مقاتلو "داعش" الأجانب بمخيمات سوريا.. قنابل موقوتة وروشتة أوروبية لنزع فتيلها
رغم هزيمة "داعش" في سوريا والعراق، فإن نسخة أكثر شراسة من التنظيم الإرهابي المهزوم، بمثابة "القنابل الموقوتة" ما زالت تنتظر من ينزع فتيلها.
تلك القنابل الموقوتة تتمثل في المقاتلين الأجانب من "داعش"، الذين ترفض أو تؤجل الدول الأوروبية إعادتهم، متذرعة بالظرف الأمني الراهن، خاصة مع اتخاذ إجراءات وتدابير خاصة تتعلق بمكافحة الإرهاب وتنامي التحذيرات بشأن تأثير عودتهم على إضعاف تلك الجهود، خشية أن يتحولوا إلى حواضن جديدة للعنف والتطرف.
في المقابل، تتوالى الدعوات من جانب المؤسسات الدولية والجهات المعنية، إلى تلك الدول بتسريع إجراءات إعادة مواطنيها القابعين في المخيمات تحت ظروف إنسانية قاسية، خاصة في مخيم الهول، وتوفير بيئة مواتية لإعادة تأهيلهم نفسياً وفكرياً، للتوافق والاندماج في مجتمعاتهم، أو محاسبة المتورطين بقضايا عنف، وعدم تركهم فريسة للإرهاب.
أعداد الرعايا الأوروبيين في "داعش"
يقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في تقرير اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن الصراعات في سوريا والعراق اجتذبت أكثر من 40 ألف مقاتل أجنبي، سافروا إلى هذين البلدين للانضمام إلى صفوف "داعش" والجماعات المسلحة الأخرى.
ورغم عدم توفر أرقام دقيقة، فإن التقديرات الصادرة خلال 2023، تشير إلى أن ما لا يقل عن 5 آلاف مقاتل أجنبي قدموا من أوروبا، عاد بالفعل أكثر من 1500 إلى ديارهم، في حين أن هناك نحو ألف على الأقل قد لا يزالون في سوريا والعراق.
وبحسب المركز الأوروبي، فإن هؤلاء المسافرين لا يشملون "الإرهابيين" الذكور البالغين فقط، الذين غالبًا ما يكونون من ذوي الخبرة القتالية، لكن أيضًا النساء والأطفال، من خلفيات ودوافع مختلفة.
وأشار إلى أنه منذ سقوط داعش في الباغوز عام 2019، ما زال هناك أكثر من 7300 طفل من 60 دولة محتجزين في مخيمات الهول والروج شمال شرق سوريا، فيما يوجد في ملحق الأجانب بمخيم الهول وحده، حوالي 2038 عائلة أجنبية تتكون من حوالي 7600 امرأة وطفل أجنبي من 58 جنسية مختلفة.
وقدرت المفوضية الأوروبية أن أكثر من 40 ألف مقاتل انضموا إلى داعش، ويعتقد أن 5 آلاف منهم قدموا من أوروبا، عاد 30% منهم، وقتل 10% في مناطق القتال.
فما تحديات استعادة دول أوروبا رعاياها من مخيمات سوريا؟
يقول المركز الأوروبي، إنه منذ سقوط داعش في العراق وسوريا قبل أعوام، وما زال الجدل قائما حول استعادة المقاتلين الأجانب، مشيرًا إلى أنه بينما كانت هناك دعوات إلى الدول الأوروبية لإعادة هؤلاء المقاتلين الأجانب المحتجزين لدى قوات قوات سوريا الديمقراطية، رفضت معظم الدول الأوروبية حتى الآن إعادة مقاتليها الأجانب.
وأكد المركز الأوروبي، أن هناك مؤشرات على أن الحكومات الأوروبية تفعل ما في وسعها لمنع المقاتلين الأجانب من العودة، والاستفادة من الإصلاحات التشريعية التي وسعت سلطات الحرمان في السنوات الأخيرة، أو الشروع في إصلاحات جديدة لمنع وضع مماثل في المستقبل.
وغالباً ما يجادل معارضو استعادة المقاتلين الأجانب، بأنهم لن يكونوا قادرين على التعامل مع العائدين بسبب نقص القدرات والموارد.
ما تداعيات ترك أوروبا ودول أخرى رعايا في مخيمات سوريا؟
يقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إن المخيمات تعد بيئة خصبة لتنشئة جيل جديد من تنظيم داعش، ربما يتجاوز في شراسته ومخاطره وعملياته المتوقعة التنظيم الأول.
تلك النسخة، بحسب مراقبين، ستكون "انتقامية"، وتستهدف بشكل أساسي الثأر لذويهم من جميع الدول التي شاركت في إسقاط التنظيم بما فيها الدول الأوروبية.
وبحسب المركز الأوروبي، فإن المخيمات أصبحت خطرة وعنيفة بشكل متزايد؛ فالمحتجزون بمن فيهم العديد من الموالين لداعش، نفذوا هجمات ضد محتجزين آخرين وسلطات المخيمات وعمال الإغاثة، فيما أفادت الأمم المتحدة أن 90 شخصا قتلوا في الهول عام 2021، و42 من يناير/كانون الثاني إلى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
ويقول التقرير الأوروبي، إن ترك المقاتلين الأجانب داخل المخيمات يعزز زيادة النزوح نحو التطرف العنيف والإرهاب، مشيرًا إلى أنه على الدول عدم ترك الأطفال وكذلك النساء وحتى البالغين، ومن الضروري إعادتهم وإخضاعهم الى المحاكمات العادلة لمن تورط بالإرهاب وجرائم داعش.
وكان فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب قال في 9 أغسطس/آب 2022، إن إرهابيي "داعش" يحاولون استغلال الوضع في أوكرانيا لشن هجمات في أوروبا.
وأشار فورونكوف إلى أن تنظيم "داعش" الإرهابي يدعو أنصاره إلى تنظيم هجمات في أوروبا، مستغلا الوضع في أوكرانيا، مضيفًا: "رغم أن ملاحظة الوجود النشط (للمتطرفين) وأنشطتهم بشكل رئيسي في المجتمعات المتأثرة بالصراعات العنيفة، فإن داعش والعناصر المرتبطة به تسعى أيضا إلى التحريض على الهجمات في مناطق أخرى من أجل زرع الخوف وإظهار القوة".
روشتة أوروبية:
يقول المركز الأوروبي، إن ملف المقاتلين الأجانب يمثل خطرًا كبيرًا، بمواجهة الدول الأوروبية والعالم أجمع عند تركه دون معالجة، في ضوء محاولات تنظيم داعش للعودة مجدداً داخل حدوده التقليدية في سوريا والعراق، بالاعتماد على عوائله داخل المخيمات بشكل أساسي، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي يحاول أيضاً استغلال حالة الانفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي الناتجة عن الأزمة الأوكرانية لاستهداف الدول الأوروبية.
وطالب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، الدول الأوروبية بتفعيل استراتيجية شاملة لاستعادة رعاياها من المخيمات، وبشكل خاص الأطفال، الذين فقدوا كافة حقوقهم السياسية والاجتماعية، وأصبحوا موضع استغلال من جانب عناصر التنظيم الإرهابي.
وأكد ضرورة أن تشمل الخطة الأوروبية برامج متكاملة للمحاسبة القضائية للمتورطين بجرائم عنف، أو من يحملون أفكاراً متطرفة، إلى جانب برامج تأهيل نفسي واجتماعي وفكري لمعالجة التشوهات النفسية والفكرية لدى الأطفال الذين نشئوا داخل المعسكرات أو المخيمات.
وشدد على ضرورة أن يحظى ملف المقاتلين الأجانب بمراجعة حاسمة، خاصة أن العالم يواجه محاولة جديدة لإحياء التنظيم، ربما ستكون الأكثر خطورة في التاريخ.
وأكد أنه في حين أدت قيود إغلاق كورونا في العراق وسوريا إلى انخفاض الهجمات خلال عام 2022، فإن "داعش" يستعد الآن لشن هجمات معقدة بشكل متزايد في جميع أنحاء العراق وسوريا.
وشدد على ضرورة معالجة القضايا السياسية الأعمق مثل تخفيف التوترات بين القوات الشريكة، واجتثاث الفساد وتعزيز القدرة المحلية على الحكم.
aXA6IDE4LjIyMS4yMzAuNCA=
جزيرة ام اند امز