كيف نشر "داعش" وحشيته في العالم خلال 2016؟
رغم انخفاض وتيرة الإرهاب في العالم خلال 2016 عن العام الذي سبقه، إلا أن تنظيم "داعش" استحدث أشكالا وأسلحة جديدة لنشر الفوضى والوحشية.
بينما كانت هواجس الحرب العالمية الثالثة تطرق أبوابا أغلقت قبل 7 عقود عند نهاية الحرب العالمية الثانية، بدا كوكب الأرض في عام 2016 كساحة لعروض مسرح العبث؛ الحركة الفنية التي نضجت تحت إلحاح الشعور بفقدان الثقة بالآخرين، تلك المشاعر التي تكفل بإضرامها أبناء الخليفة المزعوم أبوبكر البغدادي، الذين تفرغوا لـ"إدارة التوحش".
المقاتلات تزاحمت في سماء الشرق الأوسط، فيما الذئاب المتوحدة كانت تجوس عبر الطرقات، جاعلة من كل شيء تقريبا أدوات للقتل.. سكاكين المطبخ، شاحنات نقل البضائع، الهواتف المحمولة، ألغام علاها الصدأ، أطفال ولدوا تحت رايات وهم "الخلافة".
فرنسا
على الخارطة بدت فرنسا خاصرة أوروبا الرخوة، وقد عاجلها شاب مغربي يحمل ساطورا، هاجم به مركزا للشرطة في العاصمة باريس، دون سقوط ضحايا، بعد أن تمكن شرطي من قتل الشاب العشريني الذي ارتبط بهجمات سابقة جنوب البلاد.
الحادث الذي وقع في 7 يناير/كانون الثاني، جاء متزامنا مع الذكرى الأولى للهجوم على مقر الصحيفة الساخرة شارلي إبدو، وبعد أسبوع فقط من محاولة شخص يحمل سكين الاعتداء على رجال شرطة يقومون بحراسة مسجد في مدينة فالانس.
لكن أول الضحايا سقط في يونيو/حزيران حينما عثرت السلطات الفرنسية على شرطي فرنسي وزوجته مذبوحين داخل منزلهما بمدينة ماينانفيل، إحدى ضحايا العاصمة باريس.
وبحلول منتصف يوليو/تموز دشن التونسي محمد لحويج بوهلال (31 عاما) دخول الشاحنات على قائمة أسلحة الإرهاب، بعدما قاد شاحنة باتجاه حشود الفرنسيين الذين خرجوا للاحتفال بيوم العيد الوطني لفرنسا، مخلفا 84 قتيلا وعشرات الجرحى.
كان هجوم نيس هو الأعنف منذ هجمات باريس التي وقعت في 13 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، وأسفرت عن مقتل 130 شخصا،
فيما لا يزال من غير المعلوم ما إذا كان الضحايا الـ66 الذين قضوا في مايو/أيار، بعد تحطم طائرة مصر للطيران فوق مياه البحر المتوسط قبالة شواطئ الإسكندرية وهي قادمة من مطار شارل ديغول، سوف يدرجون على قائمة ضحايا الإرهاب أم لا، في ضوء الخلاف المصري الفرنسي حول أسباب تحطم الطائرة.
ألمانيا
في ألمانيا كانت عزلة المستشارة أنجيلا ميركل تتكرس يوما بعد يوم خلال عام 2016، فالمرأة الحديدية التي تحدت صرخات اليمين الأوروبي بتعاطيها الإيجابي مع أزمة اللاجئين الذين تدفقوا باتجاه بلادها، لم تتمكن من الصمود أمام سلسلة الهجمات الإرهابية في ألمانيا نفسها وعبر أوروبا.
ففي فبراير/شباط الماضي، أصيب شرطي ألماني بعد أن طعنته بسكين فتاة تبلغ من العمر 15 عاما في محطة هانوفر للقطارات. وقبل مرور 3 شهور قتل شخص وأصيب 3 آخرون خلال عملية طعن نفذها مواطن ألماني في محطة قطار بمدينة ميونيخ في مايو/أيار.
وفي يونيو/حزيران، قتلت الشرطة الألمانية رجلا احتجز 25 رهينة في دار للسينما بمدينة فيرنهايم غربي ألمانيا. فيما أصيب 4 أشخاص في عملية طعن نفذها شاب أفغاني في قطار لنقل المسافرين قرب فورتسبورغ جنوبي ألمانيا، قبل أن تقتله الشرطة في 18 يوليو/تموز؛ الشهر الذي شهد معدلا غير مسبوق للعمليات الإرهابية.
وبعد 4 أيام فقط أطلق عدة مسلحين النار عشوائيا في مجمع أولمبيا التجاري بمدينة ميونيخ، وأسقطوا 9 قتلى و21 جريحا، في مساء 22 يوليو/تموز. وبعد يومين من الحادث قتلت امرأة وأصيب شخصان في هجوم بمدينة رويتلينجن الألمانية، عشية هجوم بمدينة أنسباخ أصيب خلاله 12 مواطنا.
وبحلول ديسمبر/كانون الأول كان تونسي آخر يدعى أنيس عماري (24 عاما)، يقود شاحنة أخرى ليدهس بها حشدا من المواطنين الألمان خرجوا للتسوق في برلين، مخلفا 12 قتيلا و50 جريحا. أما عماري نفسه فقتل لاحقا خلال ملاحقته في مدينة ميلانو الإيطالية.
الولايات المتحدة
نجت الولايات المتحدة خلال النصف الأول من عام 2016 من الاعتداءات الإرهابية، قبل أن يستيقظ الأمريكان على أسوأ حادث إرهابي منذ هجمات 11 سبتمبر.
ففي يونيو/حزيران قتل شاب من أصول أفغانية يدعى عمر متين، 50 شخصا وأصاب 53 آخرين، في هجوم مسلح على ملهى ليلي للمثليين بمدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا.
ولم تشهد ولايات شرق أمريكا أي هجمات إرهابية حتى سبتمبر/أيلول، عندما اندلعت موجة متزامنة من الاعتداءات في 3 ولايات مختلفة أسفرت عن وقوع 37 مصابا، بين جروح بالطعن أو جروح متباينة إثر انفجار مدو.
بدأت تلك الهجمات بانفجار قنبلة على طريق مخصص للسباقات في ولاية نيوجيرسي أقيم في موعد سباق آخر لقوات المارينز كان قد تم تأجيله بعد العثور على حقيبة مشبوهة بالقرب من مضمار السباق، ما أدى إلى إلغائه، ولم تقع أي إصابات.
وتوالت الهجمات بانفجار آخر في حي مانهاتن المكتظ بولاية نيويورك أسفر عن وقوع 29 مصابا، فيما عثر على عبوة ناسفة أخرى لم تنفجر.
الهجوم الثالث وقع في ولاية مينيسوتا، عندما انطلق رجل بسكين، في مول تجاري وطعن 8 أشخاص قبل أن يرديه ضابط شرطة خارج الخدمة.
السعودية
تراجعت وتيرة العمليات الإرهابية في السعودية خلال عام 2016، لكنها شهدت تحولا نوعيا. ففي يوليو/تموز استهدفت أذرع الإرهاب للمرة الأولى الحرم النبوي الشريف، وقبل يومين فقط من عيد الفطر المبارك، حينما فجر إرهابي نفسه بالقرب من دورية للشرطة مخلفا 4 قتلى و5 مصابين.
لكن العمليات الإرهابية كانت قد بدأت في يناير/كانون الثاني؛ حيث أوقع هجوم استهدف مسجد "الإمام الرضا" في مدينة الأحساء بالمنطقة الشرقية 4 قتلى و18 جريحا، واستخدمت في الهجوم أسلحة رشاشة وقنابل قبل أن يفجر الانتحاري نفسه.
وفي إبريل/نيسان 2016، ألقى مجهولون عبوات ناسفة تستهدف مركزا للشرطة في مدينة الدلم جنوب الرياض، وقتل في الهجوم أحد الوافدين إلى السعودية.
الأردن
بدت الأردن أكثر صخبا خلال 2016، ففي مارس/آذار قتل ضابط أردني و7 متطرفين وأصيب آخرون، في عملية أمنية بمدينة إربد شمالي البلاد.
وقال رئيس الوزراء الأردني وقتها عبدالله النسور إن "عناصر الخلية مرتبطة بتنظيمات إرهابية وكانت خططت للتعدي على أمن الوطن والمواطنين".
وفي يونيو/حزيران هاجم مسلح مركزا للمخابرات الأردنية قرب مخيم البقعة شمال عمان، وأوقع الهجوم 5 قتلى من عناصر المخابرات. وقرب نهاية الشهر نفسه وقع انفجار بالقرب من مخيم الرقبان للاجئين السوريين أسفر عن مقتل 6 عسكريين أردنيين.
لكن المشهد الأكثر دموية جاء في ديسمبر/كانون الأول حينما هاجم مسلحون، مركزي أمن في محافظة الكرك، جنوبي البلاد، قبل أن يتحصنوا داخل قلعة الكرك التاريخية، ويتبادلون إطلاق النار مع قوات الأمن التي هرعت إلى المكان، مما أسفر عن سقوط 10 قتلى بينهم 7 رجال أمن وسائحة كندية وإصابة 28 آخرين.
مصر
تبدل المشهد في القاهرة بنهاية العام، حينما فجر إرهابي نفسه في قاعة للصلاة بإحدى كنائس وسط القاهرة على بعد خطوات من المقر الباباوي، مخلفا 27 قتيلا وعشرات الجرحى.
وكانت نذر التحولات الاستراتيجية في حركة التنظيمات الإرهابية في مصر تتجلي رويدا رويدا منذ منتصف العام، لكن دوي انفجار الكنيسة البطرسية قطع بأن شيئا جديدا يحدث وأن البلاد ربما تشرف على مرحلة متمايزة عن السنوات الثلاثة الماضية.
ورغم تراجع العمليات الإرهابية في سيناء لحد بعيد، شهدت شبه الجزيرة أيضا استعادة لعمليات الإغارة على الكمائن الثابتة، وللمرة الأولى يستهدف كمين في منطقة بئر العبد الذي ظل بمنأى عن الهجمات التي تركزت في مثلث رفح الشيخ زويد العريش.
وبعد حادث الكنيسة البطرسية أعيد قراءة العمليات الإرهابية من منظور مختلف، فبدا أن عمليات استهداف مشايخ الطرق الصوفية في سيناء مؤشرا على دخول عناصر جديدة على بنك أهداف الجماعات الإرهابية.
الأمر نفسه تكرر مع اغتيال العميد عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة مدرعات شرق القاهرة، في عملية هي الأولى من نوعها ضد ضباط كبار في الجيش خارج مثلث العمليات في سيناء.
كما أظهرت محاولتا اغتيال مفتي البلاد السابق علي جمعة، والنائب العام المساعد زكريا عبدالعزيز، قدرات جديدة لتنظيمات هامشية سرعان ما تأكدت مع تنفيذ عملية تفجير لكمين أمني غرب القاهرة أودى بحياة 6 شرطيين قرب نهاية العام، في إشارة على أن عاما مقبلا قد يكون هو الأكثر صعوبة في الحرب على الإرهاب.
aXA6IDMuMTM5LjY3LjIyOCA= جزيرة ام اند امز