المركز الإسلامي بهامبورج.. ذراع إيران لنشر التطرف بأوروبا
من خلال هذا المركز تحاول إيران تصدير ثورتها، التي لا تتوافق مع الدستور الألماني والنظام الديمقراطي في أوروبا.
كشف تقرير لهيئة حماية الدستور الألماني "الاستخبارات الداخلية"، عن التهديد الذي تشكله شبكات طهران للأمن الداخلي للبلاد، ويطال دولا أوروبية أخرى.
وأشار إلى أنه من أهم هذه الشبكات المركز الإسلامي في مدينة هامبورج شمال غرب البلاد.
ولسنوات طويلة، فشلت برلين في احتواء النفوذ الإيراني المتزايد على أراضيها، حيث استطاعت طهران تكوين شبكة واسعة ومترامية الأطراف في الأراضي الألمانية، وتخضع إداريا وتنظيميا للمركز الإسلامي في هامبورج.
وفي هذا الإطار، ذكر تقرير هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" لعام ٢٠١٨، الصادر صيف 2019، أن "المركز الإسلامي في هامبورج أسس شبكة واسعة في عموم الأراضي الألمانية، تمارس نفوذا كبيرا على الجاليات الشيعية المنحدرة من جنسيات مختلفة، وتضم المساجد والمراكز الثقافية الشيعية، إلى حد يصل للسيطرة الكاملة".
وفي 21 أغسطس/آب 2017، قالت الحكومة الألمانية في مذكرة رسمية للبرلمان إن "محتوى رسائل وخطب المركز الإسلامي في هامبورج تعد نتاجا للاتصالات بين المركز وإيران".
وتابعت "في محتوى خطب المركز، تحاول طهران تصدير ثورتها، وهذا هدف أساسي للدولة الإيرانية، لكنه لا يتوافق مع الدستور الألماني والنظام الديمقراطي".
ووفق تقرير لموقع "جوت" الألماني الخاص، فإن المركز الإسلامي يخضع لرقابة هيئة حماية الدستور في ألمانيا منذ 26 عاما، لكن رغم ذلك استطاع والمنظمات التابعة له، تحقيق قدر من التقبل المجتمعي لأدواره، وممارسة نفوذ سياسي حتى داخل البلدية.
وأوضح الموقع "هذا التقبل المجتمعي والنفوذ السياسي ليس صدفة على الإطلاق، بل نتاج مخطط مدروس جيدا، تعمد طهران من خلاله توسيع شبكتها في أوروبا، وليس ألمانيا وحدها".
وأضاف: "وبالفعل، بات المركز الإسلامي في هامبورج شريكا ليس فقط للبلدية، بل أيضا للكنائس في الولاية".
وظهر هذا التقبل المجتمعي والسياسي جليا، في حفل إفطار أقامه المركز، خلال شهر رمضان الماضي، حضره سياسيون وصحفيون ورموز مجتمع في هامبورج.
ويعد المركز أحد أهم أركان منظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية في ألمانيا (أسست في 2009)، ورغم أن الأخيرة هي الأكبر نظريا، لكن ما يحدث في الواقع هو العكس، حيث يتحكم المركز في هذه المنظمة، ويحركها لتحقيق أهدافه الخبيثة.
وجاء في مذكرة الحكومة المرسلة للبرلمان في أغسطس/أب 2017 أن كل المنظمات والمساجد الألمانية التي تخضع للنفوذ الإيراني، تعمل نظريا تحت مظلة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية، لكن المركز في هامبورج هو المحرك الأساسي لها.
وفي برلين وحدها، توجد 24 مؤسسة شيعية تابعة لإيران، تدير 15 مسجدا، فيما يبلغ عدد المؤسسات والمساجد الشيعية في عموم ألمانيا 150، كما توجد 100 قيادة شيعية في هامبورج.
وإذا كان المركز الإسلامي في هامبورج، يخضع لرقابة الاستخبارات الداخلية منذ 26 عاما، فإن منظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية، لا تخضع للرقابة.
ففي ربيع 2018، استقبل الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، ممثلين لمنظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية، في القصر الرئاسي ببرلين.
وبعد ذلك بـ8 أشهر، قالت الحكومة الألمانية، في مذكرة أخرى للبرلمان، إن عددا من المنظمات الشيعية التي تتبع منظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية، مرتبطة بحزب الله اللبناني.
ويرى مراقبون أن المركز في هامبورج، أسس منظمة المجتمع الإسلامي لإبعاد الأنشطة الإيرانية في ألمانيا عن أعين الرقابة واختراق المجتمع بوجه جديد.
كما أسس فرعا جديدا له في جنوب ألمانيا، يعرف بـ"الرابطة الإسلامية في بافاريا"، للترويج للتطرف وغرس النفوذ الإيراني في المنطقة.
وذكر تقرير فرع هيئة حماية الدستور في إقليم بافاريا في 2018 إن "الرابطة الإسلامية تعد نقطة تجمع للشيعة في المنطقة".
ووفق موقع جوت الألماني، فإن منظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية حصلت على تمويل أوروبي في 2019، بلغ 137 ألف يورو، رغم المخاوف الأمنية المحيطة بها.
فيما حصلت نفس المنظمة على تمويل من الحكومة الألمانية في الفترة بين 2016 و2019، بلغ 120 ألف يورو في إطار برنامج "الديمقراطية" الذي يرمي لمواجهة التطرف الديني.
وخلال الأعوام الماضية، وسعت إيران شبكتها في أوروبا انطلاقا من الأراضي الألمانية، حيث أسست في أكتوبر/تشرين الأول 2015، مسجد كوبنهاجن في الدنمارك، الذي يخضع مباشرة للمركز الإسلامي في هامبورج، وفق تصريحات صحفية للخبير الألماني في الشؤون الإيرانية، كريستيان أوستهولد.
ويقول أوستهولد إن برلين تعي جيدا دور المركز الإسلامي في هامبورج، وتعتبره أهم مركز تمثيل للحكومة الإيرانية في ألمانيا، وأحد أهم مراكز البروباجندا الإيرانية في أوروبا.
وأضاف: "في حين أن برلين تحاول حل أزمات إيران الدولية، إلا أنها تفشل داخليا في وقف أنشطة إيران، بل تعامل منفذيها كشركاء سياسيين".
وأكد أوستهولد أنه "من هامبورج، تدير أذرع إيران المعادية للدستور، أنشطة طهران، وتنجح في إخفاء نواياها الحقيقية وبيع صورة مزيفة للمجتمع الألماني".