"ثأر الشهداء" تحصد رؤوس داعش في العراق
تستمر القوات العراقية في حصد رؤوس قيادات داعش واحدا تلو الآخر منذ بدء العمليات العسكرية "ثأر الشهداء".
ومنذ ذلك الهجوم الأكبر والأول من نوعه في العاصمة بغداد، بعد انتهاء عمليات استرداد المدن من داعش ، كثفت السلطات الأمنية العراقية من إحكام الأطواق على خلايا التنظيم في أوكارها.
وأسفرت العمليات المتلاحقة عن الإطاحة بعشرات العناصر من التنظيم الإرهابي، بينهم قيادات بالخط الأول، كان آخرها مقتل مسؤول "الجنوب" والناقل الرئيس لانتحاري بغداد وبمعيتهم اثنان آخران.
وبعد نحو أيام من التحرك العسكري العراقي الذي استهدف الثأر لضحايا ساحة الطيران، أطلقت السلطات الأمنية، أمس الثلاثاء عملية أخرى من 9 محاور لتعقب فلول تنظيم داعش غربي العراق والتي حملت عنوان "أسود الجزيرة".
وعلى ما يبدو أن المخطط الأمني العراقي قد أدرك الثغرات التي كان التنظيم يعتمدها للإفلات من كمائن الهجمات خلال الفترات الماضية.
وبات ما يعرف باستراتيجية "الضرب والاختفاء"، غير مجدية لخلاص عناصر داعش من مصائد الإطاحة والاعتقال.
واعتمد التنظيم الإرهابي منذ تصاعد عملياته في مطلع العام الماضي، على إحداث خروقات أمنية تركزت على أسلوب استنزاف الخصم، ومن ثم الانسحاب السريع عبر مجاميع لا تتجاوز الأنفار، موزعة على خطوط هجوم متفرقة.
العراق يرد
يقول الناطق باسم العمليات العسكرية العراقية المشتركة تحسين الخفاجي لـ"العين الإخبارية"، إن "ما يجري اليوم على أرض المواجهة لم يختلف كثيراً عما كان يجري سابقاً، ولكن دخول التقنيات وتقدم الجهد الاستخباري قد سرع من عملية سقوط العدو في الشباك".
ويؤكد الخفاجي أن "سلسلة العمليات العسكرية التي أطاحت بعدد من قيادات التنظيم جاءت للرد على المشككين بقدرة الأجهزة الأمنية أو ممن اتهمها بالضعف وعدم الاقتدار على مواجهة داعش".
ويستدرك بالقول: "القيادات العراقية التي تقف على رأس المنظومة الأمنية تمتلك الكفاءة والخبرات الكبيرة التي اكتسبتها من خلال مقارعة داعش وقبلها القاعدة، وبالتالي فإن النتائج التي تحققت هي نتاج متوقعة وحتمية ولا مناص منه".
وفيما يتعلق بالعملية الأمنية الأخيرة التي شهدتها منطقة الزيدان غربي بغداد، يوضح المتحدث الرسمي، أنها "تمت وفق معلومات استخبارية ومتابعة حثيثة من قبل عناصر الأمن أفضت إلى استهداف مواقع تلك القيادات وتقديمها إلى التحالف الدولي ليتم التعامل معهم بضربة جوية حاسمة".
وأشار إلى أن "الغارة الجوية أسفرت عن مقتل 4 قيادات جمعيهم من الصف الأول".
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أعلن ليل أمس الثلاثاء، في تغريدة على صفحته الشخصية، عن مقتل ما يسمى "والي الجنوب"، لدى داعش، على فياض والمسؤول عن نقل الانتحاريين في هجوم الطيران المدعو غانم صباح جواد.
وتأتي تلك الضربة الموجعة للتنظيم الإرهابي بعد أيام قليلة على مقتل الرجل الأول في التنظيم "أبو ياسر العيساوي"، الذي يسمى "نائب زعيم داعش ووالي العراق"، خلال عملية أمنية نفذها جهاز الإرهاب في "وادي الشاي"، جنوبي كركوك.
ويتخذ مسلحو داعش من المناطق الحدودية وأطراف المدن التي غالباً ما تعاني الهشاشة الأمنية، ملاذات وأوكاراً لهم، وقد حذرت بعض التقارير من خطر ذلك الأمر وضرورة التحرك لتدمير تلك القواعد النائية والبعيدة.
وحول ما إذا كان التنظيم قادراً على تكرار سيناريو أحداث يونيو/حزيران 2014، يؤكد الخفاجي أن "داعش لم يعد باستطاعته تهديد أمن المدن وأقصى ما يمكن فعله هو إحداث خروقات أمنية هنا وهناك وسنكون جاهزين لمثل تلك الأعمال الإرهابية".
الذكاء الاصطناعي
الخبير الأمني العراقي سرمد البياتي، يرى أن استخدام التقنيات الحديثة في ملاحقة فلول الإرهاب قد سرع من نجاح العمليات العسكرية في تعقب داعش وتقييد حركة مسلحيه.
ويشير البياتي لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "سلسة الضربات المتلاحقة بحق قيادات التنظيم نفذت بجهود اشتركت فيها الجانب الاستخباري العميق والعمل العسكري ذي النفس الطويل فضلاً عن اعتماد الذكاء الصناعي المتمثل باستخدام الكاميرات الحرارية ذات تقنية الاستمكان والرصد والمزودة بنظام التعقب "GPS".
ولفت إلى أن "أهمية تلك الضربات تكمن في تحييد خطر داعش عن المدن وتقييد حركة مسلحيهم في تنفيذ الهجمات المباغتة التي شهدتها منذ أكثر من عام".
وحول مستوى التهديدات الإرهابية مستقبلاً، ينوه الخبير الأمني العراقي إلى أن "العاصمة بغداد ستكون أكثر أمناً من بقية المناطق الأخرى وسيحاول التنظيم مشاغلة القطعات العسكرية عند المناطق ذات التضاريس المعقدة والأراضي الصحراوية الشاسعة في مسع منه لأثبات وجوده وقدرته على إرباك الوضع العام".
ويشدد البياتي على "ضرورة عدم التهاون أو التماهي مع الانتصارات المتحققة ومواصلة الجهود الأمنية بغرض تحصين البلاد من هجمات إرهابية على وقع ما حدث في العاصمة بغداد مؤخراً".
من جانبه يشير المحلل السياسي العراقي مازن السوداني لـ"العين الإخبارية"، إلى أن مواجهة الإرهاب ليست محصورة بالعمل الاستخباري والعمليات العسكرية فقط، وإنما تحتاج إلى بيئة سياسية ووحدة قرار سيادي حتى توفر عقلاً مؤسساتياً قادراً على التفكير والتشخيص والمعالجة بدون ضجيج وخلافات".
وأضاف: "ما تحقق خلال الأيام التي تلت تفجيري الباب الشرقي من نتائج عسكرية اعطى جرعة أمل للمواطن العراقي ليستعيد ثقته بقدرة الأجهزة الامنية التي أصابها التصدع جراء السلاح المنفلت وتسرطن المليشيات وارتفاع مؤشرات الفساد".
وفي الـ21 من الشهر الماضي، ضرب تفجير انتحاري مزدوج ساحة الطيران في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد، تبنى تنفيذه تنظيم داعش، ما أسفر عن مقتل إصابة اكثر من 150 قتيلاً وجريحاً .