نيويورك تايمز: الاعتقاد أنه تم دحر داعش "تجاهل" لدروس التاريخ
بعد إعلان العراق ومن خلفه البيت الأبيض دحر تنظيم داعش وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" هذه التصريحات بأنها "تجاهل" لدروس التاريخ
لثلاث سنوات سيطر تنظيم داعش الإرهابي على مساحات كبيرة من الأراضي في العراق وسوريا، معلنًا تأسيس دولته الخاصة، وجمع ملايين الدولارات في صورة ضرائب استخدمها لتمويل هجماته الإرهابية وتجنيد أتباع جدد حول العالم.
لكن كل هذه المكاسب تبخرت، ولم يتبق لدى الدواعش سوى 1% من مساحة تلك الأراضي، ما دفع البيت الأبيض لإعلان دحر التنظيم، وهو الأمر الذي وصفته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بأنه "تجاهل" لدروس التاريخ.
- ترامب خلال استقباله جثامين ضحايا هجوم منبج: لم نتوقف عن ضرب داعش
- قوات سوريا الديمقراطية تعتقل اثنين من داعش يحملان الجنسية الأمريكية
في وقت سابق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القضاء على داعش؛ لكن لاحقًا اتضح مدى خطأ الساسة حيال الأمر، مما أتاح الفرصة أمام التنظيم لإعادة ترتيب صفوفه على نحو أكثر قوة عما كان عليه.
الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي في منبج السورية، مسفرًا عن مقتل 15 بينهم 4 أمريكيين، يعد مثالا واحدًا على أن التنظيم لا يزال يشكل تهديدًا خطيرًا وعنيفًا.
حرب عصابات
وقال سيث جونز، أستاذ العلوم السياسية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "إنه من الخطأ الاعتقاد أنه عند خسارة قطعة أرض سيستمر هذا التراجع"، موضحًا أن الجماعات الذكية عند فقدانها الأراضي التي تسيطر عليها، تتحول إلى استراتيجية وأسلوب حرب العصابات، التي تتضمن عمليات اغتيال محددة الأهداف ونصب الكمائن والتفجيرات.
وضربت الصحيفة مثالا بما حدث في العراق، بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما سحب قوات بلاده من الأراضي العراقية في 2011، حيث بدأت بذرة تنظيم داعش الإرهابي تنمو على أنقاض تنظيم القاعدة، لينجح في السيطرة على مساحات واسعة هناك، فيما يعتقد أن عددا من كبار قادته لا يزالون على قيد الحياة.
ببساطة، بدأ داعش نفوذه بالسيطرة على مساحة صغيرة في سوريا والعراق، لكنه تحول نحو استراتيجية حرب العصابات، ما ساعده على بسط نفوذه فيما بعد على حوالي نصف الأولى (سوريا) وثلث الثانية (العراق)، وتحديدًا في 2014، وفقًا لـ"سيث جونز".
هجمات داخل المدن
ومع تزايد تآكل الخريطة الداعشية، بدأ التنظيم يتبع نظامًا جديدًا في مواجهاته، ووفقًا لحسن حسن الباحث بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، فإن عناصره منذ بداية 2016 صعدوا هجماتهم في المدن التي فقدوها؛ لكن هذه العمليات بدت كمحاولات لإلحاق الضرر بالحكام الجدد لتلك المدن.
ثم في 2017، انتقل التنظيم الإرهابي إلى أسلوبه المعتاد بتبني سياسة "التمرد"، تزامنًا مع فقدانه أكثر مراكزه الحساسة، وهي الموصل العراقية، وكان هذا معلنًا في مجلة النبأ التابعة له.
وقال مايكل نايتس، الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن التكتيكات الحالية لداعش تعكس استراتيجيته منذ عقد زمني، وأدت إلى ميلاده من جديد، قائلا: "أدركوا أنه ليس عليهم شن 6 آلاف هجمة كل شهر، لكن قتل 50 شخصًا مهمين في نفس المدن".
ورغم استمرار انضمام بعض العناصر للتنظيم، خصوصًا القادمة من الخارج، إلا أن هذه الأعداد لا تذكر عند مقارنتها بالأرقام السابقة التي كانت تقدر بآلاف القادمين من بلادهم البعيدة.
تراجع الهجمات
وفي الوقت الحالي، بدا ملاحظًا تراجع الهجمات في مناطق حيوية، مثل العراق، لكن هذا لا يعني أن التنظيم لم يعد قويًا، ففي 2018، بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي – آنذاك- حيدر العبادي، النصر على داعش، شن التنظيم أكثر من 1200 هجوم على دولته.
ليس هذا فحسب؛ بل يواصل أتباع داعش عمليات القتل حول العالم، من بينها حادث مدينة ستراسبورج الفرنسية، حيث قتل مسلح من عناصره 5 أشخاص، ثم بالهجوم على مطعم سوري في منبج، قبل مدة قصيرة، عاد التنظيم ليذكر العالم مرة أخرى بقدرته على شن هجمات مميتة.
ويقول شرفان درويش، الناطق الرسمي لمجلس منبج العسكري: "الجميع يعلم، وقلنا دائمًا، المعركة ضد داعش لم تنته، خطر التنظيم لم ينته، لا تزال هناك خلايا تعمل على إعادة تنظيم الصفوف".
ويرى خبراء أن البيت الأبيض بسيره في هذه الطريق الخطأ فإنه يساوي بين تراجع حجم الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم وحجمه الإجمالي، حيث قدرت ثلاثة تقارير صادرة العام الماضي عن الأمم المتحدة ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والمفتش العام بالبنتاجون أن أعداد عناصر داعش تتراوح بين 20 ألفًا إلى 30 ألفًا في العراق وسوريا وحدهما.