أطل برأسه من جديد.. هل باتت سوريا قاب قوسين من عودة داعش؟
رغم هزيمته رسميًا في العام 2019، إلا فإن "داعش" الذي لا يزال يتشبث بحلم العودة، شن العديد من الهجمات مؤخرا على المدنيين، محاولا إثبات أن آلته "الإرهابية" لم تتحطم بعد.
فمن حوادث اختطاف، مرورًا بمقتل العشرات من المدنيين إلى فرار سجناء من التنظيم الإرهابي، يستعد "داعش" لاستقبال الذكرى الرابعة لهزيمته رسميًا في سوريا عام 2019، بإعلان أنه ما زال موجودًا بإرهابه.
ورغم ذلك، إلا أن محاولات "الصحوة" التي يقودها عناصر من "داعش" قوبلت باستراتيجية "قطف الرؤوس" الأمريكية، التي أطاحت بالعديد من قياداته وكبدته خسائر كبيرة؛ كان آخرها مقتل اثنين من قياداته في شمال شرقي سوريا يوم الجمعة.
فماذا فعل "داعش" مؤخرًا؟
رغم خسارته معاقله في سوريا والضربات التي تعرض لها من التحالف الدولي ضد "داعش" بقيادة الولايات المتحدة، إلا أن التنظيم الإرهابي كثف في الأشهر الأخيرة من هجماته الدامية.
آخر تلك الهجمات، ما أعلنه التلفزيون السوري الرسمي، يوم الجمعة، من مقتل "53 شخصا كانوا يجمعون الكمأة، في هجوم لإرهابيي داعش جنوب شرق مدينة السخنة بشرق محافظة حمص".
ونقلت إذاعة "شام إف إم" القريبة من الحكومة عن وليد عودة مدير مستشفى تدمر الذي نقلت إليه جثث الضحايا أن بين القتلى سبعة عسكريين، في تصريحات أكدها المرصد السوري لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أنه بين القتلى سبعة عسكريين فيما البقية مدنيون.
وذكر المرصد السوري أن المهاجمين كانوا يستقلون دراجات نارية حين أطلقوا النار على ضحاياهم، في هجوم كان الأكثر دموية الذي يشنه التنظيم الإرهاب منذ أكثر من عام، حين هاجم سجنا في شمال شرق سوريا، وتحديدا في منطقة تسيطر عليها القوات الكردية.
وأسفر الهجوم يومها عن 373 قتيلا بينهم 268 "إرهابيًا" بعد معارك شرسة استمرت أياما عدة، وفق المرصد.
كما يأتي هجوم الجمعة، بعد أيام من تمكن نحو 20 سجينا من تنظيم "داعش" من الفرار من سجن في شمال غرب سوريا يحتجزون به.
فرار سجناء
جاء ذلك بعدما نفذ نزلاء السجن التابع للشرطة العسكرية في بلدة راجو قرب الحدود التركية، عصيانا، بعد الزلزال المدمر، وتمكن 20 منهم على الأقل من الفرار من المنشأة التي تضم نحو ألفي سجين، قرابة 1300 منهم أعضاء في تنظيم داعش، بحسب مصدر في السجن الذي تسيطر عليه فصائل موالية لتركيا، مشيرًا إلى أنه: "بعد أن ضرب الزلزال، بدأ عصيان من قبل السجناء الذين سيطروا على أقسام من السجن".
ومنذ إعلان القضاء على خلافته عام 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته، انكفأ التنظيم "الإرهابي" إلى البادية السورية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق حيث يتحصن مقاتلوه في مناطق جبلية.
وبين الحين والآخر، يشنّ مقاتلو التنظيم هجمات في البادية تستهدف خصوصا مقاتلين أكرادا وقوات النظام السوري، فيما تلاحق القوات الأمريكية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن قياديي التنظيم. وتشنّ بين حين وآخر غارات وعمليات دهم أو إنزال جوي ضد عناصر يشتبه بانتمائهم إلى التنظيم في سوريا.
آخر تلك العمليات، ما أعلنت عنه القيادة المركزية الأمريكية، يوم الجمعة، من شن غارة بطائرة هليكوبتر أسفرت عن مقتل حمزة الحمصي كان المشرف على شبكة تنظيم "داعش" في شرق سوريا.
ووفقا لمعلومات المرصد السوري، فإن القوات الأمريكية و"قسد" تمكنتا من قتل 3 أشخاص في موقعين منفصلين بريف دير الزور، بدعم جوي من مروحيات التحالف الدولي ضد "داعش".
عمليات دهم
وأشار المرصد السوري، إلى أن دورية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية مدعومة بالطيران المروحي التابع للتحالف الدولي، على علو منخفض، نفذت عملية مداهمة وإنزال جوي على أحد المنازل الواقعة بين بلدتي الصبحة وابريهة في ريف دير الزور الشرقي، بالتزامن مع قطع للطرقات.
ووفقاً لنشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد دعت القوات المهاجمة عبر مكبرات الصوت المستهدف لتسليم نفسه ويدعى مهند السراي الفدغم، إلا أنه رفض الاستجابة ليندلع اشتباك على إثرها بين الطرفين ومداهمة للمنزل مما أدى لمقتله.
وبحسب المرصد السوري، فإن "الفدغم" هو أحد القياديين في تنظيم "داعش" وقد سبق وأن جرى اعتقاله عدة مرات وإطلاق سراحه.
ووفق مراقبين، فإن استراتيجية "قطف الرؤوس"، أي الاستهداف المتزايد لقيادات "داعش"، قد تدفعه إلى مزيد من المناورات لإخفاء هوية عناصر الصف الأول، لكنها تضعف في نفس الوقت قدرات التنظيم بشكل كبير على شن هجمات وتهديد قوات الأمن أو المدنيين.
هل يعود داعش؟
تقول صحيفة ذا صن"، إن تنظيم "داعش" الذي لا يزال نشطًا يسعى إلى استغلال الفوضى التي أحدثها زلزال تركيا وسوريا للعودة من جديد، ونشر موجة من الرعب في المنطقة.
وسيطر تنظيم "داعش" في ذروة قوته على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، لكنه تراجع وتحطمت قواه بـ"هزيمة إقليمية بنسبة 100%" في عام 2019، على حد وصف الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن الخلايا الإرهابية المرتبطة بـ"داعش" ظهرت منذ ذلك الحين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بحسب صحيفة "ذا صن"، التي عبرت عن مخاوفها من أن يؤدي الزلزال الهائل الذي بلغت قوته 7.8 درجة إلى مساعدة "داعش" في سعيهم لاستغلال تلك الكارثة البيئية.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الوضع في كردستان - المنطقة التاريخية التي تمتد عبر أجزاء من تركيا والعراق وإيران وسوريا - يمكن أن يضع الأساس لعودة "داعش" على نطاق واسع.
الوضع المتقلب
وفي السياق نفسه، حذر الباحث المتخصص في شؤون كردستان وسوريا وتركيا غوني يلدز، من أن الوضع المتقلب يترك الباب مفتوحًا لعودة داعش، مشيرًا إلى أنه "إذا كان هناك فراغ سياسي في دولة ذات أغلبية مسلمة، فإن العودة ممكنة. إذا أزلت الإدارات التي يقودها الأكراد والقوات العسكرية من المعادلة، فلن تزداد عمليات داعش في سوريا فحسب، بل في جميع أنحاء العالم".
وفيما قال الباحث المتخصص في شؤون كردستان، إن عودة "آلة داعش" الإرهابية في خضم صراع جديد من تركيا "ممكنة تمامًا" ، حيث إن داعش لم "يهزم أيديولوجيًا"، حذر من احتمال زيادة المشاكل الأمنية والنشاط الإرهابي، مما قد يؤدي إلى موجة جديدة من اللاجئين تصل إلى 4 ملايين، ستكون على أبواب أوروبا.
فيما حذر الدكتور هامون كلغات دوست، أستاذ العلوم السياسية بجامعة لينكولن، من أن الزلزال سيسمح بعودة داعش إلى الظهور، مضيفًا: "ينصب تركيز تركيا وحلفائها بالكامل على كيفية الرد على الزلزال المدمر وعواقبه".
وتابع: "أي حدث، بما في ذلك الكوارث الطبيعية، يمكن أن يحول انتباه أي دولة إلى موضوع آخر غير تأمين حدودها هو موضع ترحيب كبير من قبل المنظمات المتطرفة مثل داعش".
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjk5IA== جزيرة ام اند امز