسائر التي تكبدها، عن بعض المناطق القريبة للاحتماء بها للتقليل من أعداد القتلى في صفوفه.
السودان: يجب إيلاء اهتمام خاص للسودان. ويقول بعض المحللين إن هناك خطر قدوم الإرهابيين، والحقيقة أنهم موجودون هناك بالفعل. لكن لماذا لا يتحركون؟ ببساطة لأن أطرافاً أخرى تكفلت بتدمير البلاد.
وعلى غرار ما تفعل الحركات الإرهابية في بلدان أخرى، يفضل الإرهابيون المناطق النائية للنشاط، ويبدو أن هناك معسكرات تدريب في البلاد قبل مغادرتهم إلى منطقة الساحل.
وأصدر تنظيم "داعش" الإرهابي وثيقة تتعلق بالسودان ينعى فيها فقدان شيخه مصعب حسين (أبو أسامة) في 30 أغسطس/ آب المنصرم بالخرطوم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة