بصمات إرهابية لـ«داعش» تُخضّب 2024.. هل يعود من بوابة آسيا؟
في ظل أوضاع إقليمية شديدة التوتر، بدت مواتية لـ«داعش»، ليطل برأسه من جديد، عاد التنظيم الإرهابي ليوجه ضربات هنا وهناك، أوقعت عشرات القتلى والجرحى.
فبعد أيام من تبنيه تفجيرين انتحاريين وقعا الأسبوع الماضي، في مدينة كرمان بجنوب إيران قرب مرقد القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، أوقعا 91 قتيلا على الأقل، وعشرات الجرحى، عاد التنظيم الإرهابي بعملية أخرى لكن في أفغانستان.
ويوم السبت، تبنى «داعش» ولاية خراسان مسؤوليّة انفجار وقع في حافلة بحيّ شيعي في عاصمة أفغانستان، أوقع قتيلين اثنين وأدى لإصابة 14 آخرين.
وعن الهجوم، قال المتحدث باسم شرطة كابول خالد زادران إنّ الانفجار وقع في حيّ دشت برتشي، حيث يعيش أبناء طائفة الهزارة الشيعيّة، مضيفا «وفق المعلومات الأوّلية قُتل للأسف مدنيّان كانا في الحافلة وأصيب 14 آخرون ونُقلوا إلى مستشفى».
هجمات سابقة
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قُتل سبعة أشخاص بانفجار في حافلة في دشت برتشي تبنّاه تنظيم «داعش»، الذي يعتبر الشيعة «كفّارا».
وعلى الرغم من أن عدد التفجيرات والهجمات الانتحاريّة في أفغانستان انخفض بشكل ملحوظ منذ سيطرة حركة طالبان على السلطة في أغسطس/آب 2021، لكن ما زال عدد من الجماعات المسلّحة، بما في ذلك الفرع الإقليمي لتنظيم «داعش»، يشكّل تهديدا.
وسبق لإيران أن شهدت حوادث وتفجيرات أدت الى مقتل العشرات، تبنت غالبيتها تنظيمات انفصالية أو جماعات تصنّفها طهران «إرهابية»، إلا أن الهجوم الدموي الأخير سلط الضوء على المخاطر التي يشكلها تنظيم داعش على إيران وأفغانستان.
فهل يعود داعش من بوابة آسيا؟
بينما استهدف الهجوم الأخير في إيران الجموع التي كانت تحيي الذكرى الرابعة لمقتل قاسم سليماني بضربة جوية أمريكية فجر الثالث من يناير/كانون الثاني 2020، اعتبر مراقبون ذلك الاستهداف بمثابة محاولة من التنظيم الإرهابي للانتقام.
وبحسب المراقبين، فإنه ينسب إلى سليماني دور كبير في مواجهة تنظيم «داعش» بعد سيطرته على مساحات واسعة من العراق وسوريا خلال العقد المنصرم، ما يشير إلى أن الهجوم كان بمثابة إشارات إلى مساع من التنظيم الإرهابي للعودة من جديد.
وقال مسؤولون أمريكيون وبعض الخبراء إن فرع تنظيم داعش في أفغانستان (ولاية خراسان) أظهر طموحات كبيرة لشن هجمات في أوروبا.
تلك الطموحات دفعت المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إلى التأكيد، يوم الخميس الماضي، على أن «داعش خراسان لا يزال يمثل تهديدا إرهابيا قابلا للحياة».
وصنفت الولايات المتحدة داعش-خراسان كمنظمة إرهابية في عام 2016، وهو التصنيف الذي تطلقه واشنطن أيضا على التنظيم الأصلي والفروع الإقليمية التابعة له في أفريقيا والفلبين وبنغلاديش.
وتقول «وول ستريت جورنال» إن إعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن التفجيرات الانتحارية في إيران وأفغانستان هو مجرد إشارة إلى أن التنظيم الإرهابي لا يزال موجودا، مشيرة إلى أن قيادته المركزية وآلاف المقاتلين لا يزالون يواصلون العمل في العراق وسوريا.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن خلايا تنظيم داعش في سوريا نفذت 336 عملية خلال 2023، أسفرت عن مقتل 700 شخص من المدنيين والعسكريين، مؤكدا أن عمليات التنظيم الإرهابي شهدت زيادة في العام المنصرم، في محاولة منه لـ«إثارة الفوضى، وإرسال رسالة مفادها أن التنظيم سيظل باقيا».
تهديد متزايد
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن التنظيم الإرهابي لا يزال يمثل تهديدا متزايدا في غرب أفريقيا، حيث استولى على مساحات كبيرة من الأراضي في السنوات الأخيرة.
ونقلت الصحيفة عن آرون زيلين، زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قوله «استراتيجية داعش تتمثل في محاولة خلق الفوضى، والاستفادة من قتال الآخرين لبعضهم بعضا».
وأوضح أن الهجوم الذي شنه تنظيم داعش-خراسان الأخير في إيران يعد الثالث في البلد الآسيوي خلال الخمسة عشر شهرا الماضية، فيما أحبطت طهران العديد من العمليات الإرهابية الأخرى للتنظيم.
وبينما يعتبر نظام طالبان، الذي يتولى السلطة في أفغانستان منذ عام 2021، تنظيم داعش-خراسان منافسا له، مما دفعه لمحاربته وإضعافه، إلا أن زيلين قال إن «طالبان» أقل اهتماما من منع «داعش خراسان» من تنفيذ هجمات في الخارج.
ونفذ تنظيم داعش خراسان هجمات بشكل منتظم في باكستان، بما في ذلك تجمع سياسي في يوليو/تموز أدى إلى مقتل العشرات، كما نفذ ضربات صاروخية عبر حدود أفغانستان إلى أوزبكستان وطاجيكستان.
وتقول حركة طالبان إنها لا تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ضد دول أخرى، وأدانت الهجوم في إيران.
تقويض العلاقات؟
ويتحدث العديد من الأفغان، بما في ذلك زعيم تنظيم داعش خراسان شهاب المهاجر، اللغة الفارسية، وهي اللغة المستخدمة في إيران، وتشترك الدولتان في الحدود، ويعيش عدد كبير من المهاجرين الأفغان أيضا في إيران، مما يسهل على الجماعة العمل هناك، وفقا لعبد السيد، الباحث المستقل في شؤون الجهاد في المنطقة الأفغانية الباكستانية.
وأضاف أن تنظيم داعش-خراسان يهدف إلى استخدام الهجمات لتقويض العلاقات بين طهران وكابول، وهي علاقة متوترة بالفعل، متابعا «سيخلق ذلك ضغطا سياسيا كبيرا على طالبان».
وتنظيم القاعدة موجود أيضا في أفغانستان لكنه هش هناك، بعد أن قتلت غارة أمريكية بطائرة بدون طيار زعيمه أيمن الظواهري في كابول عام 2022.
وقال خبراء إن القيادة المركزية لتنظيم «داعش» تحدد أهدافا واسعة النطاق، وتصدر إعلانات، لكن الجماعات التابعة لها تتمتع بالاستقلالية في التصرف وفقا لتلك الأجندة.
وفي سوريا والعراق تعمل الجماعة في خلايا صغيرة، تواجه هجمات من الجيشين السوري والأمريكي. وقدرت الأمم المتحدة في منتصف عام 2023 أن التنظيم كان لديه ما بين 5000 إلى 7000 مقاتل متبقين في العراق وسوريا.
هجمات في الغرب
ويقول هانز جاكوب شندلر، المدير الأول في مشروع مكافحة التطرف -مركز أبحاث عبر الأطلسي- إن الجماعات الأخرى التابعة لـ«داعش» قد تضع خططا لشن هجمات في الغرب.
وأضاف أن تنظيم «داعش» يسيطر الآن على مساحة من الأراضي في غرب أفريقيا تعادل تقريبا ما كان عليه في ذروته في سوريا والعراق قبل نحو عشر سنوات، متابعًا: «مركز الثقل الآن هو أفريقيا، عاجلا أم آجلا سيكون هناك بعض التداعيات المروعة حقا».
aXA6IDE4LjIxOC4xMDguMjQg جزيرة ام اند امز